الحقوقي دي روش للجزيرة نت: مشروع قانون الانفصالية الإسلامية يصور المسلمين كوحوش وفرنسا ستودع مبادئ حقوق الإنسان باعتماده

‎⁨الناشط الحقوقي فرنسوا دي روش⁩.jpg
دي روش: هناك تراجع كبير وخطير في حرية التعبير وحقوق الإنسان في فرنسا (الجزيرة)

رغم أنه طبيب معروف ومشهور، ورئيس سابق لفدرالية الأطباء الفرنسيين، فإن فرنسوا دي روش قرر بعد مشاركته في هيئة طبية دولية لمداواة جرحى وضحايا الثورة السورية، تجاوز دوره كطبيب يعالج ضحايا المجازر والقمع في العالم إلى دوره الإنساني الأكبر في الكشف عن أسباب هذه المجازر ومرتكبيها، والتنديد بانتهاكاتهم وتوثيقها لمحاسبتهم وفق قوانين حقوق الإنسان الفرنسية والدولية.

ولذلك كرس دي روش حياته ووقته كله منذ زمن بعيد لمنظمة "عدالة وحقوق بلا حدود" التي يرأسها، وأصبح مناصرا معروفا لحقوق الإنسان في فرنسا وأوروبا والعالم، لأنه كما يقول لا يعترف بالحدود الجغرافية والأوطان الواهية والفوارق الاجتماعية، كأنه تشي غيفارا حين قال" إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني".

في هذا الحوار مع الجزيرة نت يتحدث المناضل الحقوقي عن أهم انتهاكات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحقوق الإنسان، التي وثقتها منظمته وبقية المنظمات الحقوقية، ويكشف أيضا عن خطورة مشروع قانون الانفصالية الإسلامية الذي تناقشه الحكومة الفرنسية هذه الأيام، إضافة إلى عدة قضايا حقوقية وإنسانية أخرى، فإلى الحوار:

‎⁨متظاهر يرفع لافتة مكتوب عليها السيسي استقبل على السجادة الحمراء بلون دم الديكتاتورية⁩.jpg
‎⁨متظاهر يرفع لافتة كُتب عليها: "السيسي استُقبل على السجادة الحمراء بلون دم الدكتاتورية⁩" (الجزيرة)

ما أهم الاعتداءات والانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي كشفتها ووثّقتها منظمتكم وبقية الجمعيات والمنظمات الحقوقية ضد نظام السيسي ووجهتها في رسالة إلى رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية وسكرتير الشؤون الخارجية؟

في الحقيقة نحن كتبنا رسالة فيها أغلب انتهاكات نظام السيسي ووزعناها، إضافة إلى رئيس الجمعية الوطنية وسكرتير الشؤون الخارجية، ووزعنا نسخة منها إلى كل رؤساء الكتل النيابية بالجمعية العامة، وأيضا أعطينا نسخة إلى كل الوزراء ووزراء سابقين مناصرين لحقوق الإنسان. وأردنا من خلال هذه الرسالة فضح هذا النظام الدكتاتوري القمعي البشع من خلال الانتهاكات الكثيرة التي تراوحت بين التعذيب الجماعي والقتل والاختفاء القسري والفساد المستشري وظروف الاعتقال المزرية. فالسيسي استغل قانون مكافحة الإرهاب لكي يزج بكل معارضيه في السجن، ويغلق كل منظمات المجتمع المدني ويهمشها ويحاصرها.

ويوجد الآن أكثر من 60 ألف سجين رأي في السجون المصرية، وسجلت وفاة نحو 762 سجينا بين عامي 2013 و2019. كما وثقت المنظمات غير الحكومية 73 وفاة إضافية بسبب الإهمال الطبي المتعمد بين المعارضين السياسيين المحتجزين خلال عام 2020.

بعض المعتقلين حوكم أمام هيئات قضائية غير مسبوقة، أنشأها السيسي من أجل بث الرعب وإسكات المجتمع المدني. بين عامي 2013 و2019، تم إصدار 1558 حكمًا بالإعدام ضد معارضين سياسيين، معظمها في سياق محاكمات جماعية وسريعة، وتم تنفيذ 80 حكما بالإعدام.

بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الندوة الصحفية المشتركة مع السيسي بأنه لا يجب ربط التعاون الفرنسي المصري بمسألة حقوق الإنسان، ألا تعتقد أن جميع الأنظمة متشابهة، وأن ما يربط بينها هو المصالح الاقتصادية لا غير، وأن مسألة حقوق الإنسان مجرد تفصيلة صغيرة ليست لها أي أهمية وأولوية في العلاقات الدولية؟

في رأيي، كان خطاب الرئيس ماكرون وكلامه حماقة سياسية، لأنه يعتقد أننا نستطيع أن نقيم تعاونا تجاريا واقتصاديا مع شخص لا يحترم حقوق الإنسان. انظروا ماذا حصل مع ساركوزي ومعمر القذافي؛ فساركوزي اليوم يدفع الثمن غاليا. التاريخ عادل، وإذا لم تحاسبك المحاكم سيحاكمك التاريخ، وإذا لم يحاكمك التاريخ ستحاكمك الشعوب، وإذا لم تحاكمك الشعوب سيحاكمك الله الذي خلقك.

ولذلك كله لا نستطيع أن نقول إن مسألة حقوق الإنسان شيء ثانوي حتى عند الدول الرأسمالية، لأنه ليس هناك أرفع وأهم من حقوق الإنسان، والذي يبجل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان، ويفكر بهذه الطريقة، لا يمكن إلا أن يكون إنسانا "غبيا" أو "خبيثا".

وأعتقد أن ماكرون كان بحاجة إلى زيارة السيسي؛ حتى يعطيه حصانة، ويبرر له أفعاله ومضيه قدما مثلا في مشروع قانون الانفصالية الإسلامية. وهو بذلك يريد أن يبرر لنفسه ولحكومته ولبقية القوى الأوروبية أحقية خطواته وسياسته من خلال القول إن هذا رئيس دولة عربية إسلامية، وليست أي دولة، بل هي مصر مقر مؤسسة الأزهر، وهو موافق على سياستنا تجاه هؤلاء الإسلاميين الانفصاليين.

وأظن أن هذا قلة نظر على المدى الطويل من قبل ماكرون، وهو بينه وبين نفسه يعرف أنه على خطأ، وهو يخجل من تصرفاته، ولذلك كرّم السيسي وأعطاه وسام جوقة الشرف من دون أن يدعو الصحافة الفرنسية، واضطرت الصحافة الفرنسية أن تأخذ الصور من القناة الرسمية المصرية. تصوروا وسائل إعلام دولة متقدمة مثل فرنسا تضطر لأخذ الصور من وسيلة إعلام رسمية في نظام دكتاتوري مستبد وليست لديه أي حرية تعبير.

وفي السياق نفسه، كان السيسي أيضا خبيثا كثيرا، لأنه صرح من قبل -ودائما يبالغ في تصريحاته للفرنسيين والأوروبيين- بكون انتهاكاته وممارساته إنما هي لمصالحهم وليحميهم من الإسلاميين الذين سيأتون إلى أوروبا، وسيقيمون الخلافة ويسفكون الدماء ويقطعون الرؤوس ويجلدون الناس في الشوارع، وهو بذلك يعزف على الوتر الحساس، لأنه يعرف أن المواطن الفرنسي البسيط يخاف من الإسلام لأنه يعتقد أنه ديانة قتل وعنف.

في السياق نفسه، ما رأيك كحقوقي فرنسي في مشروع القانون الجديد الذي اقترح لمحاربة الانفصالية الإسلامية كما يقول ماكرون وحكومته، والذي نوقش منذ 3 أيام في مجلس وزاري على أعلى مستوى، بانتظار تقديمه للبرلمان للمصادقة عليه؟

أعتقد جازما أنه إذا مر مشروع قانون الانفصالية الإسلامية، فإن فرنسا ستودع إلى الأبد مبادئ حقوق الإنسان، وستصبح دولة دكتاتورية. وأنا أعي أهمية هذه الكلمة وقوتها ولكنها الحقيقة، لأنه قانون خطير جدا. وهذا القانون فصّل وخيط ضد المسلمين فقط. وبمعنى أدق هذا القانون ضد المسلمين كوحش وعنصر مهدد للأمن، وليس للمسلمين كديانة عادية، فهو يصورهم كوحش وكخطر على المجتمع وعلى الجمهورية؛ وهنا تكمن خطورة مشروع القانون.

ودعك من التصريحات الإعلامية المخادعة لرئيس الوزراء جان كاستيكس الذي يحاول أن يذر الرماد في العيون، ويحاول أن يخفي خطورة هذا القانون. وفي رأيي، هذا القانون سيجعل لكل مسلم في فرنسا استمارة أو "فيش" (Fiche)، مثل الذي حصل مع اليهود في ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.

وبالتالي، سنضع المسلمين في خانة معينة وسنراقبهم ونحاصرهم، وفي الأخير سيقع لهم مثل ما وقع لمسلمي الإيغور في الصين. ولكننا في منظمة "عدالة وحقوق بلا حدود" وأيضا في بقية المنظمات الحقوقية لن نصمت، وسنقوم بالتحركات اللازمة ضد هذا القانون، كي نقول إن مشروع القانون ليس لاإنسانيا فقط، بل إنه غير قانوني أيضا، ويتعارض مع ما جاء في الدستور الفرنسي، ولذلك فأنا متأكد بأننا سنربح معركتنا القانونية ضد الحكومة.

وفي أسوأ الحالات، إذا لم نوفق في معركتنا هذه في فرنسا فإننا سنتوجه إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية. ولكن الواضح أن ماكرون بقانونه هذا يريد استمالة القاعدة الانتخابية لليمين المتطرف، لأنها "موضة" هذه الأيام في فرنسا لمن يريد أن يربح الانتخابات أو يستميل الفرنسيين، فكل ما عليه هو أن يحاصر المسلمين ويتهمهم ويصفهم بالإرهابيين.

وأعتقد أن مثل هذا القانون حتى مارين لوبان ما كانت تتجرأ على وضعه لو كانت في الحكم. خطورة هذا القانون هو أنه يفرق بين المواطنين الفرنسين ويقسّم المجتمع الفرنسي بالشكل الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية في السنوات القادمة.

إلى أي مدى تعتبر أن هناك سوء نية وتعمدا ممنهجا لاستخدام واستغلال تشريعات مكافحة الإرهاب والأمن القومي، من قبل نظام السيسي وأمثاله من الأنظمة الدكتاتورية العربية والعالمية للتضييق على الحريات والناشطين والصحفيين والمعارضين والمنظمات الحقوقية؟ وما تبعات استعمال مثل هذه القوانين الخطيرة على الأجيال القادمة من خلال تقسيم المجتمع المصري –وأي مجتمع– إلى مواطن وإرهابي، وإلى وطني وغير وطني، وإلى بث روح الكره والعنف بين فئات المجتمع نفسه؟

السيسي يضع كل من يعارضه في السجن تحت راية قانون الإرهاب؛ وهنا تكمن خطورة هذا القانون وهذه الانتهاكات الحقوقية، فبهذه الصفة نستطيع أن نضع كل الناس في السجن، ونتخيل أننا نسير في الطريق الصحيح، من دون أن يحاسبنا أحد.

والنقطة الخطيرة أيضا أن الذين يتكئون على قانون الإرهاب للقيام بالتجاوزات والاستبداد لا يعرّفون الإرهاب تعريفا علميا أو دينيا، وإنما تعريفا سياسيا. ولذلك، فالسيسي يستعمل خبثه السياسي ليضع معارضيه في السجون. وبهذا المعنى فقط كانت ألمانيا مثلا تعتبر شارل ديغول أكبر إرهابي، رغم أن كل الفرنسيين يعتبرونه أكبر مناضل وطني؛ إذن بهذا المنطق كل سياسي يعتبر عدوه إرهابيا.

لذلك يجب أن نتفق أولا على تعريف موحد للإرهاب، ثم نحكم على الناس. وفي الوقت نفسه أتساءل كثيرا: لماذا لا نسمي ما تقوم به إسرائيل من قتل وتعذيب وتهجير إرهابا؟ ولماذا لا نسمي ما قامت به الولايات المتحدة من قصف للعراق وقتل للأبرياء والمدنيين إرهابا؟ ولماذا لا نسمي ما قامت به قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات من هدم الآثار وقتل الأطفال والنساء والمدنيين في اليمن إرهابا؟

هل تعتقد أن الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي تقول عائلته إنه اختطف من الشارع سنة 2016 وعذب حتى الموت راح ضحية الوحشية التي تتعامل بها الأجهزة الأمنية لنظام السيسي مع الموقوفين والمساجين؟ وهل تعتقد أنه قُتل مرة ثانية بعد بيان السلطات المصرية الذي يؤكد أن ريجيني لم يقتل على يد الشرطة المصرية؟

أنا أؤمن بالعدالة، ولدي ثقة فقط في العدالة الإيطالية التي وجهت الاتهامات لـ4 من رجال الأمن المصريين وتسعى لمحاسبتهم وفق العدالة والقضاء الإيطاليين في الفترة القادمة. والسلطات الإيطالية تملك مؤيدات مهمة في هذه القضية. وأعتقد أن فضيحة قضية ريجيني ستكشف كل تجاوزات وانتهاكات نظام السيسي للمجتمع الدولي.

كيف تنظر إلى وضع حرية التعبير ووضع الصحفيين في مصر؟ وما أهم التجاوزات التي وثقتها منظمتكم وبقية المنظمات الحقوقية في هذا الصدد؟

"مندهشا"، وهل توجد حرية تعبير في مصر؟ لا توجد حرية تعبير في مصر. وضع الصحفيين كارثي بأتم معنى الكلمة، فقد قُتل أكثر من 12 صحفيا، وسُجن آخرون، ناهيك عن القنوات التلفزيونية المغلقة وحجب وسائل الإعلام عبر الإنترنت.

كل يوم نسمع عن اختفاء صحفيين في ظروف غامضة وسجن آخرين وتعذيبهم. الأنظمة الاستبدادية الدكتاتورية تخاف من الصحافة الحرة المستقلة وتعتبرها العدو الأول الذي يجب محاربته. الصحافة الحقيقية المحترفة والصادقة برسالتها الهادفة أقوى من كل أنواع القنابل والرصاص. والسيسي يعرف خطورة الإعلام لذلك سجن الأصوات الحرة، وشرد كثيرين، ودجّن البقية.

بعد الاحتجاجات المتكررة ومذكرات اللوم والتنديد من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية لفرنسا بخصوص مشروع قانون الأمن الشامل، وما يشكله من تراجع لحرية التعبير، وأيضا بخصوص الانتهاكات والقمع الوحشي للمتظاهرين والصحفيين والمهاجرين من قبل الشرطة الفرنسية، كيف تنظر إلى التراجع الخطير الذي تعيشه فرنسا في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان؟ وألا تعتقد أن حزب ماكرون فشل في التقدم بفرنسا إلى الأمام، وتراجع بمبادئ الثورة الفرنسية والجمهورية إلى الوراء، كما يقول المراقبون؟

صحيح، هناك تراجع كبير وخطير في حرية التعبير وفي حقوق الإنسان في فرنسا، وأي إنسان عاقل يلاحظ هذا، خاصة مع مهزلة قانون الأمن الشامل وعنصرية قانون الانفصالية الإسلامية الذي اقترحته حكومة ماكرون. وحسب رأيي، فإن ماكرون يتصرف بسذاجة سياسية غريبة، وقد خان كل قاعدته الانتخابية بقوانينه الأمنية والعنصرية والرأسمالية التي يقترحها كل مرة. تصوروا أن 10 من قوات الشرطة ذهبوا إلى معهد ليقبضوا على تلميذة مراهقة.

كذلك حادثة العنف الأمني على المهاجرين في ساحة الجمهورية. كل يوم تطالعنا حوادث من هذا القبيل، والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. ولكن أعيد قولي إنه إذا مرّ قانون الانفصالية الإسلامية فإن فرنسا ستصبح دولة فاشية دكتاتورية.

كيف تنظر إلى الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم، والغضب الكبير الذي فجرته في العالم الإسلامي تجاه فرنسا، وهل تعتبر ذلك ضمن حرية التعبير أم يعد مبالغة واستفزازا واعتداء على المقدسات الدينية لملايين من البشر؟

مع إدانتي التامة طبعا لعملية قتل الأستاذ صامويل باتي، فإنني أعتبر أن حرية التعبير -حسب رأيي- لا تمثل الانفلات التام من دون حدود؛ حرية التعبير لها حدود أخلاقية واجتماعية وسياسية، فلا يمكن أن نجرح الآخر ونقول هذه حرية تعبير. الاحترام هو الأساس الأول لحرية التعبير، ومن لا يحترم غيره ويجرحه ويستهزأ به، يكون قد تجاوز حرية التعبير خاصة بين الثقافات والحضارات والأمم المختلفة.

وفضلا عن ذلك، أعتقد أن الحكومة والصحافة الفرنسية ضللتا الرأي العام في هذه القضية، فهي لم تنشر كل الصور التي قام صامويل باتي بعرضها على الأطفال في المدرسة؛ فقد تم إخفاء الصورة الرئيسية التي وقعت من أجلها الحادثة، ولم تعلق على المدارس والبلديات مثلما وعدت الحكومة مع بقية الصور. ذلك أن هذه الصورة "بورنوغرافية" مشينة لا يمكن عرضها على أطفال صغار مراهقين ما زالوا يكتشفون الحياة.

إذن، الصورة خطأ تربوي ومنهجي وذوقي قبل أن تكون تعديا على الأديان، وإضافة إلى هذا فإن هناك حادثة أخرى تثبت نظرية سياسة المكيالين في التعامل مع حرية التعبير، وهي حادثة المصور الكاريكاتيري إيريس الذي رسم سنة 2009 رسما كاريكاتيريا ضد اليهود فطُرد خلال يومين فقط من صدور الصحيفة، هذه هي حرية التعبير التي يتحدثون عنها.

احتفل العالم في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ألا تعتقد أنه آن الأوان ليصوغ العالم ميثاقا عالميا جديدا لحقوق الإنسان يتماشى مع المرحلة الراهنة والقادمة، بعد الميثاق القديم الذي ظهر لأول مرة سنة 1948، والذي تجاوزته التطورات الحالية المتسارعة؟

أعتقد أنه قبل المطالبة بميثاق جديد لحقوق الإنسان، علينا أن نحترم الميثاق القديم الذي صاغه العالم بعد الحرب العالمية الثانية. نحن لا نحترم حتى 10% من هذا الميثاق وسط هذه الحروب والصراعات وقوانين الطوارئ، وزاد فيروس كورونا الأمر تعقيدا.

حقوق الإنسان تعيش وضعا كارثيا اليوم في العالم، والدول الكبرى تحكم بمكيالين في مسألة حقوق الإنسان؛ فقوانين الأمم المتحدة وقراراتها لا تطبق إلا على الدول الضعيفة بالشكل الذي يخدم مصلحة الدول الغنية الكبرى، في حين هناك قرارات أخرى لقضايا عادلة مثل القضية الفلسطينية اتخذت وبقيت على الرفوف؛ لذلك فإنه علينا كحقوقيين ومنظمات مجتمع مدني أن نفكر في آلية جديدة لتنفيذ القرارات الخاصة بحقوق الإنسان.

المصدر : الجزيرة