إحياء القديم أم اتفاق بديل؟4 أسئلة لفهم مفاوضات الملف النووي الإيراني والسيناريوهات المحتملة

Iran's Deputy Foreign Minister and Chief Nuclear Negotiator Ali Bagheri Kani meets with Deputy Secretary General of the European External Action Service (EEAS), Enrique Mora, in Tehran
مورا (يسار) مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كاني في مقر الخارجية الإيرانية (رويترز)

الجزيرة نت- خاص

بعد شهرين من توقفها، أعلن الجانبان الأوروبي والإيراني الاتفاق على استئناف مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، وذلك تزامنا مع مباحثات أجراها المنسق الأوروبي للمفاوضات النووية إنريكي مورا مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كاني في مقر الخارجية الإيرانية.

وعلى ضوء الزيارة، تحدث مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن إعادة فتح ملف المفاوضات النووية واحتمال التوصل إلى اتفاق نهائي، في حين غرّد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على تويتر بأن "الاتفاق الجيد والجدير بالثقة في متناول اليد، إذا اتخذت الولايات المتحدة قرارها السياسي والتزمت بتعهداتها"، لكن من دون الإدلاء بمزيد من المعلومات.

واستشرفت الجزيرة نت في 4 أسئلة آراء دبلوماسيين وأكاديميين في طهران، من أجل عرض مقاربة تساعد على فهم العوامل المؤثرة في استئناف المفاوضات النووية، والسيناريوهات المحتملة بشأن الملف النووي الإيراني.

European Union for Foreign Affairs and Security Policy Josep Borrell speaks to the media during a news conference in Panama City
بوريل أعلن إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي (رويترز)

ما العوامل التي لعبت دورا في إقناع أطراف الاتفاق النووي على استئناف مفاوضات فيينا؟

يری الدبلوماسي الإيراني السفير السابق لدى كل من النرويج وسريلانكا والمجر، عبد الرضا فرجي راد، أن التطورات الداخلية في كل من إيران والولايات المتحدة دفعت الجانبين الأساسيين في مفاوضات فيينا إلى إظهار مرونة في مواقفهما، إلى جانب مستجدات الأزمة الأوكرانية التي لطالما حثت الجانب الأوروبي على الدفع باتجاه حل الملفات الشائكة بين طهران وواشنطن.

وأشار الدبلوماسي الإيراني -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالولايات المتحدة تشكل دافعا مهما للإدارة الديمقراطية على مواصلة المفاوضات وحسم الملف النووي الإيراني، مضيفا أن مشروع الحكومة الإيرانية الأخير لجراحة الاقتصاد ورفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية الذي أدى إلى مضاعفة الأسعار له دور لافت في حث طهران على مواصلة المفاوضات لرفع العقوبات وتحسين معيشة المواطن.

كما تشكل الحرب الروسية على أوكرانيا حافزا لدفع الجانب الأوروبي، على تحريك المياه الراكدة والعمل على تقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة لحلحلة القضايا الشائكة بينهما، وفق فرجي راد الذي يصف زيارة مورا إلى طهران بأنها تعبير عملي عن موافقة واشنطن على المطالب الإيرانية.

ما طبيعة الاتفاق المحتمل بشأن النووي الإيراني؟

يعتقد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، رحمان قهرمان بور، أن الحرس الثوري أضحى القضية الشائكة الأبرز في المفاوضات النووية المقبلة، وأن كيفية الاتفاق على التعامل مع هذا الملف سيخلف تداعيات كبيرة في إيران وأميركا، لافتا إلى أن تراجع أي من الجانبين عن مطالبه بشأن الحرس الثوري سينعكس سلبيا على سياسته الداخلية.

وأشار قهرمان بور –في حديثه للجزيرة نت- إلى تضارب الآراء في كل من إيران والولايات المتحدة بشأن شطب الحرس الثوري من لائحة الإرهاب من عدمه، كاشفا عن طرح بعض أطراف المفاوضات النووية مقترحا يقضي بتفكيك الحرس الثوري من فيلق القدس وشطب اسم الأول من قائمة الإرهاب وإبقاء الثاني فيها، مستدركا أن المباحثات بهذا الشأن لم تنجح بعد.

وتوقع أن تتمحور طبيعة المفاوضات النووية حول حلول موقتة تحت عنوان "التوقف مقابل التوقف"، تمهيدا لتهيئة الظروف لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خلال الأشهر القليلة المقبلة، موضحا أنه في حال الاتفاق على اتفاق بديل موقت، حينها ستقبل طهران بتنفيذ تعهدات محددة، وفي المقابل سوف تتعهد واشنطن برفعها عددا من العقوبات لا سيما بيع النفط واطلاق سراح الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج.

ما السيناريوهات المحتملة بشأن مستقبل المفاوضات النووية في فيينا؟

يرى الدبلوماسي الإيراني السفير الأسبق في بريطانيا، جلال ساداتیان، أنه رغم تفاؤل الجانب الأوروبي باستئناف مفاوضات فيينا، فإن من شأن التطورات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط والأزمة الأوكرانية أن تبدد الآمال بإحياء الاتفاق النووي، مؤكدا أن المحادثات المتواصلة بشأن النووي الإيراني تتجاوز الملف النووي إلى ملفات إقليمية ودولية أخرى منها الانتقام لقائد فيلق القدس قاسم سليماني وشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب.

وأوضح ساداتيان -في حديثه للجزيرة نت- أن السيناريو الثاني بشأن النووي الإيراني هو عودة أطراف الاتفاق النووي إلى طاولة المفاوضات في فيينا، مؤكدا أن انتقال الجانبين الإيراني و الأميركي إلى المفاوضات المباشرة سوف يسرع من وتيرة التوصل إلى اتفاق محتمل.

وبالرغم من أن شبح فشل المفاوضات –في حال انطلاقتها- لا يزال يخيم على أجوائها ويشكل السيناريو الثالث، وفق الدبلوماسي الإيراني، فإنه يواصل مستدركا أن حظوظ التوصل إلى اتفاق في فيينا باتت أكبر من أي وقت مضى وأن السيناريو الرابع هو المحتمل في الفترة المقبلة.

ما أسباب وتداعيات احتجاز مورا في مطار فرانكفورت الألماني وهو في طريقه من طهران إلى بروكسل؟

"فرحة بوريل المتسرعة بنجاح الجانب الأوروبي في تحريك المياه الراكدة، والقلق الصهيوني من حلحلة الملف النووي الإيراني ورفع الضغوط الدولية عن طهران كانا سببا رئيسيا وراء احتجاز مورا في ألمانيا"، وفق الدبلوماسي الإيراني عبد الرضا فرجي راد.

وكان المنسق الأوروبي للمفاوضات النووية إنريكي مورا كتب على حسابه في تويتر -أول أمس الجمعة- أن الشرطة الألمانية احتجزته لفترة قصيرة من دون تفسير في مطار فرانكفورت وهو في طريقه إلى بروكسل، مضيفا أن الشرطة الألمانية أطلقت سراحه بعد 20 دقيقة بعد أن أخذت جواز سفره وهواتفه.

ووصف فرجي راد -في حديثه للجزيرة نت- الخطوة الألمانية بحق الدبلوماسي مورا الذي يحمل جواز سفر دبلوماسيا إسبانيا، بـ"الخطأ الكبير"، مؤكدا أن مرور الوقت سيكشف عن خبايا هذا السلوك الألماني مهما حاولت برلين تبريره.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، طالب الإيرانيون حكومتهم بإدانة الخطوة الألمانية نظرا إلى أن مورا كان ضيفا رسميا في طهران.

من جانبه، طالب عبد الله كنجي، مدير صحيفة "جوان" (التابعة للحرس الثوري)، حكومة بلاده بعدم التزام الصمت حيال ما تعرض له ضيفها في ألمانيا، في حين شدد الأكاديمي رضا نصري على ضرورة عدم السماح لبعض الدول بالضغط على ضيوف طهران، وحث الأخيرة على طلب إيضاحات عن الحادثة من برلين.

المصدر : الجزيرة