ضغوط بغداد تربك مدارس النازحين في أربيل

مدرسة ابتدائية للنازحين في اربيل
مدرسة ابتدائية للنازحين في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (الجزيرة نت)

رنا أحمد-أربيل

فوجئت السلطات العراقية مع بداية السنة الدراسية مطلع الشهر الحالي بموجة نزوح جديدة من المدن العربية كالموصل والرمادي نحو إقليم كردستان العراق، مما أدى إلى ارتباك واضح في التحاق الطلاب بمدارسهم.
 
ورغم أن الأزمة جرى احتواؤها نسبيا، فإن حال التلاميذ والكوادر التدريسية لا تزال سيئة بسبب ما وُصفت بضغوط حكومية تحاول إجبارهم على العودة إلى المناطق المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب مسؤولين وأولياء أمور.

وطوال الأسبوعين الماضيين احتشد آلاف المراجعين أمام ممثلية وزارة التربية العراقية في أربيل عاصمة إقليم كردستان، وهي مسؤولة عن نحو مئة ألف طالب نزحوا خصوصا من المدن التي عانت ويلات الحرب غربي البلاد وشماليها.

كما أن هذه الممثلية تتولى تنظيم إجراءات تسجيل الطلاب الجدد في المدارس، لكن العملية شهدت ارتباكا كبيرا.

‪الحكومة العراقية سعت لغلق ممثلية وزارة التربية الاتحادية في إقليم كردستان‬ (الجزيرة نت)
‪الحكومة العراقية سعت لغلق ممثلية وزارة التربية الاتحادية في إقليم كردستان‬ (الجزيرة نت)

تأخر الدراسة
وقال مدير الممثلية عبد المجيب نايف للجزيرة نت إن مؤسسته لم تكن تتوقع توافد خمسة آلاف طالب آخرين على المدارس المكتظة أصلا بنحو مئة ألف من أبناء النازحين، مما أحدث تأخيرا وعرقلة في الشهر الأول من العام الدراسي.

ومنذ استيلاء تنظيم الدولة عام 2014 على مناطق واسعة، وخلال الحرب التي استمرت ثلاثة أعوام مع القوات العراقية، نزح نحو ثلاثة ملايين عراقي معظمهم من العرب السنة إلى مدن إقليم كردستان.

ورغم أن معظمهم عادوا إلى المدن المتضررة كثيرا بالمعارك، فإن مئات الآلاف ما زالوا يقيمون في المنطقة الكردية، وهي الأكثر استقرارا وأمنا في البلاد.

ويوضح نايف أن الحكومة المركزية في بغداد افترضت أن ظاهرة النازحين ستختفي وحاولت إلغاء ممثلية وزارة التربية الاتحادية في إقليم كردستان وإلغاء المدارس التابعة لها.

لكن الحكومة واجهت مع بداية العام الدراسي ضغوطا واعترفت بالواقع القائم، واضطرت لتقبل موجة نزوح جديدة من مدن مختلفة شملت هذه المرة حتى عوائل من محافظة البصرة التي تعاني أزمة مياه حادة وشهدت احتجاجات عنيفة تواصلت طوال الصيف، وفق قول المسؤول نفسه.

وتدير الممثلية نحو مئتي مؤسسة تربوية للنازحين والمقيمين في أربيل والمخيمات القريبة منها، بينها معهد للمعلمين ومعهد للفنون الجميلة ومراكز لمحو الأمية.

‪أولياء أمور ينتظرون داخل مبنى الممثلية لمعرفة مصير مستقبل أولادهم الدراسي‬ (الجزيرة نت)
‪أولياء أمور ينتظرون داخل مبنى الممثلية لمعرفة مصير مستقبل أولادهم الدراسي‬ (الجزيرة نت)

ضغط منظم
لكن أولياء أمور الطلبة يعتقدون أن المشاكل القاسية التي تواجه هذه المدارس ليست مجرد خلل في الإجراءات أو نقص في المخصصات المالية، بل هي جزء من ضغط منظم تمارسه بغداد لإجبار مئات الآلاف من أهالي الموصل والأنبار على العودة إلى مدنهم استكمالا لما تقول بغداد إنه النصر الذي تحقق على تنظيم الدولة، والنجاح الذي تتحدث عنه في إعادة الاستقرار للمدن المدمرة.

ويقول ولي أمر الطالب يوسف إن ممثلية الوزارة في أربيل تحاول تذليل المصاعب وقد عمل موظفوها حتى أيام العطلة لاستيعاب الزخم، ويضيف أن الكادر ينتمي إلى المدن التي تعاني ويلات الحرب ويتفهم وضع النازحين، إلا أن الضغوط تأتي من بغداد لإجبار الناس على العودة للمدن المدمرة.

تضييق حكومي
ويشير والد الطالب يوسف في حديث للجزيرة نت إلى أن الحكومة تحاول تسويق فكرة الانتصار على تنظيم الدولة وعودة الاستقرار للمدن المدمرة عبر التضييق على النازحين وإجبارهم على العودة للمدن المدمرة، لكن الظروف هناك تجبر كثيرا من الأهالي على البقاء في كردستان العراق.

فضلا عن أن آلاف العوائل التي عادت إلى الأنبار والموصل تعيش ظروفا صعبة وتحاول العودة مجددا إلى كردستان التي تتوفر فيها أسعار إيجار للمساكن أقل بكثير مقارنة بالموصل والأنبار وبغداد، وكذلك أسعار باقي الخدمات من كهرباء وماء وسواهما.

ويفسر ذلك إلى حد كبير موجة النزوح الجديدة التي أربكت العام الدراسي للتلاميذ وأثقلت كاهل المدارس التي تعاني نقصا حادا في الكوادر التدريسية والتجهيزات المدرسية الأخرى.

ويلفت عيسى المحمدي، مدير إحدى المدارس الثانوية التي تحتضن أبناء النازحين في أربيل، إلى أن المخصصات المالية بدأت تتقلص سواء من بغداد أو المنظمات الدولية، مما اضطر بعض المدارس للانتقال مرارا لمبان جديدة لصعوبة توفير مبالغ الإيجار، وهو ما أربك الوضع التربوي للكادر التدريسي والطلاب على حد سواء.

المصدر : الجزيرة