غزة تغرق في دوامة أزمة الكهرباء من جديد

أزمة الكهرباء تهدد حياة آلاف المرضى في غزة-رائد موسى-الجزيرة نت
أزمة الكهرباء تهدد حياة آلاف المرضى في غزة (الجزيرة)

غزة- دون كهرباء مستقرة ومستمرة تتحول المستشفيات إلى مقابر، بهذه الكلمات وبكثير من القلق عبّر مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور محمد أبو سلمية عن مخاوفه من توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل كليا.

واضطرت سلطة الطاقة في غزة إلى وقف أحد 3 مولدات رئيسية في محطة التوليد، أمس الأحد، وأطلقت تحذيرات جدية لتوقف المحطة، بسبب عدم وصول إمدادات السولار القطري منذ 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ودخل القطاع المحاصر في أزمة كهرباء خانقة منذ تعرض محطة التوليد لقصف إسرائيلي عام 2006، وتشتد هذه الأزمة وتنخفض وفقا لتوفر إمدادات السولار المخصص لتشغيل المحطة، فيما أسهمت المنح القطرية في تخفيف حدتها خلال السنوات الماضية.

مخزون السولار في مجمع الشفاء الطبي يكفي لأسبوع واحد فقط-رائد موسى-الجزيرة نت
مخزون السولار في مجمع الشفاء الطبي يكفي لأسبوع واحد فقط (الجزيرة)

خطر يتهدد حياة المرضى

وقال أبو سلمية -للجزيرة نت- "إن حياة كثير من المرضى معلقة بتوفر الكهرباء على مدار الساعة، خصوصا أولئك في أقسام العناية المكثفة، ووحدة غسيل الكلى، والحضانة، وغيرها من الأقسام الحيوية ومحطات توليد الأكسجين".

وأكد مدير مجمع الشفاء الطبي، وهو الأكبر في قطاع غزة ويضم 3 مستشفيات كبرى، أن توقف محطة التوليد عن العمل يضطرهم إلى اللجوء لبدائل صعبة ومكلفة، كالمولدات الخاصة التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود.

ويحتاج مجمع الشفاء إلى 400 لتر من السولار في الساعة الواحدة لتشغيل أقسامه المختلفة، وما يتوفر في مخازنه حاليا يكفيه لمدة تتراوح من 5 إلى 7 أيام فقط.

وقال أبو سلمية "إن حياة آلاف المرضى على المحك، وإذا وقعت الأزمة فإن الخطر يتهددهم بشكل حقيقي".

وبحسب سلطة الطاقة فإن نسبة العجز في احتياجات قطاع غزة من الكهرباء تبلغ حوالي 55%، وقد تصل إلى 70% في حال توقفت محطة التوليد عن العمل بشكل كلي.

تداعيات خطيرة لأزمة الكهرباء على مناحي الحياة كافة-رائد موسى-الجزيرة نت
تداعيات خطيرة لأزمة الكهرباء على كافة مناحي الحياة (الجزيرة)

مصادر الطاقة

ويعتمد مليونا فلسطيني في غزة حاليا على مصدرين رئيسيين للكهرباء، الأول عبر الخطوط الإسرائيلية التي توفر 120 ميغاواتا، والثاني ما توفره محطة التوليد المحلية ويقدر بـ70 ميغاواتا، فيما لا يزال خط الكهرباء المصري الذي كان يوفر أقل من 30 ميغاواتا متوقفا منذ عام 2018.

ووفقا لمدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت، يحتاج القطاع لنحو 450 ميغاواتا من الكهرباء في الوقت الطبيعي، وتزداد احتياجاته إلى 550 ميغاواتا في فصل الشتاء.

وبسبب هذا العجز الكبير في إمدادات الكهرباء، برزت في غزة على مدار السنوات الماضية مصادر عدة لتوفير الكهرباء، أكثرها شيوعا في الوقت الحالي المولدات التجارية الاستثمارية المنتشرة في الشوارع.

وفي ظل معدلات فقر وبطالة كبيرة ومستشرية، لا يستطيع كثير من الغزيين اعتماد المولدات التجارية كمصدر للكهرباء، بسبب ارتفاع تكلفتها التي تصل إلى 4 شواكل للكيلو الواحد في مقابل نصف شيكل فقط لنظيره من الكهرباء العامة (الدولار يعادل 3.11 شواكل).

ويقدر ثابت قيمة ما أنفقه الغزيون على وسائل الطاقة البديلة من مولدات خاصة وتجارية وطاقة شمسية وغيرها بنحو 1.5 مليار دولار منذ بداية تصاعد الأزمة عام 2006.

مدير مجمع الشفاء بدون الكهرباء مستشفياتنا تتحول إلى مقابر -رائد موسى-الجزيرة نت
مدير مجمع الشفاء: دون الكهرباء مستشفياتنا تتحول إلى مقابر (الجزيرة)

تداعيات خطيرة

وقال ثابت -للجزيرة نت- إن ملف الكهرباء في غزة يشهد اضطرابا وينطوي على كثير من المفاجآت، التي قد تحدث في أي لحظة، والشركة تعمل بما تمتلك من إمكانيات على استغلال ما لديها من كميات طاقة بشكل أمثل، وتوزيعها على نحو عادل على السكان ومختلف القطاعات.

وأضاف "من غير المعروف على وجه الدقة السبب الحقيقي لتوقف إمدادات السولار القطري المخصص لمحطة التوليد"، غير أن المؤكد أن "استمرار هذا التوقف سينجم عنه تداعيات كارثية خطيرة".

وأكد ثابت أن توقف المحطة عن العمل كليا سيلقي بآثار سلبية خطيرة تطال مناحي الحياة كافة، خصوصا القطاعات الحيوية كالمستشفيات ومحطات توليد الأكسجين ومضخات المياه ومعالجة الصرف الصحي، وقطاعات صناعية واقتصادية وزراعية ستتأثر على نحو كبير بالأزمة.

ويحتاج تشغيل محطة التوليد، التي أقيمت مع تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، إلى 650 ألف لتر من السولار يوميا لتشغيل 4 مولدات لتنتج كامل طاقتها المقدرة بنحو من 90 إلى 100 ميغاوات، بحسب ثابت.

ويقول ثابت إن هناك حلولا قد تكون سريعة وتشكل مخرجا -ولو مؤقتا- من الأزمة الخانقة، تتمثل في معالجة توفير خطوط نقل كهرباء من مصر، لتأمين السولار بشكل دائم لمحطة التوليد في غزة، وتطوير ما يعرف بخط 161 الناقل للكهرباء من إسرائيل.

ومنذ تشديد الحصار على غزة في منتصف عام 2007، لا تسمح إسرائيل بتوريد كميات كافية من الوقود المخصص للمحطة، إلى أن تكفلت قطر خلال السنوات الثلاث الماضية بمنح إنسانية، خصص جزء منها لتمويل وقود المحطة، آخرها منحة أميرية بـ360 مليون دولار لصالح مشاريع تشغيلية وإنسانية، وجزء منها لتوفير الوقود خلال عام 2021.

المصدر : الجزيرة