دعاة وناشطون سعوديون.. نصف سنة خلف القضبان
ففي الثامن من الشهر الجاري، نشر حساب معتقلي الرأي على تويتر تغريدة تقول "في اليوم العالمي للمرأة نطالب السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن الدكتورة رقية المحارب أستاذة الحديث وعلومه في جامعة الأميرة نورة، المعتقلة منذ نحو ستة أشهر من دون تهمة".
ود. المحارب واحدة من أشهر الدعاة من النساء في السعودية، لكن السلطات هناك اعتقلتها دون أن توجه لها أي تهمة في 24/9/2017، ضمن موجة اعتقالات بدأت في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، وطالت أكثر من ثمانين من مشاهير الدعاة والخبراء وأساتذة الجامعات والصحفيين.
أبرز المعتقلين
وأبرز المعتقلين هو د. سلمان العودة الذي يحظى بمتابعة الملايين عبر منصات التواصل، والداعية عوض القرني، والخبير الاقتصادي عصام الزامل، والصحفي صالح الشيحي الذي حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن بعد أن تحدث عن الفساد في الديوان الملكي في لقاء على قناة تلفزيونية سعودية.
اللهم في هذا اليوم الكريم أعده إلينا وإلى كتبه ومحبيه،
وفرّج عنه وعن إخوانه
وأتم عليه العافية
وأقر أعيننا جميعاً به يارب العالمين#نصف_سنة_خلف_القضبان pic.twitter.com/QeAprYPKZm
— د. عبدالله العودة (@aalodah) March 9, 2018
وبحسب متابعين لمف المعتقلين السياسيين في السعودية، فإن غالبيتهم جرى إيداعهم سجنيْ ذهبان والحائر.
ويربط نشطاء بين حملة الاعتقالات وموجة التغييرات المتسارعة التي تشهدها السعودية من جهة، والأزمة الخليجية من جهة أخرى، حيث إن ما يربط بين معظم المعتقلين أنهم لم يكونوا ضمن موجة المشاهير الذين أعلنوا تأييدهم للحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر يوم الخامس من يونيو/حزيران الماضي.
📌ندعو أهالي المعتقلين والجميع للمشاركة في حملة التغريد على امتداد هذا اليوم الجمعة 09/03/2018 بوسم #نصف_سنة_خلف_القضبان .. للمطالبة بالإفراج عن جميع من اعتقلوا خلال حملة الاعتقالات التعسفية الأخيرة التي انطلقت في مثل هذا اليوم تماماً قبل نصف سنة !! pic.twitter.com/27RliqLDi4
— معتقلي الرأي (@m3takl) March 9, 2018
وبالرغم من الصمت الذي مارسته السلطات السعودية حيال التقارير الدولية وتقارير وسائل الإعلام المتتالية عن حملة الاعتقالات وأوضاع المعتقلين والاتهامات للسلطات بممارسة التعذيب ضدهم، فإنها ردت على الأخبار عن تعرض المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة ونقل بعضهم للمستشفيات بمقابلات صحفية مثيرة للجدل.
تلميع للسجن
حيث أجرى الصحفي عبد العزيز قاسم مقابلات مع الشيخين العودة والقرني وشخصيات أخرى، نقل عنها امتداحها للسجن والسجان.
مقالتي الثالثة من وحي زيارتنا لسجن ذهبان، والالتقاء ببعض الموقوفين..وقد بشرنا الابن معاذ بن سلمان العودة بأن والدهم بخير وهاتفهم، وسيزورونه الأسبوع المقبل
مقالتي بعنوان:
جميل فارسي وعادل باناعمة..المروءات لا تضيعhttps://t.co/n0DrFStPJDجميل-فارسي-وعادل-باناعمة-المروءات-لا-ت/
— عبدالعزيز قاسم (@azizkasem) February 8, 2018
ونقل قاسم عن المعتقل جميل الفارسي امتداحه للسجن، وجاء في مقال نشره في صحيفة إلكترونية سعودية "أنا قلت لزوجتي وأهلي، احمدوا الله أنني مسجونٌ هنا في السعودية.. كل شيء نطلبه يأتينا.. لا أجاملهم، فكل من في السجن يعاملني كأخ أكبر لهم".
وبحسب قاسم فإن الفارسي رفض أن يتحدث أحد في موضوعه "ثقة مني تجاه الدولة التي تعاملني كابن لها" وفي سياق امتداح الوضع في السجن نقل القاسم أيضا أن الاتصالات والزيارات مفتوحة للمعتقلين.
معتقل آخر هو د.عادل باناعمة الذي قال الصحفي قاسم إنه زاره، ونقل عنه "المعاملة ممتازة منذ أن وصلنا، والتغذية مميزة، والتعذيب لم أتعرض له أبدا، بل لم أسمع به من أحد من زملائي، الزيارات مفتوحة لنا والاتصالات كذلك. طلبتُ بعض الكتب، ولم يقصّر المسؤولون هنا، وأكرموني بجلّها".
السبب قطر
ولم تغب قضية حصار قطر عما نقله قاسم عن حواراته عن المعتقلين، حيث أشار بشكل واضح إلى أن أحد أسباب الاعتقال يعود لعدم انتقاد باناعمة لقطر، وأن البعض أخذ عليه ذلك، لكن المعتقل أكد أن الخلافات مع قطر حدثت أكثر من مرة ثم عادت الأمور لمجاريها، وتابع "لو طُلب منا الكتابة فلن نتأخر أبدا".
وشن الصحفي السعودي -الذي امتدح السجن وظروف الاعتقال فيه بشكل لافت- هجوما على من وصفهم بالمشككين بالمملكة، وهاجم قطر و"خلايا عزمي بشارة" واتهم الدوحة والمعارضين السعوديين في لندن بالسعي لتشويه صورة بلاده أمام المنظمات الدولية.
مقالة @azizkasem الثالثة من ذهبان تطمئن محبي جميل فارسي وعادل باناعمة ، لعل هذه اللقاءات والمقالات بشرى خير ان الإفراج عنهم قريب . https://t.co/bnIAmonX70
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) February 8, 2018
لكن قاسم حظي بهجوم وردود قاسية من معلقين لاسيما من أهالي المعتقلين الذين سألوه عن مصير بقية المعتقلين الذين لم يجر معهم مقابلات، وهاجموا دفاعه المستميت عن السجون والاعتقالات، بينما سأله آخرون عن وقت زيارته لسجن النساء.
يُشار إلى أن السلطات السعودية شنت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حملة اعتقالات أخرى طالت أمراء ورجال أعمال اتهمتهم بالفساد، وأودعتهم فندق ريتز كارلتون في الرياض، لكنها أعلنت الشهر الماضي انتهاء قضيتهم، إما بالإفراج عمن عقد اتفاقات معها، أو بإحالة من رفض للمدعي العام، وهو المسار الذي لم يعرفه معتقلو سبتمبر.
وبين ما تعلنه السلطات من "إصلاحات" اجتماعية واقتصادية، والفروق في التعامل بين معتقلي الريتز وسبتمبر، يرسم الأمير ابن سلمان ملامح المملكة الجديدة التي قال في لقاء مع إعلاميين مصريين الأسبوع الماضي إنه وجد عام 2015 إنها "لا تصلح لعيش جيله من الشباب" لتصبح مواصفات الحياة المقبولة في بلاد الحرمين في عهده.