أفغانستان.. طالبان تسيطر على 17 ولاية ووزير الدفاع البريطاني يحذر من حرب أهلية

Taliban fighters gather on main road intersection in city of Ghazni
مسلحون من طالبان بمدينة غزني التي أعلنوا السيطرة عليها أمس الخميس (رويترز)

أعلنت حركة طالبان أنها سيطرت على 7 ولايات جديدة في أفغانستان خلال الساعات الماضية، وبذلك يرتفع عدد الولايات -التي تقول الحركة إنها أصبحت تحت سيطرتها- إلى 17، في وقت حذرت فيه بريطانيا من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.

والولايات التي سيطرت عليها طالبان في الفترة الماضية تشمل لوغر وهرات وقندهار وهلمند وبادغيس وغور وأروزغان.

وكان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أعلن سيطرتها على ولايات هرات وقندهار وهلمند وبادغيس يوم أمس الخميس ليلا. وبثت الحركة صورا تظهر ما قالت إنها سيطرة مسلحيها على ولاية قندهار جنوب أفغانستان.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل أكثر من 200 من مسلحي طالبان في غارات جوية نفذتها في 7 ولايات خلال 24 ساعة.

من جهته، قال مصدر أمني أفغاني للجزيرة إن الحكومة ما تزال تسيطر على مطاري ولايتي قندهار وهرات وقاعدتي الجيش الأفغاني فيهما، كما أكد مصدر أمني آخر أن طالبان اعتقلت وكيل وزارة الداخلية وحاكم هرات ونائبه ومدير المخابرات وقائد الشرطة في الولاية.

ثالث أكبر مدينة

وفي السياق ذاته قال مسؤول محلي لرويترز -اليوم الجمعة- إن مقاتلي طالبان سيطروا على معظم أنحاء مدينة هرات، ثالث أكبر مدينة في أفغانستان.

ونقلت الوكالة عن غلام حبيب هاشيمو قوله إن القوات الحكومية تسيطر فقط على المطار ومعسكر للجيش في المدينة التي يقطنها نحو 600 ألف نسمة، قرب الحدود مع إيران. وأضاف أن "العائلات إما غادرت أو تختبئ في منازلها".

كما قال مسؤول في الشرطة للوكالة نفسها -اليوم الجمعة- إن حركة طالبان سيطرت على لشكركاه عاصمة ولاية هلمند جنوبي البلاد، بعد قتال عنيف استمر أسبوعين.

وأضاف المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أن مسؤولي الحكومة وكبار مسؤولي القوات المسلحة غادروا آخر معقل للحكومة في البلدة بطائرة هليكوبتر قرب منتصف الليلة الماضية.

وقال المسؤول "استسلم لطالبان حوالي 200 من أفراد قوات الدفاع والأمن الوطني الذين بقوا في مجمع الحاكم، بعد تدخل شيوخ القبائل".

انضمام شخصيات

كما أعلنت حركة طالبان -في بيان لها- انضمام شخصيات رسمية أفغانية في ولاية هَرات إلى الحركة، بينهم وكيل وزارة الداخلية وقائد الجيش ورئيس الاستخبارات وحاكم الولاية.

وقالت الحركة إن محمد إسماعيل خان قائد ما يسمى "الانتفاضة الشعبية ضد طالبان" قد انضم لها أيضا، بينما قال إسماعيل خان إن الحركة هي من أطلقت سراحه ووعدته بحياة كريمة وآمنة تكريما لدوره السابق في القتال ضد الاحتلال السوفياتي.

وكان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قال إن الحركة طمأنت كل من استسلم وضمنت له الأمن والحياة الكريمة، حسب تعبيره.

دعوة إيرانية

ومع تواصل التوسع المتسارع لطالبان، حثت اليوم وزارة الخارجية في إيران الحركة على ضمان سلامة دبلوماسييها والعاملين بقنصليتها في مدينة هرات.

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده -على تويتر- "مع هيمنة طالبان على مدينة هرات، لفتنا نظرهم بقوة إلى ضمان سلامة وصحة الدبلوماسيين التامة وكذلك المنشآت الدبلوماسية".

وفي وقت سابق كتب المسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية رسول موسوي -على تويتر- "دبلوماسيونا وكذلك دبلوماسيو الدول الثلاث الأخرى التي لها تمثيل في هرات في أمان وصحة ممتازة وليست لديهم مخاوف".

تحذير بريطاني

وفي سياق تسارع التقدم العسكري لطالبان، قال اليوم وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن بريطانيا قد تعود إلى أفغانستان إذا بدأت في إيواء تنظيم القاعدة على نحو يهدد الغرب.

وردا على سؤال بشأن إرسال بريطانيا قوات مجددا إلى أفغانستان قال والاس "سأترك كافة الخيارات مطروحة. إذا كان لدي رسالة لطالبان من المرة السابقة فسوف تكون؛ إذا بدأتم في استضافة القاعدة ومهاجمة الغرب أو بلدان أخرى، فسوف نعود".

واعتبر والاس -في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" (BBC) أن أفغانستان تتجه لحرب أهلية، وقال إن "على الغرب أن يتفهم أن طالبان ليست كيانا واحدا، وإنما هي مسمى لعدد كبير من المصالح المتنافسة".

وقال "اكتشفت بريطانيا في ثلاثينيات القرن الـ19 أنها (يقصد أفغانستان) دولة يقودها أمراء الحرب وتقودها أقاليم وقبائل مختلفة، وما لم تكن حذرا جدا سينتهي بك الأمر إلى حرب أهلية، وأعتقد أننا نتجه نحو حرب أهلية".

قرب سقوط كابل

من جهة أخرى، توقع مسؤول أميركي سقوط العاصمة كابل بيد مسلحي الحركة خلال شهر، مع تواصل زحفها السريع نحو العاصمة.

ونقلت "نيويورك تايمز" (New York Times) عن مسؤول أميركي قوله إن السيطرة المحتملة لطالبان على عاصمة ولاية "بلخ" ستؤدي إلى سقوط الحكومة الشهر المقبل (سبتمبر/أيلول)، وأضافت أن سيناريو سقوط العاصمة خلال 30 يوما يمكن تفاديه.

وكشفت الصحيفة الأميركية عن مفاوضات تجريها واشنطن مع حركة طالبان لانتزاع ضمانات بعدم مهاجمة السفارة الأميركية في كابل.

ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن قلقة من أن يؤدي إخلاء السفارة في كابل إلى تحفيز مغادرة البعثات الدبلوماسية الأخرى وغياب الدعم، وبالتالي انهيار الحكومة.

وقالت "نيويورك تايمز" إن المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد عبّر عن أمله في إقناع قادة طالبان بإبقاء سفارة واشنطن مفتوحة وآمنة.

وربط خليل زاد بقاء السفارة مفتوحا باستمرار تقديم المساعدات الأميركية للحكومة عندما تصبح طالبان جزءا منها في المستقبل.

نقل السفارة الأميركية

في السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) التلفزيونية عن مسؤول أميركي ومصدرين آخرين قولهم إن الولايات المتحدة تدرس نقل سفارتها في كابل إلى مطار المدينة بهدف ضمان القدرة على إخراج الدبلوماسيين بشكل أسرع.

من جهته، أعلن جون كيربي -المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)- أن الوزارة سترسل نحو 3 آلاف جندي إلى مطار كابل للمساعدة في تأمين مغادرة المدنيين من السفارة هناك.

كما أعلن المتحدث باسم الخارجية نيد برايس أن بلاده قررت خفض وجودها الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية على ضوء الأوضاع الأمنية بالبلاد.

وأشار برايس -في مؤتمر صحفي- إلى أن وزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن تحدثا -أمس الخميس- مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، للتنسيق بشأن خطط واشنطن لخفض وجودها الدبلوماسي في كابل، مشيرا إلى أن السفارة الأميركية لا تزال مفتوحة.

ووفق بيان للبنتاغون، فقد شدد الوزيران على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالحفاظ على علاقة دبلوماسية وأمنية قوية مع حكومة أفغانستان.

وأكد البيان أن الوزيرين أشارا إلى أنه سيتم تسريع إجراءات منح التأشيرات للأفغان المتعاونين مع القوات الأميركية.

كما أفاد بيان للخارجية الأميركية أن الوزير بحث هاتفيا مع نظيريه الكندي والألماني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" (NATO) خطة الولايات المتحدة لتقليص وجودها المدني بكابل في ضوء التطورات الأخيرة.

إجلاء الرعايا

وقد نقلت وكالة "أسوشيتد برس" (ASSOCIATED PRESS) عن مصدر مطلع أن كندا تعتزم إرسال قوات خاصة إلى أفغانستان من أجل المساعدة في إخلاء سفارتها في كابل قبل إغلاقها.

ونقلت الوكالة عن المصدر أن القوات الكندية الخاصة ستنتشر في أفغانستان؛ حيث سيجري إجلاء الموظفين الكنديين في كابل والمتعاونين الأفغان قبل إغلاق السفارة.

يشار إلى أن كندا نشرت حوالي 40 ألف جندي في أفغانستان على مدار 13 عاما، كجزء من مهمة الناتو قبل الانسحاب عام 2014.

في سياق متصل، أعلنت الحكومة الكندية إعادة توطين 800 أفغاني وعائلاتهم ممن تعاونوا مع القوات الكندية، وقالت إنه يجري تسريع تنفيذ البرنامج الخاص لإعادة توطين بقية المتعاونين الموجودين بأفغانستان.

من ناحيتها، أعلنت الحكومة البريطانية أنها سترسل 600 عسكري إلى أفغانستان للمساعدة في إجلاء مواطنيها بعد تدهور الوضع الأمني هناك.

وقال وزير الدفاع البريطاني إن العسكريين سيرسلون إلى أفغانستان لأمد قصير ردا على تصاعد العنف في البلاد، وإنه من المتوقع وصولهم خلال الأيام المقبلة.

انتقادات لبايدن

وفي سياق متصل أفادت شبكة "سي إن إن" الأميركية بأن رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي طلبت من إدارة الرئيس جو بايدن تقديم إحاطة بالمجلس بشأن الوضع في أفغانستان، بعد عودته للانعقاد في 23 أغسطس/آب الجاري.

ومن جانبه، اتهم زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إدارة بايدن بالجبن والضعف أمام حركة طالبان والاكتفاء بالتغريدات، على حد تعبيره.

وقال ماكونيل -في بيان- إن أفغانستان تتجه نحو كارثة هائلة بينما جهود الإدارة تنصب في اتجاه الدفاع عما وصفها بسياسة بايدن المتهورة.

ووصف جهود الإدارة الأميركية بأنها تنصب على مناشدة من وصفهم بالمتطرفين الإسلاميين عدمَ استهداف سفارة واشنطن.

ووصف زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ نصر طالبان المرتقب بأنه قد يكون أسوأ من سقوط مدينة سايغون الفيتنامية في يد الشيوعيين منتصف السبعينيات من القرن الـ20 الماضي بعد أن غادرها الجنود الأميركيون.

وطالب ماكونيل الرئيسَ الأميركي بتقديم الدعم الجوي للقوات الأفغانية. وحذر من أن القاعدة وطالبان ستحتفلان بالذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بإحراق السفارة الأميركية في كابل، وفق قوله.

المصدر : الجزيرة + وكالات