بروفيسور فرنسي: حاصلون على جائزة نوبل للسلام كانوا وراء صراعات مميتة

American President Jimmy Carter, Israeli Prime Minister Menachem Begin (1913 - 1992) and Egyptian President Mohamed Anwar al-Sadat (1918 - 1981) during peace talks at Camp David, Maryland. (Photo by Keystone/Getty Images)
من اليمين: رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن والرئيس الأميركي جيمي كارتر والرئيس المصري محمد أنور السادات (غيتي)

قال بروفيسور فرنسي إن رئيس وزراء إثيوبيا -البلد الذي تنخره الحرب الآن- هو آخر الفائزين بجائزة نوبل للسلام، ممن أثاروا صراعات مميتة بعد أن كانوا قد حصلوا على هذه الجائزة في يوم من الأيام.

وأوضح البروفسور والمؤرخ الفرنسي الخبير في قضايا الشرق الأوسط جان بيير فيليو، في بداية مقاله بصحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية، المفارقة التي كانت الصحيفة قد نبهت عليها في وقت سابق من هذا العام عندما عنونت مقالا لها عن آبي أحمد بعنوان "أمير الحرب الحاصل على جائزة نوبل للسلام".

وقال إن آبي أحمد، بحكم معتقده الديني الضيق، مصمم على التصرف بصفته "الرجل المختار لتخليص إثيوبيا وإنقاذها رغما عنها".

وأضاف أن هذا الرجل حاز في ديسمبر/كانون الأول 2019 جائزة نوبل للسلام لإنهائه الصراع الدموي مع إريتريا، لكنه بعد أقل من عام من ذلك، أطلق العنان لـ"حرب الأبواب المغلقة" ضد إقليم تيغراي المتمرد وهو ما أصبح يهدد حتى وحدة إثيوبيا ذاتها.

لكن فيليو لفت إلى أن آبي أحمد ليس أول الفائزين بجائزة نوبل للسلام، الذين أثاروا، بعد تكريمهم، صراعات مميتة.

فقد حصل الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما على جائزة نوبل للسلام عام 2009، بعد أقل من عام من دخوله البيت الأبيض وإعلانه عزمه قطع دائرة التدخلات العسكرية التي أطلقها سلفه جورج دبليو بوش في أفغانستان عام 2001 وفي العراق عام 2003.

ولئن كان أوباما قد وفى بوعده بإخراج القوات الأميركية من العراق، فإنه شنّ حربا في ليبيا عام 2011 كما تبنّى إستراتيجية هجومية حازمة في أفغانستان، زاد خلالها قوات بلاده في هذا البلد من 36 ألفا عند تسلمه السلطة إلى 100 ألف في عام 2010، وكان هدفه توجيه ضربات قاسية بما فيه الكفاية إلى التمرد بأفغانستان بغرض تسهيل الانسحاب الأميركي، وهو ما فشل فيه فشلا ذريعا.

ومُنحت جائزة نوبل للسلام في عام 1991 للسياسية البورمية أونغ سان سوتشي بمبرر "كفاحها اللاعنفي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" في بلادها، ومعاناتها في ظل الحكم العسكري لبلدها المعروف حاليا باسم ميانمار.

وفي عام 2015 فازت في الانتخابات لتصبح في العام التالي رئيسة فعلية للحكومة، فضلًا عن الواجهة المدنية للنظام حيث واصل الجيش نفوذه، وقد تولت في عام 2017 على المسرح الدولي وزر تبرير طرد الأقلية المسلمة من الروهينغا، الذي ترافق مع مجازر ممنهجة، لدرجة أن الأمم المتحدة تحدثت عن وجود "عناصر للإبادة الجماعية".

وعُدّ هذا الموقف صادمًا جدا إلى درجة أن العديد من المؤسسات حرمت أونغ سان سوتشي من الامتيازات التي أكسبها إياها كفاحها من أجل الحريات في السابق، ومنذ الانقلاب في فبراير/شباط الماضي وضعت أونغ سان سوتشي مرة أخرى قيد الإقامة الجبرية من قبل الجنود ذاتهم الذين دعمت انتهاكاتهم ضد المسلمين مدة طويلة.

وبدوره، تسلم رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن جائزة نوبل للسلام عام 1978 مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد توقيعهما اتفاقيات سلام، تحت رعاية الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر، لكن بيغن أصرّ على الاستمرار في التمسك بـ"اللاءات" الثلاثة: لا لأدنى تراجع عن الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة المحتلة منذ عام 1967، ولا لدولة فلسطينية، ولا لأي مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية.

ولتصفية منظمة التحرير الفلسطينية، أمر عام 1982 بالغزو المدمر للبنان وحصار بيروت الغربية، وأدى ذلك إلى إجلاء مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في نهاية المطاف، لكن حلفاء إسرائيل ارتكبوا مجازر في مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين، مما أثار موجة احتجاج ضخمة داخل إسرائيل نفسها.

كما أثارت جائزة نوبل للسلام جدلًا بالفعل عندما مُنحت في عام 1906 للرئيس الأميركي ثيودور روزفلت، بعد وساطته الناجحة في الحرب بين روسيا واليابان، ثم انتقد هذا القرار من قبل الحركات السلمية بسبب التدخلات العسكرية التي نفذت في ظل رئاسته، في الفلبين حتى عام 1902، ثم في بنما عام 1903. ولكن ثيودور روزفلت على الأقل كان قد خاض هذه الحروب قبل حصوله على جائزة نوبل للسلام، و ليس بعد ذلك، على عكس مناحيم بيغن وأونغ سان سوتشي وباراك أوباما، ومن الآن فصاعدًا آبي أحمد.

المصدر : لوموند