كبير موظفي توني بلير: الدرس الذي تعلمناه من 11 سبتمبر هو أن السلام مستحيل إذا لم نتحدث إلى أعدائنا

قوات من طالبان بعد انسحاب قوات التحالف من أفغانستان (الأوروبية)

أقر جوناثان باول -كبير موظفي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير- بأنه كان يجب على الغرب أن يتعامل مع طالبان قبل 20 سنة، لكنه اعتقد أن الفائز يأخذ كل شيء وهو ما تسبب في تقويض قواته المسلحة.

وقال جوناثان باول -في مقال بصحيفة "الغارديان" (The Guardian) إن سقوط كابل في أيدي طالبان بعد 20 سنة من أحداث 11 سبتمبر لا يمثل إخفاق إستراتيجية الغرب في أفغانستان فحسب، بل يمثل فشلا أوسع لإستراتيجيته الشاملة في التصدي للإرهاب الذي أدى إلى الهجمات في نيويورك وواشنطن.

وأضاف أن الإخفاق النهائي ليس في الحقيقة نتيجة "حروب أبدية" ولا محاولة "إعادة تشكيل الأمم"، كما يقترح البعض، وأنه إذا لم يكن لدى الغرب الصبر لمواصلة الحروب فعندئذ لا ينبغي له الشروع فيها في المقام الأول. وإذا لم يساعد البلدان على إعادة بناء المؤسسات بعد المشاركة في الحرب، فسينتهي به المطاف بفوضى مذهلة مثل ليبيا. والتحدي هو القيام بهذه الأشياء بشكل صحيح.

الجمعة العظيمة

وقال باول إن "الإخفاق الرئيسي في أفغانستان هو الفشل بالتعلم من معاناتنا السابقة مع الإرهاب، وأنك لن تصل إلى سلام دائم إلا عندما يكون لديك مفاوضات شاملة، وليس عندما تحاول فرض تسوية بالقوة كما فعلت بريطانيا مع أيرلندا الشمالية عندما حاولت صنع السلام في عام 1973 و1985 و1993، مستثنية الشين فين في كل مرة، وفي كل مرة فشلت بإنهاء الاضطرابات. وبعد أن جربنا كل شيء آخر، كان عليها أخيرا التحدث إلى الرجال المسلحين، ولهذا نجحت اتفاقية الجمعة العظيمة".

وعلق باول بأن بريطانيا في أفغانستان كررت الأخطاء السابقة بأيرلندا الشمالية، وكانت أول فرصة ضائعة في أبريل/نيسان 2002 عندما جنحت طالبان للسلم بعد انهيارها. وبدلا من إشراكها بعملية شاملة ومنحها حصة في أفغانستان الجديدة، واصل الأميركيون ملاحقتهم وعادوا إلى القتال.

الدرس المستفاد من أفغانستان واضح كما كان في أيرلندا الشمالية، وهو أنه إذا أردنا يوما ما تأمين سلام دائم، فعلينا التعامل مع أعدائنا وليس فقط مع من نحبهم

وأضاف أنه كانت هناك فرص ملموسة متكررة لبدء مفاوضات مع طالبان منذ ذلك الحين، حيث كانت في ذاك الوقت أضعف بكثير مما هي عليه اليوم ومستعدة لتسوية، لكن القادة السياسيين كانوا شديدي الحساسية من رؤيتهم وهم يتعاملون علنا مع "جماعة إرهابية".

دَين أخلاقي

ويرى باول أن الغرب لديه دين أخلاقي لشعب أفغانستان وأن الطريقة الوحيدة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يساعدهم بها هي استخدام أي نفوذ تركه مع طالبان للضغط من أجل عملية شاملة في أفغانستان. وهذا يجب أن يشمل حكومة تمثيلية وخاضعة للمساءلة وآلية مراقبة للتأكد من قيامها بذلك فعلا.

وأضاف أن من مصلحة الغرب الذاتية القيام بذلك لأنه إذا سقطت أفغانستان في حرب أهلية مرة أخرى فستشعر أوروبا بتأثير اللاجئين والمخدرات والإرهاب في شوارعها.

والأهم من ذلك، عليه أن يتعلم الدروس من أفغانستان في أماكن أخرى من العالم، ومنها كيفية التعامل مع الجماعات الإسلامية المسلحة عبر شمال إفريقيا وفي الصومال وفي موزمبيق ونيجيريا، وإمكانية الاستمرار في خداع نفسه حتى يتمكن من هزيمتهم بالوسائل العسكرية وحدها، وما إذا كان سيستمر في رفض التحدث مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجماعات الإسلامية الأخرى.

وخلص باول إلى أن الدرس المستفاد من أفغانستان واضح كما كان في أيرلندا الشمالية، وهو أنه إذا أردنا يوما ما تأمين سلام دائم؛ فعلينا التعامل مع أعدائنا وليس فقط مع من نحبهم. وستكون الخطوة الحاسمة الأولى أن تسهل الحكومات الغربية التحدث إلى الجماعات المحظورة مثل طالبان، وأن تكون شجاعة سياسيا بما يكفي للقيام بذلك قبل فوات الأوان.

واختتم مقاله بأن على الغرب أن يعيد التفكير في إستراتيجيته إذا لم يرغب في قضاء الـ20 سنة القادمة في ارتكاب نفس الأخطاء مرارا وتكرارا؛ فالحروب لا تنتهي للأبد قبل أن نتحدث إلى من يحملون السلاح.

المصدر : غارديان