واشنطن بوست: هل مهّدت جائحة كورونا لمزيد من التضييق على حرية التعبير؟

عدد الصحفيين السجناء على مستوى العالم ارتفع إلى مستوى قياسي خلال عام 2020، وقد اعتُقل عدد كبير منهم بسبب انتقاد تعامل الحكومات مع أزمة كورونا.

قوات مكافحة الشغب بميانمار تقمع محتجين على الانقلاب العسكري (الأوروبية)

في مقال له بصحيفة غارديان البريطانية في فبراير/شباط الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من انتشار "وباء انتهاك حقوق الإنسان" مؤكدا أن بعض الحكومات "استغلت حالة الطوارئ الصحية لشن حملات ضد حرية التعبير واتخاذ تدابير أمنية صارمة ضد المعارضين وانتهاك الحريات الأساسية وحجب التقارير المستقلة وتقييد أنشطة المنظمات غير الحكومية".

ويرى الكاتب إيشان ثارور، في تقرير له بصحيفة "واشنطن بوست" (washingtonpost)، أن عام 2020 كان بالفعل صعبا على حرية التعبير في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وهو ما وثقته عديد المنظمات الحقوقية.

وقد أكدت "هيومن رايتس ووتش" -في تقرير أصدرته في فبراير/شباط الماضي- أنها وثقت أدلة على استغلال 83 حكومة على الأقل الظرف الصحي الاستثنائي لـ "تبرير انتهاك حرية التعبير والتجمع السلمي، ومن بين الضحايا صحفيون ونشطاء وعاملون في مجال الرعاية الصحية وجماعات سياسية معارضة وغيرهم ممن انتقدوا تعامل الحكومات مع أزمة فيروس كورونا".

وأعلنت لجنة حماية الصحفيين أن عدد الصحفيين السجناء على مستوى العالم ارتفع إلى مستوى قياسي خلال عام 2020، وقد اعتُقل عدد كبير منهم بسبب انتقاد تعامل الحكومات مع أزمة كورونا.

زيادة معتقلي الرأي

وأكدت منظمة "قلم أميركا" (PEN America) في تقريرها الخاص "مؤشر حرية الكتابة" أن "الكتاب ساعدوا على كشف الحقائق ومواجهة الأكاذيب بطرق أسهمت في دعم الجهود الصحية العالمية. لكن حالة الطوارئ الصحية وفرت في الآن ذاته غطاء لحملات قمع حقوق الإنسان وتوسيع سلطة الحكومات في مراقبة حرية التعبير".

وأوضح تقرير المنظمة أن تلك الحملات توزعت على مختلف قارات العالم تقريبا، ففي "أوغندا، تم احتجاز الروائي والصحفي كاكوينزا روكيراباشايجا وتعذيبه في أبريل/نيسان بتهم تتعلق بفيروس كوفيد، ولكن يبدو أن الدافع وراءها هو استياء السلطات من كتاباته".

وفي الصين "استخدم ضباط الشرطة ذريعة اختبار فيروس كورونا لاعتقال الكاتب والناشط شو تشيونغ في منزل محاميه، ووضع الشاعر لي بيفنغ في الحجر الصحي القسري كأحد أشكال الاحتجاز. وفي كوبا، استندت الشرطة إلى قانون انتهاك الصحة العامة المتعلق بفيروس كورونا ذريعة لمداهمة مقر حركة سان إيسيدرو الفنية في نوفمبر/تشرين الثاني، واعتقلت أكثر من 10 أعضاء في الحركة".

وهذا هو العام الثاني الذي تقوم فيه المنظمة بإحصاء عدد الكتاب المحتجزين في جميع أنحاء العالم، وقد أكدت أن الوباء أدى إلى تعميق محنة معتقلي الرأي، حيث أصيب العديد من الكتاب والمعارضين بفيروس كورونا في السجون، بينهم الكاتب السعودي صالح الشيحي الذي توفي في يوليو/تموز الماضي بعد شهرين من خروجه من السجن متأثرا بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا.

وتقول سمر لوبيز مديرة برامج حرية التعبير في منظمة قلم أميركا "الكتاب يسلطون الضوء على فشل الحكومات في إدارة الأزمة الصحية ويحلّلون الأمور من منظور مختلف، وهو ما يجعل الكثير منهم مستهدفين".

تصدر آسيا

وحسب تقرير المنظمة، تتصدر الصين قائمة دول العالم في عدد المساجين والمعتقلين خلال العام الماضي بـ 81 كاتبا، بينهم ما لا يقل عن 33 فنانا وأكاديميا وشخصيات ثقافية أخرى في إقليم شينجيانغ الذي يشهد حملات قمع حكومية واسعة ضد أقلية الإيغور المسلمة.

من جانبها، أكدت كارين كارليكار المؤلفة الرئيسية لتقرير منظمة "قلم أمريكا" أن هذه الأرقام "فقط غيض من فيض" في إشارة إلى صعوبة معرفة الأرقام الحقيقية للمعتقلين في الإقليم، حيث تؤكد تقارير حقوقية أن ملايين الأشخاص قد تم إيداعهم معسكرات الاعتقال الأعوام الأخيرة.

كما حذرت كارليكار من الوضع المتدهور في الهند، قائلة إنها تشهد "تضييقا مستمرا على الصحفيين والمعارضين والمفكرين اليساريين والمدافعين عن حقوق الأقليات".

وقد ظهرت بيلاروسيا -التي لم يكن لديها أي حالة موثقة عام 2019- في القائمة 18 معتقل رأي عام 2020، وذلك بسبب الدور الذي لعبه العديد من الكتاب والمشاهير والأكاديميين خلال الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو العام الماضي.

وفي ميانمار، سجلت المنظمة 8 حالات موثقة عام 2020، بما في ذلك أعضاء فرقة تمثيل تُعرف باسم "جيل الطاووس" لكن الأرقام قد تكون أعلى بكثير بعد حملة الاعتقالات الجماعية التي أعقبت انقلاب الأول من فبراير/شباط، حيث صدرت مذكرات اعتقال بحق العديد من الكتاب والمشاهير المعارضين للجيش. وتقول كارليكار بهذا الشأن "لم يكن الوضع في ميانمار جيدا قبل ذلك، لكننا نتوقع أنها ستكون مثل بيلاروسيا عام 2021".

المصدر : واشنطن بوست