إصلاح أم تخبط؟.. قرارات وزير التعليم ترهق المصريين قبل بدء الدراسة

وزير التعليم المصري طارق شوقي
وزير التعليم المصري طارق شوقي (مواقع التواصل الاجتماعي)

قبل نحو أسبوعين من بدء الدراسة في مصر، عاد وزير التربية والتعليم طارق شوقي إلى هوايته المفضلة بإصدار قرارات تثير الجدل بين الطلاب وأولياء الأمور، كان من بينها زيادة الرسوم الدراسية بنسب كبيرة.

آخر تلك القرارات قرار اتخذ يوم الثلاثاء الماضي، حين تداول الإعلام المحلي أخبارا عقب لقاء الوزير بالسفير الفرنسي في القاهرة، تفيد بالبدء بتدريس الفرنسية كلغة ثانية في المرحلة الإعدادية في العام الدراسي الجديد.

وبعد نشر الخبر، عادت مصادر في الوزارة لتنفي ذلك، قائلة إنها مجرد أفكار تأتي في إطار البحث عن موارد لدعم التعليم عبر بروتوكولات لتدريس اللغات الأجنبية كالفرنسية والصينية وغيرها.

هذا التخبط في القرارات يأتي قبل أقل من أسبوعين فقط على بدء الدراسة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهي قرارات تتزامن مع استمرار انتشار فيروس كورونا والحاجة إلى التباعد الاجتماعي، وفي ظل نقص المقاعد الدراسية، وضعف مستوى تدريس اللغات بما فيها العربية.

في هذا السياق، يؤكد مدرسون وأولياء أمور، في أحاديث منفصلة للجزيرة نت، أن الوزير الحالي منذ توليه المسؤولية وهو يصدر قرارات مفاجئة ومتخبطة تثير حفيظة الجميع، خصوصا وأن أغلبها يتم من دون دراسة ونقاش مجتمعي وانتهت بالفشل على غرار نظام وضع المناهج الدراسية على "التابلت" (الحاسوب اللوحي)، وهو ما يواجه مشكلة ضعف الإنترنت في مصر وسوء الاستخدام وقلة الإمكانيات اللازمة سواء لدى الطلاب وأولياء أمورهم أو حتى الحكومة.

ما يعزز تلك الآراء تقديرات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) في مايو/أيار الماضي، تشير إلى أن عدد الأسر المصرية التي لديها حاسوب عام 2019 يقدر بـ15.5 مليون أسرة، من بينها نحو 14 مليون أسرة لديها اتصال بالإنترنت، في حين بلغ عدد الأسر التي لديها جهاز تلفزيون نحو 25 مليون أسرة، في بلد يتجاوز تعداده 100 مليون نسمة.

كما أن مصر تحتل حاليا المركز قبل الأخير في جودة التعليم الأساسي والعالي من أصل 140 دولة، وفق المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

وقررت الحكومة مؤخرا استئناف الدراسة بإجراءات وقائية مشددة وسياسات جديدة، تعتمد على التعليم الهجين الذي يجمع بين الفصول الدراسية والمنصات الإلكترونية والقنوات التعليمية، إضافة إلى تقليص أيام الحضور، وجعلها بالتناوب في ظل الكثافة الطلابية الكبيرة التي تعاني منها الفصول الدراسية.

تخبط وعوار قانوني

تعقيبا على تصريحات الوزير بشأن تدريس اللغة الفرنسية بداية من العام الدراسي الجديد، قال مصدر في الوزارة، مفضلا عدم ذكر اسمه، للجزيرة نت إنها "مجرد أفكار تم طرحها وقد يتم التراجع عنها"، مشيرا إلى أن الوزارة تواصلت بالفعل مع دول مثل الصين وفرنسا لتدريس لغاتها في المدارس المصرية.

المصدر ذاته أكد أن تلك الأفكار حال إقرارها لن تطبق قبل 5 سنوات، إن لم يتم تغيير الوزير نفسه أو سياساته التي تقابلها قلة الإمكانيات وعدم كفاءة المدرسين.

بخلاف ذلك، فإن قرارات لوزير التعليم بمصر يشوبها عوار قانوني، إذ إنه أعلن مؤخرا أن نظام الثانوية العامة الجديد سيكون تراكميا، والامتحانات ستجرى بالنظام الإلكتروني عبر الحاسوب ومن خلال أكثر من نموذج.

تلك القرارات تتعارض مع قوانين الثانوية العامة بمصر، والتي تنص على أن الامتحانات "ورقية قومية موحدة على مستوى الجمهورية"، إضافة إلى أن إقرار التعديلات الجديدة سيمثل مشكلة تواجه الطلاب الذين لم يؤدوا الامتحانات العام المنصرم، دون توضيح موقفهم.

وبعد تأجيل جلسات مجلس النواب إلى مطلع الشهر المقبل لتزامنها مع إجراء انتخابات المجلس الجديد، فإن الوزارة لا تملك حاليا صلاحية التقدم بأي مشروع لتعديل القانون أو إصدار أية قرارات وزارية بشأنه، وفي حال التعديل فلن يتم سريانه وتطبيقه بأثر رجعي على الطلاب بما يخالف تصريحات الوزير.

أسباب الفشل

أمينة خالد، مُدرسة بإحدى المدارس الخاصة بحي الهرم (غرب القاهرة)، توقعت فشل النظام التعليمي الجديد القائم على تطبيقات إلكترونية وبرامج متلفزة، خصوصا في المدارس الحكومية.

أمينة قالت للجزيرة نت إنها وغيرها من زملائها بالمدرسة بدؤوا حاليا تدريس المناهج للطلاب من خلال تطبيقات إلكترونية أعدتها إدارة المدرسة مسبقا، بعد دورات تدريبية لهم ولأولياء الأمور.

لكن تبقى المعضلة -وفق أمينة- قائمة بالنسبة للمدارس الحكومية، خاصة وأن أغلب مدرسيها وأولياء الأمور بها لا يدركون كيفية التعامل مع التطبيقات والبرامج والأجهزة الإلكترونية.

وباعتبارها ولية أمر طالب في الصف الرابع الابتدائي، أضافت أمينة "كنت أتمنى استمرار الدراسة في المدرسة لأنها أفضل لإدراك الطفل مقارنة بالتعليم الإلكتروني، كذلك ليس من العدل أن أدفع مبلغا ماليا كبيرا لمدرسة خاصة نظير تعليم عن بعد".

وفي محافظة سوهاج (جنوب)، أبدى محمد عبد الله، وهو مدرس رياضيات في إحدى المدارس الإعدادية، تذمره من التغييرات المستمرة في نظام التعليم من قبل الوزير الحالي.

وأكد عبد الله للجزيرة نت أن المدرسين حاليا مشتتون بفعل القرارات المتخبطة، غير أنه أشار إلى أن أولياء الأمور مغلوبون على أمرهم، وسيتقبلون أي وضع وأي قرارات تقلل لهم النفقات خصوصًا المرتبطة بتقليل أيام الدراسة.

أما عما يثار حول التوسع في استخدام الحاسوب والقنوات التلفزيونية التعليمية، فاعتبره مؤشرا على تراجع دور المدرس رغم أهميته الكبيرة في توصيل المعلومة بطريقة مباشرة وسلسة.

وأكد أن مجموعات الطلبة التي يدرس لها في المدرسة أو في المنزل عادة لا تحسن استخدام الوسائل التكنولوجية، في ظل ضعف باقات الإنترنت أو غياب الرقابة الأسرية وتوجههم نحو تطبيقات الألعاب المختلفة.

خطة جيدة

وفي مقابل انتقادات أداء وزير التربية والتعليم، رأت النائبة ماجدة نصر، عضو مجلس النواب بلجنة التعليم والبحث العلمي، أن خطة تطوير التعليم الجديدة جيدة للغاية في ظل أزمة كورونا.

وعزت نصر رأيها -وفق تصريحات صحفية- إلى أنه رغم الأزمة فإن الخطة التعليمية أدخلت مصر بقوة للتحول الإلكتروني واستخدام التكنولوجيا بشكل كبير في منظومة التعليم، زاعمة أن القنوات التعليمية تمثل بدائل فعالة لمن لا يمتلك الإنترنت.

الرسوم الدراسية

أما فيما يتعلق بالرسوم الدراسية في بلد يؤكد دستوره على مجانية التعليم، فقد أصدر وزير التعليم الشهر الماضي قرارا يرفع الرسوم بنسب كبيرة، حيث ارتفعت رسوم الابتدائي من 165 إلى 300 جنيه، في حين ارتفعت الرسوم للمرحلة الثانوية من 195 إلى 500 جنيه.

وحتى مجموعات التقوية التي تحدثت عنها الوزارة بوصفها وسيلة لمحاربة الدروس الخصوصية، تحدد لها سعر مرتفع يبلغ 80 جنيها، وهو ما يعني أن المادة الواحدة ستكلف الطالب 400 جنيه في 5 حصص شهريا.

وتشير مصادر تحدثت للجزيرة نت إلى أن اللجوء إلى التعليم عن بعد سيضيف أعباء إضافية على ميزانية الأسرة المصرية ويمس أولياء أمور لما يزيد على 20 مليون طالب في مرحلة الدراسة قبل الجامعية، حيث سيكون على الأسر الاشتراك في باقات إنترنت لا تقل 160 جنيها في المتوسط للحصول على سرعة إنترنت تكفي بالكاد لمتابعة الدروس الإلكترونية.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة