لوبس: إثيوبيا.. هل نحن أمام يوغسلافيا جديدة في القرن الأفريقي؟

الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل إثيوبيا وبقاء نظامها الحالي، فهل تذهب إلى حد التفكك؟

مقاتلون من قومية الأمهرة الموالية لرئيس الوزراء الإثيوبي (الفرنسية)

أدت الحرب بين القوات الحكومية ومتمردي تيغراي منذ عام إلى إغراق إثيوبيا -التي تحتل مكانة خاصة في الجغرافيا السياسية للقارة الأفريقية- في أزمة إنسانية وسياسية خطيرة، وهي تعاني الآن من اضطرابات مأساوية تهددها بالانهيار، بعد أن غرقت في جحيم الصراعات العرقية القومية التي لا يعرف إلى أي مأزق ستقودها.

وتقول مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية إن إثيوبيا ليست دولة مثل باقي الدول، لأنها إمبراطورية سابقة تحتل القرن الأفريقي ويسكنها 110 ملايين نسمة، ولها مكانة خاصة في الجغرافيا السياسية للقارة الأفريقية، لأنها تستضيف مقر الاتحاد الأفريقي، وكانت مسرحا لثورة حقيقية في عام 1974 لإسقاط إمبراطور كان شجاعا في مواجهة الغزو الإيطالي، لكنه أعمى في وجه الواقع الإقطاعي الذي أصبح لا يطاق لرعاياه.

وفي مقاله  للمجلة، يقول الكاتب والمحلل السياسي بيير هاسكي إن إثيوبيا في السنوات الأخيرة أصبحت "نمرا" أفريقيا محتملا، مع نمو قوي وقاطرة اقتصادية محتملة وقطب للاستقرار الإقليمي، إلا أنها للأسف تعاني الآن من اضطرابات مأساوية جديدة تهددها بالانهيار وتغرقها في جحيم الصراعات العرقية القومية.

ففي قلب هذه الكارثة الإنسانية والسياسية –كما يرى بيير هاسكي- هناك رئيس الوزراء آبي أحمد الذي توج بسرعة كبيرة بجائزة نوبل للسلام عام 2019، بعد بداية واعدة، قبل أن يتبين أنه في الواقع أمير حرب تعس وساحر هاو مولع بقضية الهوية، ويدعو إلى "إغراق خصومه في الدماء" بسبب عرقهم، وقد بدأ حربا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ووعد بأن تكون قصيرة وسهلة، لإخماد منطقة خالفت القوانين الفدرالية.

لقد شن آبي أحمد الحرب في منطقة تيغراي، وهي ليست كأي منطقة أخرى، لأنها مقاطعة يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، وتقودها جبهة تحرير شعب تيغراي، سادة إثيوبيا السابقين لما يقرب من 3 عقود، وهم من سمحوا بوصوله للسلطة عام 2018، إلا أن هذا التدخل بقيادة الجيش الفدرالي تحول إلى كارثة، وهو لا يهدد اليوم سلطات أديس أبابا ليس فقط، بل يهدد بإغراق إثيوبيا في حرب شاملة.

ولا يمكن تجاهل تعقيد تاريخ إثيوبيا وتنوع شعبها، حيث إن جبهة تحرير تيغراي متحالفة مع جيش تحرير أورومو الذي يمثل المجموعة العرقية الرئيسية في إثيوبيا، التي يبلغ قوامها 35 مليون نسمة وهي التي ينحدر منها آبي أحمد، ولذلك لا يقارن بعض المحللين وضع إثيوبيا بغيرها من دول أفريقيا -حسب الكاتب- بل بحالة يوغسلافيا السابقة التي أدى تفككها بالدم والألم إلى ولادة دول قومية لم تستعد جميعا استقرارها بعد، وبالتالي فإن أزمة تيغراي أظهرت أنه لا يمكن التغاضي عن الماضي وجراحه بهذه السهولة.

وخلص هاسكي إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل إثيوبيا وبقاء نظامها الحالي، فهل يصل الوضع إلى انفراط عقد الاتحاد؟ الشيء الوحيد المؤكد هو أن "قطب الاستقرار" الإثيوبي قد ذهب وأنه لن يعود لفترة طويلة.

المصدر : لوبس