سيد علي جيلاني.. رحيل شيخ السياسة وأيقونة الحرية في كشمير

Senior separatist leader of Hardliner Faction of All Parties Hurriyat Conference Syed Ali Shah Geelani speaks to his supporters during a rally in Srinagar, the summer capital of Indian Kashmir, Wednesday, April 15, 2015. Geelani was given a rousing welcome by his supporters and leaders of his faction after his return from Indian capital.
رحيل سيد علي جيلاني الزعيم السياسي للكشميريين سيترك أثره على الوضع في كشمير الهندية (الأوروبية)

أعلنت أجهزة الأمن الهندية في إقليم كشمير حالة استنفار إثر وفاة الزعيم الكشميري سيد علي جيلاني عن عمر ناهز 92 عاما، وعطلت شبكة الإنترنت، وقيّدت حركة المواطنين في جميع أنحاء الإقليم.

حالة الاستنفار هذه لم تأت من فراغ، فالرجل قضى في السجون الهندية أكثر من 12 عاما، وكانت آخر معاركه التصدي لإلغاء الوضع الخاص بولاية جامو وكشمير، والتعديلات الدستورية المفاجئة التي أقرها البرلمان الهندي في الخامس من أغسطس/آب 2019 وقُسّمت بموجبها الولاية، التي يطالب شعبها بحق تقرير المصير، إلى مقاطعتين تحكمان مباشرة من الحكومة المركزية في الهند، وفصل منطقتي لاداخ وليه الشماليتين عنهما.

معركة خصوصية كشمير أعادت سيد علي جيلاني وقادة المؤتمر الوطني إلى كفاحهم المشترك، وهو التصدي للهيمنة الهندية الجديدة التي تُعرّض ثقافة وديمغرافية الإقليم ذي الغالبية المسلمة للخطر، وكان قد فارقهم بعد استقلال الهند وباكستان عام 1947 بسبب اختلاف الآراء بشأن مستقبل الولاية.

تخرج جيلاني، المولود يوم 29 سبتمبر/أيلول 1929، من جامعة البنجاب في مدينة لاهور، وعاد إلى سرينغار عاصمة الإقليم في أربعينيات القرن الماضي، وتعرف فيها على مولانا محمد سيد مسعودي القيادي في المؤتمر الوطني وانضم إليه، ثم تحوّل عنه إلى الجماعة الإسلامية عندما تمسك برؤيته بشأن الكفاح من أجل استكمال أجندة تقسيم شبه قارة جنوب آسيا وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، التي تقضي بتخيير الشعب الكشميري بين الالتحاق بالهند أو بباكستان، في حين تنبى قادة آخرون في المؤتمر رؤية النضال تحت مظلة الدستور الهندي للحفاظ على الإقليم وحماية شعبه.

Geelani, chairman of the hardline Hurriyat (Freedom) Conference group, and his supporters attend a protest in Srinagar against the recent killings in Kashmir
قضى جيلاني آخر 11 سنة من حياته في الإقامة الجبرية بمنزله وحرم من التواصل مع العالم الخارجي (رويترز)

العمل السياسي

قضى جيلاني العقد الأخير من عمره في الحبس المنزلي، وقطعت عنه جميع أنواع الاتصالات والإنترنت خلال السنتين الماضيتين، ووجهت لابنه تهم بمخالفة قانون حيازة العملات الأجنبية بسبب ضبط قوات الأمن 10 آلاف دولار أثناء حملة دهم وتفتيش لمنزله.

انتخب جيلاني نائبا في المجلس التشريعي الكشميري عام 1972 عن دائرة سوبور مسقط رأسه، وأعيد انتخابه مرتين عن الدائرة نفسها حتى عام 1990 عندما حل المجلس التشريعي بسبب اضطراب الوضع الأمني.

وشكلت الأحزاب الكشميرية المناوئة للهند تحالفا انتخابيا عام 1987 أطلقت عليه اسم "جبهة الوحدة الإسلامية" لكن انتخابات المجلس التشريعي عمّها التزوير، ولم تفز الجبهة سوى بأربعة مقاعد أحدها لجيلاني، واندلعت احتجاجات ومواجهات مع قوات الشرطة والأمن الهندية.

كانت الانتخابات التي فاز فيها المؤتمر الوطني المقرب من نيودلهي سببا في تحوّل المطالب السلمية بتقرير المصير إلى حركة مسلحة، وفي عام 1993 تشكل مؤتمر أحزاب الحرية برئاسة جيلاني ليصبح مظلة سياسية للأجنحة العسكرية، وكانت رئاسته بالتناوب بين 7 زعماء كشميريين، وانقسم مؤتمر الحرية في عام 2003 ليؤسس جيلاني في عام 2004 "حركة الحرية" بعد أن خرج من الجماعة الإسلامية الكشميرية بسبب تبنيها الحراك السلمي في مواجهة الحكم الهندي.

حظر تجول فرضته القوات الهندية في كشمير عقب وفاة سيد علي جيلاني (رويترز)

الموقف من باكستان

ألّف الأستاذ المدرسي نحو 30 كتابا متنوعة بين الأدب والسياسة، وخلّف مسيرة غنية بالنضال من أجل الحرية، والتي أصبحت شعار تحالف الأحزاب الكشميرية الذي قاده في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وأطلق عليه "تحالف جميع أحزاب الحرية الكشميري".

كان جيلاني الوحيد من بين القادة الكشميريين الموالين لباكستان الذي رفض مقترحات رئيس باكستان الأسبق الجنرال برويز مشرف لحل قضية كشمير المعروفة بصيغة النقاط الأربع، وهي: إعلان كشمير منطقة خالية من السلاح، ولا تغيير للحدود ولكن يسمح لمواطني شقي كشمير بالتنقل بحرية بين ضفتي خط المراقبة، ومنح الإقليم حكما ذاتيا موسعا دون استقلال، وإقامة آلية مشتركة ثلاثية من الهند وباكستان وكشمير للإشراف على الإقليم.

منحته باكستان عام 2020 "نيشان باكستان"، وهو أعلى وسام مدني في البلاد، لينضم إلى قادة مرموقين في العالم استحقوا هذا الوسام مثل نيلسون مانديلا وفيدل كاسترو والملكة البريطانية إليزابيث والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وصفته صحف هندية ببطريرك الانفصال، وأحد أبرز صقور كشمير المطالبة بالانضمام لباكستان، أما الكشميريون على اختلاف أطيافهم فيكادون يجمعون على تقدير تاريخه النضالي وصلابة مواقفه، ونعته رئيس حكومة الإقليم السابقة على تويتر (Twitter) بقوله "قد لا نتفق معه على معظم الأمور، لكنني أقدر مواقفه المبدئية وثباته على ما يؤمن به".

المصدر : الجزيرة