غضب من تكرار وفاة المعتقلين في السجون المصرية دون إبلاغ ذويهم

أبراج مراقبة في سجن طرة في الضواحي الجنوبية للعاصمة المصرية القاهرة (الفرنسية)

القاهرة- في واقعة وصفها حقوقيون ونشطاء بـ"المؤسفة وغير الإنسانية"، توفي سجين داخل أحد السجون المصرية دون إبلاغ ذويه الذين اكتشفوا خبر وفاته بمحض الصدفة أثناء الزيارة المقررة له، وذلك بعد أسبوع من وفاته في محبسه ونقل جثمانه إلى أحد المستشفيات.

وكشفت مواقع حقوقية عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي أن السجين يدعى تامر فكري جمال الدين (50 عاما) وهو خطيب وإمام مسجد وله 5 أولاد وينحدر من قرية كرداسة بمحافظة الجيزة، وكان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات في قضية تعود لسنة 2017، وتوفي في سجن المنيا (جنوب القاهرة).

وقال المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار، عبر صفحته بفيسبوك، إنه من المؤلم أن يتوفى شخص داخل المعتقل ولا يعلم أهله بوفاته إلا صدفة أثناء زيارتهم المعتادة له في محبسه، لافتا إلى أن الواقعة تكررت خلال العامين الماضيين مع عدد من المعتقلين.

وأكد العطار أن عدم إبلاغ إدارة السجن ذوي المحبوس بوفاته مخالف للدستور والقانون والإنسانية، وأنه لم تتم محاسبة أي من المسؤولين الأمنيين بسبب مخالفتهم لمهام وظيفتهم التي تحتم عليهم إبلاغ أهل المعتقل بوفاته واستلام جثمانه والسماح بالقيام بإجراءات الدفن، وفق اللوائح والقوانين الخاصة بالسجون.

وانتقد الحقوقي المصري غياب دور النيابة في الوقوف على مثل تلك الوقائع ومحاسبة المقصرين، معربا عن مخاوفه من استمرار تكرار تلك الوقائع المؤسفة.

ونقل موقع "مدى مصر" (مستقل) عن عدد من المحامين قولهم إن هذه ليست المرة الأولى التي يموت فيها سجين دون قيام سلطات السجن بإبلاغ عائلته، مشيرا إلى وقوع قضية مماثلة الشهر الجاري حيث لم يبلغ سجن المنيا عائلة السجين محمد عبدالحميد (محمد كمال) بوفاته، ولم تعلم العائلة بها إلا بعد 9 أيام خلال الزيارة، وفق المحامي خالد المصري.

وإلى جانب عدم قانونيته، وصف المحامي أحمد حلمي سلوك إدارة سجن المنيا بأنه "غير لائق، وغير إنساني، ويرسم صورة سيئة عن تلك الإدارة"، مضيفًا أنه لا يعتقد أنها ستواجه أي عواقب نتيجة عدم إبلاغها عائلة جمال الدين بالوفاة، بحسب الموقع ذاته.

وانتقد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي "استمرار الانتهاكات بحق المعتقلين، أحياء وأمواتا، ومعاقبة ذويهم بعدم إبلاغهم بخبر الوفاة، قائلا إن ما يجري إمعان في التنكيل بهم، وإهدار للقوانين والحقوق والدستور ولوائح السجون، ويتنافى مع أبسط القيم الإنسانية".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أنه ليس هناك ما يدعو سلطات السجن في مصر إلى التكتم على إبلاغ أهل المعتقل بخبر وفاته، خاصة أنه في قبضتهم، إلا أن يكون الأمر متعمدا وممنهجا، ويهدف إلى خلق حالة من الذعر بين أهالي وذوي المحبوسين.

وأشار بيومي إلى أن هذا النهج المخالف للوائح السجون، غير معتاد وغير مألوف، ولم يظهر إلا خلال السنوات القليلة الماضية، وهو انتهاك صارخ لحقوق المعتقلين وذويهم.

وحظيت الواقعة بتفاعل واسع من قبل المحامين والحقوقيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوا عدم إبلاغ سلطات السجن ذوي المعتقلين بوفاتهم وتركهم لعنصر المفاجأة بالمؤسف والمؤلم وشديد الوطأة والأثر على أسرهم.

وبوفاة تامر فكري في محبسه هذا الشهر يرتفع عدد حالات الوفاة داخل السجون ومراكز الاحتجاز في مصر إلى 5 منذ بداية العام الجاري، بحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا.

وكانت منظمات حقوقية مصرية وثقت وفاة نحو 60 محتجزا العام الماضي، معظمهم جراء الإهمال الطبي المتعمد، واستمرار سياسة الحرمان من الرعاية الصحية، وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن.

 

المصدر : الجزيرة