ملفات ساخنة لن تناقشها قمة الظهران
فقد صرح حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية بأن الضربات التي تعرضت لها سوريا لن تكون مطروحة على جدول أعمال القمة، مبررا ذلك بأن الجدول وضع الخميس الماضي قبل أن تتعرض سوريا للقصف أمس السبت.
لكن مراقبين اعتبروا أن تبرير زكي لا علاقة له بواقع إبعاد هذا الملف عن النقاش على طاولة الزعماء العرب، واعتبروا أن تباين المواقف العربية من الضربات التي تعرضت لها دمشق هو السبب الرئيسي في عدم طرحه على طاولة النقاش.
فبينما أيدت دول الخليج الضربات على مواقع تابعة للنظام السوري، أعلنت دول أخرى رفضها لها أو عبرت عن الأسف تجاهها، لاسيما العراق ولبنان والجزائر، كما عبرت مصر عن موقف بدا متحفظا إزاء الضربات.
حصار قطر
الملف الآخر الذي سيغيب تماما عن أجندة القمة هو الأزمة الخليجية التي اندلعت مطلع يونيو/حزيران 2017 بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة دولة قطر، وفرض الدول الخليجية الثلاث حصارا على الدوحة.
الكل متفائل ب #القمة_العربية_بالظهران و نتائجها المتوقعة لصالح الأمن القومي العربي . و لا يهاجمها الا من باع نفسه للاعداء بثمن بخس جدا جدا
— خالد بن أحمد (@khalidalkhalifa) April 13, 2018
وقبيل انعقاد القمة أعلنت الدول الأربع تمسكها بقائمة المطالب الـ13 لحل الأزمة، وهي التي أعلنت قطر مرارا رفضها لها كونها تمس سيادتها، ودعت إلى الحوار لحل الأزمة.
الملف الأبرز الذي يغيب عن النقاش هو ملف ما بات يعرف باسم "صفقة القرن"، في حين ستحضر الفقرات التي اعتادت القمم العربية وضعها في مشروع بيانها الختامي، مع إضافة في الصياغة تشير إلى رفض قرار الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
#الحوثي يجهز صاروخ بالستي مجنح لحضور #القمه_العربية29 بالظهران وتم استكمال النقل وتجهيز منصة الاطلاق.
هذا الصاروخ رسالة #ايرانية للقمة العربية والقادة العرب.— عباس الضالعي (@abbasaldhaleai) April 14, 2018
بالمقابل، يحضر ملف إيران وتدخلاتها في الشأن العربي باعتباره الملف الأبرز الذي وضعته السعودية رئيسة هذه الدورة على رأس أولويات قمة الظهران، وسط دعوات من داخل السعودية لأن تعلن القمة أن إيران أخطر من إسرائيل.
إيران أخطر من إسرائيل
ففي مقال نشرته صحيفة الرياض -شبه الرسمية- أمس السبت، كتب أحمد الجميعة "على العرب أن يدركوا أن إيران أخطر عليهم من إسرائيل".
#القمة_العربية_بالظهران حريصة على علاقات مع الكيان الإسرائيلي تلبية لهرولة البعض لتنفيذ #صفقة_القرن .. بينما الواقع العربي المتشرذم بعيد عن المعالجات الحقيقية في #القمة_العربية الغائبة عنها آلام وآمال الشعوب العربية ..!#السعودية
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) April 15, 2018
وتابع "لا خيار أمام العرب سوى المصالحة مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقية سلام شاملة، والتفرغ لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة وبرنامجها النووي، ووضع حد لتدخلاتها في الشؤون العربية، وهو خيار لا يقبل أي تبرير أو تأخير، أو حتى مساومات ومزايدات على القضية الفلسطينية؛ لأن إيران تشكّل تهديداً مباشراً على الكل".
الرياض السعودية: #قمة_الظهران ستخرج بقرارات تاريخية:
١- السلام مع إسرائيل 🇮🇱
٢- مواجهة إيران 🇮🇷
٣- من يرفض ذلك فهو يدعم إيران وعليه تحمل تبعات قراره.الزبدة= إيران خطر كبير يا مسلمين، و إسرائيل ترا خوش أوادم. #القمة_العربية٢٩ #القمة_العربية29 pic.twitter.com/WWwYF3XaUK
— فهد بن عبدالعزيز (@FahadBuzwair) April 14, 2018
واللافت أن الكاتب اعتبر رفض السلام مع إسرائيل بمثابة خدمة للمشروع الإيراني، في مقارنة حملت نبرة تهديد توقف عندها العديد من المحللين والنشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، وتساءلوا إن كانت هذه اللغة تمثل كاتب المقال أم السعودية، كون المقال نشر في صحيفة تعبر عن وجهة نظرها الرسمية عادة.
من جهته يرى المحلل السياسي والباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان أن التباين في الأولويات العربية حوّل قمة الظهران إلى "بقايا قمة".
وقال أبو رمان في حديث للجزيرة نت إن السعودية والإمارات تضعان التدخل الإيراني وحتى التركي -لأول مرة- على رأس الأولويات العربية، بينما يحشد الأردن -الرئيس السابق للقمة- لإبقاء القضية الفلسطينية على رأس أولويات العرب.
وتابع "بالنسبة لمصر فأولوياتها داخلية وتتعلق بمواجهة الإرهاب والإخوان المسلمين والوضع الاقتصادي، وتأييدها للأولويات السعودية والإماراتية ينبع من محاولة معالجتها لأولوياتها الداخلية".
صفقات تحت الطاولة
أبو رمان أشار إلى أن هناك خشية أردنية حقيقية من وجود صفقات تدار من تحت الطاولة تتعلق بالملف الفلسطيني، وقال إن "الأردن الذي ظل تاريخيا لاعبا رئيسيا في الملف الفلسطيني كونه يتعلق بأمنه الوطني، يشعر اليوم أن هناك تحجيما لهذا الدور عبر صفقة تدار من تحت الطاولة تشارك بها السعودية والإمارات ومصر".
وعن الأزمة الخليجية، قال المحلل السياسي إن الأزمة ستستمر لأن الدول الأربع تريد من قطر الخضوع لشروطها دون أي حوار.
وبرأيه فإن غياب الدول الرئيسية في العالم العربي -العراق وسوريا إضافة إلى مصر- "الغارقة في أزماتها الداخلية"؛ يضعف إلى حد كبير مؤسسة العمل العربي المشترك.
وزاد أن الأمن القومي العربي اليوم ينهار، و"هو ما يجعل قمة الظهران عاجزة بكل ما تعنيه الكلمة عن مواجهة التحديات الخطيرة التي يمر بها العالم العربي".
وبينما ينشغل الشارع العربي بأزماته من فلسطين إلى سوريا فاليمن وليبيا والعراق، يرى مراقبون أن السعودية تحضر لحدثين كبيرين: مواجهة إيران وسط توقعات بانسحاب أميركا من الاتفاق النووي معها، وصفقة القرن التي تحاول الرياض وأبو ظبي والقاهرة تمريرها لتحقيق سلام عربي مع إسرائيل، والضغط على الفلسطينيين للقبول بما هو مطروح أميركيا وفق المقاس الإسرائيلي.