الانقسامات الداخلية والعلاقات مع تركيا ومصر والإمارات.. هذه أبرز تحديات السلطة الجديدة في ليبيا

Libyan family watch the elections on a TV screen at home in Tajoura suburb of Tripoli
السلطة الانتقالية الجديدة في ليبيا تنتظرها تحديات كبيرة خارجيا وداخليا (رويترز)

يثير انتخاب السلطة الانتقالية الجديدة في ليبيا موجة من الجدل في البلاد، ولا سيما أن هذه السلطة مطالبة بالتعامل مع ملفات معقدة، أهمها الملف الداخلي والتحالفات الخارجية القائمة في غرب وشرق البلاد والتي كونتها الأطراف المختلفة نتيجة الصراع العسكري الممتد منذ سنوات.

وتنتظر الفريق الرئاسي والحكومي الجديد مهام وتحديات وفق خريطة الطريق المحددة من ملتقى الحوار السياسي الليبي لإيصال البلاد نحو الانتخابات العامة نهاية العام الجاري.

واختار أعضاء ملتقى الحوار -في نتيجة يعتبرها البعض مفاجأة- القائمة الثالثة التي يرأسها محمد يونس المنفي من "الشرق"، وعضوية موسى الكوني من "الجنوب"، وعبد الله اللافي من "الغرب"، ورئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة من "الغرب"، فيما خسرت القائمة الرابعة التي يتزعمها عقيلة صالح وعضوية عبد المجيد سيف النصر عن الجنوب، وأسامة جويلي عن الغرب، وفتحي باشاغا كرئيس للحكومة.

ويرى محللون وسياسيون أن السلطة التنفيذية الجديدة البعيدة عن التجاذبات ستعمل للحفاظ على التحالفات التي أنشأتها حكومة الوفاق مع تركيا وقطر، فيما قد يلعب المنفي والكوني دورا في شرق ليبيا للتعامل مع نفوذ كل من عقيلة صالح وخليفة حفتر وحلفائهما الدوليين، خصوصا مصر التي يرى مراقبون أنها كانت تعول على فوز عقيلة صالح بالمجلس الرئاسي الجديد.

SWITZERLAND-LIBYA-UN-DIPLOMACY-CONFLICT-POLITICS
توقعات بأن تحافظ السلطة الجديدة على تحالفاتها مع تركيا وقطر وأن تعمل على مد جسور علاقات مع مصر (الفرنسية)

توازن وتجانس
من جهته، يرى مستشار حكومة الوفاق للعلاقات الأميركية محمد الضراط أن شخصيات السلطة التنفيذية الجديدة تتسم بالتوازن والتجانس العملي، وبإمكانها رعاية ما تبقى من استحقاقات لإنهاء المرحلة الانتقالية.

وأكد أن من يسعى إلى عرقلة السلطة الجديدة وتعطيل تنفيذ الخريطة المحددة سيجد نفسه ملاحقا محليا ودوليا، مشيرا إلى أن تعامل الحكومة الجديدة مع الأزمات والتحديات سيكون عبر وضع خطة عمل وبرامج تسعى إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا.

وقال الضراط للجزيرة نت إن "ملتقى الحوار السياسي لم يجتمع لتنصيب شخصيات بعينها أو لتمكين مرشحين من الوصول إلى السلطة بكل سهولة".

وأفاد بأن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة ستعمل على إقامة تحالفات تخدم مصلحة ليبيا وتساهم في الاستقرار وإيصال البلاد إلى الاستحقاق الانتخابي، إضافة إلى إعادة بناء جسور الثقة داخليا وخارجيا لإعادة تصحيح مسار الدولة.

Aguila Saleh, Head of East Libya Parliament, speaks during an interview with Reuters in Cairo
خسارة عقيلة صالح شكلت مفاجأة مدوية ومحللون يرون أنها بسبب تحالفاته مع خليفة حفتر (رويترز)

عقيلة وحفتر
بدوره، اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز أن سبب فشل قائمة عقيلة صالح "هو جدلية شخصيته ولكونه شريكا لخليفة حفتر في جميع جرائمه" كما قال.

وأضاف أن "السلطة الجديدة متوازنة، وذات تشكيلة عادلة بالنسبة للتوزيع السكاني، وأمامها فرصة تاريخية إذا انطلقت من الشرعية الدولية والتوافق الداخلي الذي شهد عليه الليبيون".

وتابع دبرز في تصريحه للجزيرة نت أن تحصين السلطة الجديدة بقرارات من مجلس الأمن الدولي "سيحجم دور مصر والإمارات ويمنع تدخلاتهما السلبية في المشهد الليبي".

وصرح بأن توحيد المؤسسات وإنهاء الانقسام وبسط السيطرة على كامل تراب الوطن هو المهمة الأساسية التي يجب على الحكومة الجديدة العمل عليها.

مهام وتحديات
من جهته، يرى عضو مجلس النواب علي الصول أن إنجاز السلطة الجديدة لمهامها المحددة يتوقف على الوضع الأمني واختيار الكفاءات والابتعاد عمن تطالهم شبهات فساد.

وأفاد الصول في تصريحه للجزيرة نت بأن ما فشل فيه مجلسا النواب والدولة لتشكيل حكومة كفاءات نجحت فيه المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز، وذلك عبر الضغط على جميع الأطراف الدولية والمحلية لإنتاج حكومة وحدة وطنية.

وأضاف أن "هناك تحديات يجب على الحكومة وضع حلول لها، منها احتواء قادة المجموعات المسلحة، وضم منتسبيها إلى المؤسسات العسكرية والشرطية والمدنية، وتشكيل قوات نظامية لفرض القانون واحتكار السلاح للدولة، وحل مشاكل المواطن اليومية، وتأمين المدن والطرق الحيوية الرئيسية".

وأشار الصول إلى أن الوصول إلى نقطة الاستفتاء على دستور للبلاد والدفع باتجاه إجراء انتخابات في موعدها وتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية هو من بين أساسيات خريطة الطريق للحكومة الجديدة.

Libyan dialogue forum postponed until next week
محللون يرون أن ما فشلت فيه الكيانات الليبية نجحت فيه المبعوثة الدولية ستيفاني وليامز (وكالة الأناضول)

تقوية التحالف
بدوره، اعتبر رئيس مركز إسطرلاب عبد السلام الراجحي أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة يمتلك علاقات جيدة مع الجانب التركي، وسيعمل على تقوية التحالف بين حكومته والحكومة التركية.

وأضاف الراجحي للجزيرة نت أن "دبيبة رجل أعمال وسياسي منفتح، وقد تنتهز الحكومة المصرية هذه الفرصة لإعادة علاقاتها مع ليبيا بعدما كانت تبرر أن لديها مشكلة مع حكومة الوفاق، لكن المشكلة تكمن في الإمارات التي لديها مشروع لا تريد التخلي عنه" على حد وصفه.

وأشار إلى أن قلة خصوم شخصيات السلطة التنفيذية الجديدة يمكنها من العمل بكل سهولة مع الأطراف المحلية والدولية وتنفيذ التزاماتها المحددة في الوقت المناسب.

المصدر : الجزيرة