احتجاجات إيران .. واشنطن ورهان "الثورة الشعبية"
وتأتي الموجة الثالثة من المظاهرات خلال عام 2018 قبيل بدء واشنطن (بداية من 7 أغسطس/آب الجاري) عقوبات على شراء إيران للدولار وعلى تجارتها في الذهب والمعادن النفيسة والفحم وبرامج الحاسوب المرتبطة بالصناعات، ووقف الواردات الأميركية من السجاد الإيراني والفستق وبعض المعاملات المالية المرتبطة بذلك.
رهان الشارع
وأعلن وزير الخارجية الشهر الماضي عن إطلاق منصات إعلامية جديدة بالفارسية تخاطب الداخل الإيراني وتستثمر في مفاعيل الأزمة، وأكد بوضوح باجتماع في كاليفورنيا مع الجالية الإيرانية أن "حلم التخلص من النظام الإيراني سيصبح حقيقة".
ويعتمد "حلم" بومبيو وإدارة ترمب على الحملات الإعلامية المكثفة الموجهة إلى الداخل الإيراني المرتبك وتكثيف دعم المعارضة بالداخل (كردستان ششستان وبلوشستان) والخارج، وزيادة الشرخ الداخلي وتفكيك الجبهة الداخلية على وقع تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي عبر تكوين حالة احتجاجية متواصلة ومكثفة.
ويقول باتريك كلاوسن مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن الولايات المتحدة تعمل على تكثيف وتنويع الضغوط على إيران، معتبرا أن إدارة ترامب تسلك نهجا متكاملا تجاه طهران لا يقوم فقط على الملف النووي بل يتعلق بدعمها للإرهاب وزعزعتها الاستقرار بالمنطقة، على حد تعبيره.
وكانت مظاهرات كبيرة قد اندلعت في إيران نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017، وتجددت في يونيو/حزيران الماضي، كما أضرب تجار "البازار" (كبار التجار) جزئيا، وهو ما أعاد للأذهان الأميركية الحالمة بإسقاط النظام الإيراني كيف كان تحرك البازار سببا في نجاح ثورة الخميني على نظام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979.
وفي الوقت الذي يؤكد الإيرانيون قوة دولتهم ونظامهم، يرى محللون أميركيون اهتراء تماسك النسيج الداخلي لإيران -الذي استطاعت بفضله الصمود سابقا في الحصار الذي استمر أكثر من ثلاثين سنة بعد ثورة 1979- وذلك بفعل الحصار الأميركي الجديد.
ويروج الإعلام الأميركي بأن مشاكل الإيرانيين الاقتصادية المزمنة منذ عام 1979 -بحسب السردية الأميركية- سببها الرئيسي النظام وإهدار أموال الشعب في مغامرات خارجية باليمن ولبنان وسوريا، وأن بوابة الحل تبدأ وتنتهي بواشنطن.
في المقابل، يتبنى المسؤولون الإيرانيون والإعلام الرسمي نظرية المؤامرة على أساس أن التصعيد الأميركي ضد بلادهم مطلب سعودي إسرائيلي بالأساس يطبقه ترامب، وأن سقوط النظام حلم اميركي بعيد المنال.
وفي ظل المحاذير الكثيرة التي تسقط الخيار العسكري بين الطرفين في الوقت الحالي، يبدو الداخل الإيراني المحور الأساسي للصراع. فطهران تنظر بقلق بالغ للتحركات الاحتجاجية، وتعمل على تقليل الخسائر وضبط الجبهة الداخلية والاستعداد لأزمة طويلة تؤججها وتتحفز واشنطن لاستثمار تبعاتها.