موقع فوكس: ما الذي سيحدث إذا انتصرت طالبان في أفغانستان؟

هل سيطرة حركة طالبان على كامل تراب أفغانستان أمر لا مفر منه؟

هذا هو السؤال الذي وجهه أحد الصحفيين للرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع حول انسحاب الولايات المتحدة التدريجي من تلك الدولة الواقعة في منطقة آسيا الوسطى.

وأجاب بايدن عن السؤال بالنفي، قائلا إن قوات الحكومة الأفغانية تفوق طالبان عددا بشكل كبير، كما أنها "مجهزة تجهيزا جيدا مثل أي جيش في العالم".

قد يكون ما ذهب إليه الرئيس الأميركي صحيحا، برأي جِن كيربي الصحفية بموقع "فوكس" (Vox) الإخباري الإلكتروني التي تضيف أن الأعداد لا تعكس الصورة الكاملة عن الأوضاع في أفغانستان.

وتتابع كيربي القول إن رقعة الأراضي التي تسيطر عليها حركة طالبان اتسعت خلال الأسبوع الماضي، وتقترب من العاصمة كابل. وجاء في تقييم للمخابرات الأميركية أن الحكومة الأفغانية قد تسقط في أيدي طالبان في غضون 6 أشهر من الآن بمجرد مغادرة القوات الأميركية والقوات الدولية الأخرى من البلاد.

ومن وجهة نظر كيربي، فإن من الصعب رؤية طالبان تسيطر على أفغانستان باعتبار ذلك محتملا جدا، إن لم يكن لا مناص منه حقا.

وإذا كان ذلك كذلك، فإن الأمر حري بإيلائه ما يستحق من تفكير فيما يعنيه احتمال أن يحدث ذلك بالفعل. فكيف ستبدو تلك السيطرة إذا ما تحققت، وكيف سيكون رد إدارة بايدن عليها؟

تقول كيربي إنها التمست الإجابة عن تلك الأسئلة في حوارها مع مديحة أفضال الزميلة الباحثة في معهد بروكينغز والخبيرة بشؤون المنطقة.

حرب أهلية

غير أن أفضال غير مقتنعة بالضرورة أن سيطرة طالبان على كامل أراضي أفغانستان وشيكة الحدوث. وفي ذلك تقول "قد يحدث ذلك في المستقبل، لكن ليس دون خوض معارك ضارية" مع الحركة.

وتردف أفضال بأن السؤال الجوهري الذي يُطرح على إدارة بايدن هو مهما كانت بنية الحكم التي ستبرز في أفغانستان، هل من شأنها أن تشكل تهديدا للولايات المتحدة؟

وتعرب الباحثة في معهد بروكينغز عن اعتقادها بأن الكثيرين منا أبدوا خشيتهم من أن انسحابا لا يصاحبه اتفاق سلام بين طالبان وكابل، فإن النتيجة الأرجح هي اندلاع حرب أهلية من نوع ما، وتقول في ذلك إن "المحصلة ليست بالضرورة سيطرة وشيكة لطالبان، بل ستكون حربا أهلية قد يطول أمدها".

وبالنظر إلى الخسائر السريعة التي لحقت بقوات الأمن الأفغانية في الأيام الأخيرة التي أعقبت مغادرة القوات الأميركية قاعدة باغرام الجوية، فقد جعلت البعض يساورهم اعتقاد بأنه مجرد وقت قبل أن تتولى طالبان السيطرة وتنقل المعارك إلى عواصم أقاليم البلاد، من بينها كابل على وجه اليقين.

والسؤال الذي أُثير في بعض التقارير الصحفية هو هل ستتدخل الولايات المتحدة أو قوات حلف الناتو بطريقة ما؟

وتشير مديحة أفضال إلى أن النتيجة الأرجح هي نشوب قتال، ما يلبث أن ينتقل إلى عواصم أفغانستان الإقليمية. لكن ذلك، برأيها، ليس وشيك الحدوث حتما، مضيفة أنها تعتقد أن المحصلة في نهاية المطاف أن حركة طالبان ستحكم أجزاء من البلاد بينما ستتولى حكومة "أكثر ودا للولايات المتحدة" مقاليد الأمور في أجزاء أخرى.

وحتى لو أحكمت طالبان قبضتها على كامل التراب، فهل سيشكل ذلك تهديدا للولايات المتحدة؟ تقول أفضال إن واشنطن غير مضطرة لتقديم مساعدات لطالبان، كما أنها غير مرغمة على إضفاء شرعية عليها.، بل ربما تذهب إلى حد فرض عقوبات على الحركة فهي تملك الأدوات.

فماذا لو أن التهديد حقيقي، مثلما حدث في تسعينيات القرن الماضي، هل ستمنح طالبان ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة، وهل ستسمح له باستغلال أراضي أفغانستان في الهجوم على الولايات المتحدة؟ هذا هو السؤال المطروح سواء كانت طالبان تتحكم في جزء صغير أو كبير من أفغانستان، بحسب مديحة أفضال.

لكن إذا لم توفر طالبان -مثلا- ملاذا آمنا "للإرهابيين"، فعندئذ ربما لن تشعر واشنطن بالقلق. وتتفق أفضال مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن بايدن ظل يتحدث عن الخطر الإرهابي من أفغانستان على أنه مدعاة للقلق الشديد.

توخي الحذر

وتصف الباحثة في معهد بروكينغز طالبان بأنها تجيد الخطابة والدعاية، لكن ليس كل ما تقوله هو الذي يحدث بالفعل. وتتابع بأننا لا بد أن نتوخى الحذر عندما يتعلق الأمر بطالبان. فهناك انقسام بين قيادة طالبان السياسية -التي يبدو أنها تعرف كيف تستخدم الخطب الرنانة والدعاية- وطالبان الريفية أو جنود الحركة الراجلين الذين يدينون بالاعتقاد بنفس أشكال الحكم "التعسفية والرجعية" التي كانت تمارسها الحركة في تسعينيات القرن الماضي، ويرون أنهم حققوا النصر في حربهم الجهادية.

وطبقا لأفضال، فإن قيادة طالبان السياسية ليست واضحة تماما فيما تريده من ناحية تعليم البنات، وعمل المرأة، وغيرهما من قضايا، فقد أعلنت للتو أن مواقفها ستكون متسقة مع تعاليم الإسلام.

وتشدد الباحثة الأكاديمية على ضرورة الحذر إزاء حجم التغيير الذي طرأ على طالبان، ورغم ما قيل حول ذلك فإن الحركة تتمتع على ما يبدو بشرعية دولية.

وسألت جن كيربي في حوارها مع أفضال عما إذا كان يتعين على واشنطن أن تقود الركب عندما يتعلق الأمر بمستقبل أفغانستان، أو أنها ستترك مهمة ذلك إلى حلف الناتو أو الأمم المتحدة؟

وترد مديحة أفضال على السؤال بالقول إن إدارة الرئيس بايدن ترى أن دولا إقليمية تتحمل جزءا من المسؤولية وعليها أن تنهض بها، موجهة إصبعها إلى باكستان وروسيا والصين وتركيا والهند.

مشكلة مصداقية

وتحذر من أن الولايات المتحدة ستواجه "مشكلة مصداقية خطيرة" إذا أشاحت بوجهها عن أفغانستان. وتعتقد أفضال أن واشنطن ربما تتطلع إلى أن تنعم أفغانستان بإطار لا مركزي للحكم، حيث تكون للمدن بنية حكم مختلفة عن المناطق الريفية، وأن تحكم طالبان أجزاء واسعة من البلاد.

على أن المثير للقلق -وفقا لمديحة أفضال- أن طالبان ما إن تسيطر على بعض الأجزاء من أفغانستان (مع مغادرة القوات الأميركية للبلاد) فإنها ستدع القاعدة والجماعات "الإرهابية" الأخرى تفعل ما تريد، فيشتد عود تلك التنظيمات وربما تبدأ في تشكيل تهديد للولايات المتحدة.

وفي هذه الحالة، ستدعي الولايات المتحدة أن قدراتها في مكافحة الإرهاب ستكون كافية لمواجهة ذلك، بيد أن الزميلة الباحثة في معهد بروكينغز يحدوها حسن الظن في إدارة بايدن، فهي لا تعتقد أن ذلك سيحدث حقا.

وتقول في هذا الصدد "لا أظن أن الجيش الأميركي سيتورط مرة أخرى في أفغانستان".

المصدر : فوكس