ليبراسيون: السلطات العسكرية تخلق مناخا من الخوف.. العودة الزاحفة للقمع في السودان

هون: الناشطون عازمون على الاستمرار في مظاهراتهم الاحتجاجية (الأناضول)

قالت صحيفة ليبراسيون (Liberation) الفرنسية إن السلطات العسكرية في السودان خلقت مناخا من الخوف بين المعارضين منذ الانقلاب الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان نهاية أكتوبر/تشرين الأول، مشيرة إلى ممارسة التطهير والسجن والإعدام خارج نطاق القانون ضد الثوار الذين بدؤوا يحتشدون مرة أخرى بعد أكثر من عامين على ثورة 2019.

وفي تقرير بقلم مراسلتها في الخرطوم باتريشيا هون، أوضحت الصحيفة أنه كنت هناك اعتقالات مستهدفة، حيث قال أحد الرجال "إنهم (رجال الأمن) يهاجمون من ينسقون الأنشطة السياسية، ويقومون بالضغط لخلق مناخ من الخوف لمحاولة كسر عزمنا. يعتقلون الشباب ويذلونهم ويضربونهم قبل الإفراج عنهم".

وتحدثت المراسلة عن مجموعة من حوالي 20 رجلا وامرأة، قالت إنهم أعضاء في لجان المقاومة التي تشكلت من المتطوعين داخل الأحياء، ولعبت دورا مركزيا في الثورة السودانية عام 2019. وأوضحت أن هذه المجموعة ما زالت تشكل رأس الحربة في التعبئة الحالية ضد قبضة الجيش على السلطة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول، وأنها على أهبة الاستعداد، ولكن أعضاءها أجبروا على العمل تحت الأرض مرة أخرى، حتى إن بعضهم لم يعودوا يستخدمون هواتفهم خوفا من مراقبة تحركاتهم.

وفي الوقت الذي ظن فيه السودانيون أن عهد القمع ولى نهائيا، بدأ القمع يطفو من جديد على السطح بحسبما تقول المراسلة، إذ ألقت الشرطة القبض على حوالي 100 شخص معظمهم من المعلمين، خلال مظاهرة خارج وزارة التربية والتعليم في بحري شمال الخرطوم. وقالت المعلمة خدة خالد شيب -وهي أم لـ6 أطفال- إنهم "أطلقوا الغاز المسيل للدموع، ولجأنا إلى المباني وتبعونا. كانت في أيديهم سياط وأنابيب بلاستيكية، وكانوا يضربون الناس. عندما وضعونا في الشاحنة وأمرونا بالجلوس على الأرض، كسرت ساق امرأة، وبدأت أخرى حامل تشعر بانقباضات، وقيل لي إنها أجهضت بعد ذلك".

ومنذ الانقلاب قبل قرابة 3 أسابيع، سجن عشرات الأشخاص من قادة لجان المقاومة والوزراء وممثلي المجتمع المدني وأحزاب المعارضة، ولا يزال رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية، ممنوعا من التحرك والاتصال.

خلا المسرح للجيش

وفي هذه الأثناء، أعلن البرهان عن مجلس سيادي جديد يكون الجهة المسؤولة عن قيادة المرحلة الانتقالية، واحتفظ لنفسه برئاسته، وأفسح المجال لقادة حركات التمرد السابق ممن وقعوا السلام مع الخرطوم في نهاية عام 2020، وأقال في المقابل 4 ممثلين مدنيين من قوى الحرية والتغيير، ذلك التحالف الكبير الذي تشكل عام 2019 لإسقاط الرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، بعد 4 أشهر من الثورة الشعبية.

ووصف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك هذه التطورات الأخيرة في البلاد بأنها "مقلقة للغاية"، وقال إن "نافذة الحل السلمي للأزمة تنغلق"، غير أن الجيش يقدم بيادقه داخل المؤسسات العامة في عمليات تطهير مستمرة.

يقول القيادي في نقابة المعلمين بالعاصمة عمر بابكر "إنهم (العسكر) لم يضيعوا الوقت. في وزارة التربية والتعليم، أقالوا المدير محمد إبراهيم الذي كان نشطا للغاية خلال الثورة، واستبدلوه بأحد أعمدة النظام القديم".

كلنا في خطر

تقول المراسلة إن "الكيزان" يعودون إلى النفوذ والمعارضة مكبوتة، والكيزان مصطلح يستخدم للإشارة إلى أعضاء وأنصار نظام الرئيس المعزول حسن البشير من الإسلاميين.

تقول الباحثة خلود خير، المؤسسة المشاركة في مركز الأبحاث إنسايت إستراتيجي بارتنرز، "يجب ألا ننسى أن البرهان كان جزءا من هذا النظام، إنه يفتح الباب على مصراعيه للإسلاميين، ويعيد الذين تم فصلهم وحتى اعتقالهم، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم استعداد أي شخص آخر للعمل معه".

وتقول المحامية والناشطة النسوية تهاني عباس -التي كانت مع العديد من النساء في الخطوط الأمامية خلال الثورة- "نحن جميعًا في خطر، قد يأتون ويأخذوننا واحدا تلو الآخر. خلال الثورة هاجم الجيش منزلي بحثا عني وأرسل لي رسائل تهديد. اضطررت إلى إرسال طفلي (4 سنوات) خارج الخرطوم إلى والدتي ليكون في مكان آمن، إنه نفس الوضع اليوم! بالطبع أنا خائفة طوال الوقت. لكن هل يمكننا التراجع الآن؟ لا، هذا غير ممكن".

المصدر : ليبراسيون