هل يفرض قيس سعيد نظاما استبداديا جديدا في تونس؟

حذر محلل تونسي من أن ما تشهده بلاده من انتهاكات كثيرة، شملت اعتقالات تعسفية وحظرا للسفر وفرضا للإقامة الجبرية على بعض الشخصيات، يعني أن ما حدث مؤخرا بهذا البلد هو انقلاب.

ولفت محمد ضياء الهمامي، وهو أستاذ للعلوم السياسية في مدرسة ماكسويل بجامعة سيراكيوز الأميركية، إلى أن ما يحدث في تونس الآن هو استخدام غير متناسب لوسائل الأمن، فالانتهاكات ليست ممنهجة حتى الآن والنظام لم يصل بعد حد السلطوية رغم وجود تركيز للسلطة، إلا أنه مؤقت وهو ناتج عن حالة الطوارئ التي يعيشها البلد، حسب قوله.

لكنه أضاف، في مقابلة أجرتها معه سيلين لوساتو من مجلة لوبس L’Obs الفرنسية، أن الرئيس قيس سعيد، بتمديده لتعليق البرلمان، جعل التونسيين والمراقبين للحياة السياسة في البلاد يتوجسون من أن تكون تدابير الرئيس الأخيرة تستهدف وأد الديمقراطية.

وأوضح الهمامي، بهذا الصدد، أن سعيد لا يملك بالضرورة إمكانية إقامة نظام استبدادي جديد، إذ ليس لديه حزب سياسي، ولا حليف موثوق به بدرجة كافية في المؤسسة العسكرية، وعلى نطاق أوسع بالجهاز الأمني، ​​مثل ما كان لدى الرئيسين الراحلين بورقيبة وبن علي، فكيف يمكنه فرض نظام استبدادي بدون حلفاء إستراتيجيين أو بنيويين؟

وتوقع أن تكون تونس على أعتاب مرحلة جديدة من التحول الدستوري، مشيرا إلى أن النظام الذي جربه التونسيون السنوات الأخيرة لم ينجح، لا سيما على مستوى السلطة التنفيذية.

وقال إن سعيد ليس الشخص الوحيد الذي يرغب في التحرك نحو تغيير جذري في الدستور، أو حتى تبني نص جديد.

لكنه نبه كذلك إلى أن الرئيس يستخدم القانون بطريقة ساخرة إلى حد ما لتحقيق أهدافه السياسية، محذرا من احتمال عودة تونس إلى نظام استبدادي مشابه لعهد بن علي أو بورقيبة.

مكافحة الفساد

وعن رأيه بشأن حملة مكافحة الفساد التي يرى التونسيون أن من شأنها أن تحسن من وضع بلدهم الاقتصادي، قال الهمامي إن سعيد لديه اليوم الوسائل الضرورية لقيادة المعركة ضد الفساد، خصوصا أنه يسيطر الآن مباشرة على جميع المؤسسات الاستخباراتية والمخابرات العسكرية، فضلا عن وزارة التكنولوجيا والاتصالات التي تراقب الإنترنت، وكذلك وزارتي الداخلية والمالية.

غير أن الهمامي شكك في أن يقدم الرئيس على التصدي للفاعلين الرئيسيين في ملف الفساد، الذين لديهم تدابير حماية لا يبدو أنه يستطيع مواجهتها، لافتا إلى أن الرئيس أرسل إشارات إيجابية إلى حد ما إلى أقوى رجال الأعمال، مكتفيا باستهداف أكثرهم ضعفاً، وخاصة المضاربين الذين يخزنون الصلب أو الفواكه والخضراوات لرفع الأسعار.

المصدر : لوبس