"بوكو حرام".. سيارات مستوردة تقلق أمن السودان
ويستقبل السودان على مدى سنتين أو يزيد آلاف السيارات عبر حدوده الشمالية والغربية المشتركة مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى مما دفع الكثيرين لاقتناء سيارات متنوعة وبأسعار زهيدة لم تتوفر في السوق السوداني.
وكعادة السودانيين في إطلاق الألقاب على كل جديد، أطلقوا اسم "بوكو حرام" على هذه السيارات تشبيها بحركة "بوكو حرام" المسلحة التي ظهرت في غرب أفريقيا خاصة نيجيريا.
وشكلت سيارات "بوكو حرام "مصدر ثراء لكثير من السودانيين حينما منحت الحكومة امتيازات كبيرة لرعاياها القادمين من ليبيا بإدخال سيارات لتعويض ما لحق بهم من ضرر جراء الحرب الليبية، الأمر الذي جعل الباب مفتوحا من الجهة الأخرى أمام تجار محليين للتحايل على تلك القرارات باستيراد سيارات عبر منافذ مختلفة والحصول على تسهيلات جمركية.
سيارات مقلقة
رئيس مجلس الوزراء السوداني الفريق بكري حسن صالح كان أصدر قرارا بإعداد تصور لمعالجة أوضاع سيارات السودانيين العائدين من ليبيا، قبل أن تبدأ الحكومة حملة جديدة لجمع هذه السيارات والتحقق منها بعد بلاغات مختلفة وصلتها عبر الشرطة الدولية (الإنتربول).
ويبدو أن الحكومة السودانية استشعرت خطرا كبيرا بعد تدفق أعداد هائلة من هذه السيارات، إضافة إلى ما تسرب عن تلقي الخرطوم بلاغات جديدة عبر الشرطة الدولية ومن دول مختلفة لتصدر قرارا بمصادرة أية سيارة غير مضمنة في السجلات الرسمية أو ما يعرف بالحصر.
ويقود حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس السوداني حملة منذ نحو شهر لجمع السلاح المنتشر بين المواطنين من جهة، وضبط ومصادرة السيارات غير المقننة من جهة أخرى.
ويرى عدد من المختصين أن تساهلا حكوميا في الفترة السابقة ساهم كثيرا في انتشار سيارات "بوكو حرام" بالبلاد، ويعتقدون أنها تشكل خطرا أمنيا واقتصاديا، قبل أن يشيروا إلى أن أمرها لا يختلف عن عمليات غسل الأموال.
تهديد أمني
الخبير الأمني الفريق متقاعد خليل محمد الصادق يقول إن دخول سيارات بهذه الأعداد الكبيرة يمثل أحد مظاهر تهديد الأمن السوداني، ويحذر من إمكانية مساهمة هذه السيارات مجهولة المصادر في انتشار الجريمة العابرة للحدود.
ولم يستبعد الصادق في حديث للجزيرة نت أن يكون العدد الأكبر من هذه السيارات دخل البلاد عبر مهربين ينتمون للحركات المتمردة في دارفور "لأجل الحصول على مبالغ تسير بها أنشطتها بعدما توقفت معظم مصادر تمويلها".
ويضيف الخبير الأمني أن حدود السودان المفتوحة جعلت منه مقرا لجميع السيارات المنهوبة من دول الجوار، ويجدد تحذيره من استغلال هذه الوضعية لنشاط جمعات إرهابية وأخرى تعمل في تهريب السلاح والمخدرات.
ضربة للاقتصاد
أما المحلل الاقتصادي محمد الناير فيرى أن سيارات "بوكو حرام" تشكل ضربة قوية للاقتصاد السوداني بسبب عدم خضوعها لجمارك حقيقية، مما يفقد الدولة كثيرا من الإيرادات، فضلا عن كونها تخالف النظام المتبع في السودان لاستيراد السيارات.
ويقول الناير للجزيرة نت إنه تم استغلال الاستثناء الممنوح للسودانيين العائدين من ليبيا باستيراد سيارات مستخدمة من قبل تجار لا علاقة لهم بالمغتربين، ليدخلوا موديلات قديمة وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس المعمول بها.
وأبدى التاجر قاسم سليمان الذي يتاجر في تلك السيارات بسوق الفاشر شمال دارفور استعداده أكثر من غيره لوقف التعامل مع كل السيارات الواردة، ولكن بشرط تعويض الذين اشتروها بعدما سمحت الحكومة في بادئ الأمر بذلك.
أما التاجر أحمد بسوق كسلا شرق السودان فيقول إن هناك سيارات تم استيرادها بطرق رسمية، ولا يجب أن تعامل بطرق واضحة دون أي عناء. ويضيف للجزيرة نت أن السيارات الواردة من ليبيا غير تلك التي تأتي من غرب أفريقيا "لأنها مشبوهة وغير معروفة المصدر الحقيقي، مثلها مثل السلاح الذي يعبر الحدود كل يوم إلى داخل البلاد".