ميديابارت: بعد رسالة الجنرالات.. دعوة للتصدي لليمين الفرنسي المتطرف

اليمين المتطرف أينما سيطر يقتل ويحبس ويهمل الحقوق ويظهر بأنه عدو للتعايش، وقد قام عبر التاريخ باضطهاد الكثيرين والهيمنة على آخرين، وعمل كواحد من الأعداء الأساسيين لتحرير الإنسان، وهو أينما لمع النور يسعى لإخماده لأن تلك هي طبيعته الظلامية.

خلافا للموقعين على البيان، زعيمة اليمين المتطرف رحبت برسالة الجنرالات (الأوروبية)

وقّع عدد من الصحفيين والناشطين السياسيين والنقابيين والقيادات الشبابية للحركات السياسية الفرنسية على بيان استنكروا فيه "النشر المخزي" للرسالة التي حذر فيها عشرات الجنرالات والضباط الفرنسيون السامون من حرب أهلية وشيكة بالبلاد.

وقال الموقعون في البيان -بموقع "ميديابارت" (Mediapart) الفرنسي- إن ما جاء في العمود الذي نشرته مجلة "فالور آكتوال" (Valeurs Actuelles) تحت عنوان "من أجل العودة إلى شرف حكامنا" لا يمكن أن يكون حلا للتحديات المستقبلية التي تواجهها فرنسا، بل إنه -على العكس تماما- "يشكل تهديدا رئيسيا للعصر الذي يعيشون فيه".

واعتبر الموقعون أن تلك الرسالة -التي وقّع عليها ما يزيد على 20 من الجنرالات المتقاعدين كليا أو جزئيا وآلاف الضباط والجنود الآخرين والتي وجهوها لرئيس الجمهورية والوزراء والبرلمانيين- "تتناول كل الأوهام اليمينية المتطرفة"، حسب البيان.

وقال الموقعون على البيان "نحن مجموعة من المواطنين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاما، بوصفنا نشطاء جمعيات ونقابيين وسياسيين وصانعي محتوى وصحفيين ومدونين، قررنا التنديد بهذا المنشور المخزي".

وأضاف الموقعون أن لهجة العمود فضحته منذ المقدمة، عندما اُستخدمت عبارات مثل "فرنسا ستكون في خطر" و"خطر الموت" و"هنا القليل من القيم الحضارية" و"حماية الأمة في مواجهة التراخي"، و"شرفنا في أيدي هؤلاء الرجال" و"التنديد بتفكك وطننا"، ووصفوا ذلك بلغة اليمين الأكثر تطرفا الذي جعل من التنديد أحد أعظم اختصاصاته.

أهداف مخادعة

وعدّد البيان ما تناولته الرسالة على أنه أمراض فرنسا المستعصية التي من شأنها أن تثقل كاهل البلاد في خضم جائحة كوفيد-19، كالدفاع عن المستشفيات العامة وخدماتها والنساء والدعوة لمواجهة الاحتباس الحراري بإجراءات ملموسة، مشيرا إلى أن ذلك ليس هو هدف الرسالة، بل أهدافها هي أهداف اليمين المتطرف.

وأشار البيان إلى وقاحة اليمين المتطرف، وذلك عندما يضع مناهضة العنصرية على رأس أهدافه، ويتجرأ على اتهام الآخرين بأنهم مسؤولون عن الشر الذي ينظمه، ثم تأتي "الإسلاموية" و"جحافل الضواحي"، لأن تحليل اليمين ليس قائما على أسس اجتماعية، بل على أفكار مسبقة عنصرية ومعادية للأجانب، وعلى ردود فعل هوياتية.

وأضاف البيان "أخيرا الكراهية، ولعل الخطر الأكبر هو أن يتخذ الوحش القذر نفسه مدافعا عن حقوق وحريات الفقراء، في حين أنهم أول من يستهدفه عندما يتعلق الأمر بالسلطة، وهو يقمع بشكل منهجي وبعنف أي أحد يجرؤ على الوقوف في وجهه سياسيا أو فكريا أو فلسفيا".

وهكذا نجيبهم

ويمضي البيان بالقول إننا نجيبهم بأنه لم تروج أي مدرسة فكرية في تاريخ بلدنا لكراهية الآخرين بقدر ما روج لها اليمين المتطرف، ولم تكن أي عائلة سياسية حضنا للتقوقع الاجتماعي، ولم تجعل من الفقر وكراهية الأجانب رأسمال لها، بقدر ما فعل اليمين المتطرف.

ويتابع البيان، نجيبهم بأن اليمين المتطرف أينما سيطر ليقتل ويحبس ويهمل الحقوق ويظهر بأنه عدو للتعايش، وقد قام -عبر التاريخ- باضطهاد الكثيرين والهيمنة على آخرين، وعمل كواحد من الأعداء الأساسيين لتحرير الإنسان، وهو أينما لمع النور يسعى لإخماده؛ لأن تلك هي طبيعته الظلامية.

وشجب البيان بشدة تهديد أصحاب الرسالة "بتدخل رفاقهم"، في تلميح إلى انقلاب مفترض، ودعوا الحكومة ورئيس الجمهورية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للرد، مذكّرين بأن الجمهورية الفرنسية واحدة لا تتجزأ، وأن السلطة تؤخذ في صناديق الاقتراع لا بالسلاح.

وأضاف "نحن ندين أهدافهم المعلقة على ظهور المجموعة العمّالية الخيرية أو السياسية، التي يتهمونها منذ شهور باليسارية الإسلامية… ونعرب عن غضبنا واشمئزازنا من رؤية النضال ضد العنصرية، ومهما كان جوهريا وأساسيا في تاريخ بلدنا، يُشار إليه على أنه عدو للجمهورية".

و"في مواجهة صعود اليمين المتطرف -يقول البيان- قررنا ألا نقف مكتوفي الأيدي، لأن الأفكار التي تحملها هذه الحركة لا تمثلنا، ولذلك ندعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم والتحدث علانية والعمل لعرقلة طريق هذا اليمين".

واختتم البيان بدعوة النشطاء النقابيين والسياسيين الملتزمين بتحرير الإنسان إلى فهم الخطر والتصرف وفقا لذلك، واستهداف اليمين المتطرف كعدو مشترك على الرغم من الاختلافات التي قد تظهر في المجتمع. وقال إننا "ندعو كل فرد إلى التصرف بضمير وتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه. الأمر عاجل، ودعوتنا واضحة؛ دعونا نحارب اليمين المتطرف".

المصدر : ميديابارت