الأسرى الفلسطينيون عام 2020.. معاناة مضاعفة في مواجهة السّجان والوباء

سجن شطة الإسرائيلي
أعلى نسبة اعتقالات في عام 2020 سجلت في يناير/كانون الثاني، وبلغت 496 حالة اعتقال (الجزيرة)

واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2020 سياسة التنكيل الممنهج وانتهاكاتها المنظمة لحقوق الأسرى والمعتقلين التي كفلتها المواثيق والأعراف الدولية، كجزء من بنية العنف التي تفرضها على الواقع الفلسطيني، حيث تصدّرت جملة من الانتهاكات واقع قضية المعتقلين والأسرى في السجون الإسرائيلية، ولا سيما مع انتشار فيروس كورونا والتحولات التي رافقت الوباء، عبر جملة من الإجراءات التي فرضتها إدارة سجون الاحتلال وساهمت في تفاقم ظروف الاعتقال.

الأسير الفلسطيني كمال أبو وعر
الأسير الفلسطيني كمال أبو وعر من بين 4 أسرى استشهدوا داخل سجون الاحتلال خلال عام 2020 (مواقع التواصل)

أرقام مخيفة

ووفقا لمتابعة المؤسسات الحقوقية الخاصة بشؤون الأسرى، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت نحو 4634 فلسطيني خلال عام 2020، من بينهم 543 طفلا و128 من النساء، ووصل عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة إلى 1114 أمرا.

وتشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة-سلوان)، في تقرير سنوي صدر عنها اليوم الخميس ووصلت الجزيرة نت نسخة منه، إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول نحو 4400 أسير، منهم 40 أسيرة.

بينما بلغ عدد المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو 170 طفلا، وعدد المعتقلين الإداريين نحو 380 معتقلا، بينما وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 226 شهيدا، حيث استشهد 4 أسرى داخل سجون الاحتلال في هذا العام، وهم: نور الدين البرغوثي، وسعدي الغرابلي، وداود الخطيب، وكمال أبو وعر.

والدة الاسير عبدالله البرغوثي ترفع صورته في احد الاعتصامات. الجزيرة. ارشيفية امام رئاسة الوزراء عمان
والدة الأسير عبد الله البرغوثي ترفع صورته في أحد الاعتصامات أمام رئاسة الوزراء في عمّان (الجزيرة)

ووصل عدد الأسرى الذين صدرت بحقهم أحكام بالسّجن المؤبد إلى 543 أسيرا، منهم 5 أسرى خلال عام 2020، علما بأن أعلى حكم من بينهم هو للأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبدا.

بينما وصل عدد الأسرى المرضى قرابة إلى 700 أسير، منهم قرابة 300 حالة مرضية مزمنة وخطيرة وبحاجة لعلاج مناسب ورعاية مستمرة، وهناك على الأقل 10 حالات لمصابين بالسرطان وبأورام ذات درجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (81 عاما)، وهو أكبر الأسرى سنّا.

وأبرز الأسرى المرضى في سجن "عيادة الرملة" هم: خالد الشاويش، ومنصور موقدة، ومعتصم رداد، وناهض الأقرع، وصالح صالح، وموفق العروق. علما بأن غالبيتهم في عيادة الرملة منذ سنوات اعتقالهم، وقد استشهد لهم رفاق احتجزوا لسنوات معهم، منهم: سامي أبو دياك، وبسام السايح، وكمال أبو وعر.

وعدد الأسرى الذين قتلهم الاحتلال عبر إجراءات الإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء) -وهو جزء من سياسة ثابتة وممنهجة- وصل إلى 71، وذلك منذ عام 1967.

ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين 8 أسرى استشهدوا داخل السجون، وهم: أنيس دولة الذي استُشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وأربعتهم استُشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وداوود الخطيب، وكمال أبو وعر الذين استشهدوا خلال عام 2020.

وبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو 26 أسيرا، أقدمهم الأسيران: كريم يونس، وماهر يونس المعتقلان منذ يناير/كانون الثاني 1983 بشكل متواصل، والأسير نائل البرغوثي الذي قضى أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة مجموعها أكثر 40 عاما، قضى منها 34 عاما بشكل متواصل، وتحرر عام 2011 في صفقة "وفاء الأحرار"، ثم أُعيد اعتقاله عام 2014 مع عدد من نواب المجلس التشريعي في دورته الأخيرة، وبلغ عدد المعتقلين 9 نواب.

قراءة عمليات الاعتقال على مدى عام 2020

وسجلت أعلى نسبة اعتقالات في يناير/كانون الثاني 2020، إذ بلغت 496 حالة اعتقال، وكانت أدنى نسبة قد سُجلت في أبريل/نيسان 2020، وبلغت 197 حالة اعتقال، إلا أنه ومنذ مايو/أيار صعّد الاحتلال من عمليات الاعتقال الممنهجة رغم تصاعد انتشار وباء كورونا منذ مارس/آذار 2020.

وتؤكد مؤسسات الأسرى على أن أعلى نسبة اعتقالات في المحافظات هذا العام سُجلت في القدس وبلداتها ووصلت إلى 1975 حالة اعتقال، كانت أعلاها في بلدة العيسوية، حيث سُجلت 642 حالة اعتقال، من بينها 363 قاصرا، و100 من النساء بينهن 3 قاصرات.

وصعّدت سلطات الاحتلال من استهدافها للبلدات والمخيمات التي تشهد مواجهة مستمرة معه، خاصة البلدات والمخيمات القريبة من المستوطنات المُقامة على أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية.

كما استهدفت عمليات الاعتقال طلاب الجامعات في محاولة لتقويض أي مساهمة اجتماعية أو نضالية يمكن أن تُشكل رافعة للمجتمع الفلسطيني، وتُساهم في بث الوعي الوطني، فكان طلبة جامعة بير زيت على وجه الخصوص في بؤرة الاستهداف، ووصلت حالات الاعتقال بين صفوف طلبة الجامعات خلال العام 2020 لأكثر من 70 حالة.

الأسير الفلسطيني عاصم البرغوثي في الجلسة التي حكم عليه فيها بـ4 مؤبدات (مواقع التواصل)

3600 اعتقال منذ بداية كورونا

ويتضمن تقرير المؤسسات أبرز القضايا التي فرضت نفسها على واقع المعتقلين والأسرى، حيث شكلت قضية وباء كورونا نقطة تحول جذرية على واقع الأسرى، بما رافقها من إجراءات فرضتها إدارة سجون الاحتلال، وحوّلت الوباء إلى أداة قمع وتنكيل، وضاعفت من عزل الأسرى، فضلا عن استمرار قوات الاحتلال -رغم انتشار الوباء- في عمليات الاعتقال الممنهجة، واقتحامات منازل المواطنين والتنكيل بهم، حيث وصلت عدد حالات الاعتقال منذ بداية انتشار الوباء أكثر من 3600 حالة.

وتناول التقرير قضية اعتقال الأطفال والنساء الممنهج، والذي استهدف على وجه الخصوص أطفال ونساء القدس، فقد سُجلت أعلى نسبة اعتقالات بين صفوف الأطفال والنساء في القدس، إضافة إلى بعض المناطق والبلدات التي تشهد مواجهة مستمرة مع الاحتلال. ويوضح التقرير أبرز عمليات السلب والانتهاكات التي نفذها جيش الاحتلال بحق المعتقلين منذ لحظة اعتقالهم، مرورا بمرحلة التحقيق والظروف التي يواجهونها لاحقا بعد زجّهم داخل السجون.

ويستعرض التقرير كذلك جملة السياسات التي واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذها بحق الأسرى، وأبرزها: التعذيب، والإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء)، والتي أدت إلى استشهاد 4 أسرى خلال عام 2020، والعزل الانفرادي الذي صعّدت من تنفيذه، والاقتحامات وعمليات القمع الممنهجة لأقسام الأسرى وغرفهم.

إضافة إلى عمليات الاقتحامات الليلة لمنازل المواطنين، بما يرافقها من تنكيل، وهو ما يندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي، إضافة إلى سياسة هدم المنازل وحرمان المئات من عائلات الأسرى من الزيارة، والتحولات التي فرضتها إجراءات الوباء على الحق في الزيارة، ولا سيما أسرى غزة وعائلاتهم.

ذوو الأسرى المرضى ناشدو القيادة الفلسطينية الاهتمام بقضية أبنائهم -اعتصام ذوي الأسرى المرضى - الخليل
ذوو الأسرى المرضى ناشدوا القيادة الفلسطينية الاهتمام بقضية أبنائهم (الجزيرة)

حقوق الأسرى وعائلاتهم

وفي إطار تصاعد السياسات التي تستهدف حقوق الأسرى وعائلاتهم، تناول التقرير الحرب المتصاعدة على القضية بمجملها، والتي تمس الوجود الفلسطيني، وحق الفلسطيني في النضال وتقرير المصير، حيث شكلت قضية الحرب على مخصصات الأسرى وعائلاتهم أبرز القضايا التي فرضت نفسها خلال عام 2020، بما حملته من أبعاد مختلفة.

وفي مواجهة سياسات الاحتلال وأبرزها قضية الاعتقال الإداري، استعرض التقرير الإضراب عن الطعام كوسيلة تاريخية للمواجهة، والفاعلية التي فرضها الأسرى، من خلال التعليم والنطف المحررة التي فرضت معادلة جديدة على صعيد حياة الأسرى وعائلاتهم.

المصدر : الجزيرة