أزمة الرواتب بغزة.. محررون تحت وطأة الفاقة
أحمد فياض-غزة
وكان عماد قد أُودع السجن وهو في الـ18 من عمره وأمضى في غياباته 21 عاما، ولم تتح له فرصة الخروج منه إلا في العام 2011 حين بادلت المقاومة الفلسطينية أكثر من ألف أسير فلسطيني بالجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
بعد تحرره مباشرة، سارع المحرر الفلسطيني إلى تكوين أسرة جديدة، فأنجب ثلاثة أطفال وآوى عنده والديه العجوزين في منزل بالكاد فرغ من تشييده، ولكن سرعان ما حلت به مصيبة حرمانه من راتبه الشهري في وقت هو في أمس الحاجة إلى ما يعينه على خوض عباب الحياة في قطاع محاصر تعصف به الملمات من كل جانب.
ويقول عماد الذي يسكن مخيم جباليا للاجئين شمال غزة إن أزمة وقف الراتب حملته أعباء ثقيلة، وحالت دون تمكنه من دفع أقساط إتمام تشييد المنزل، وجعلته عرضة لتهديد إحدى شركات المقاولات باللجوء إلى القضاء من أجل تحصيل مستحقاتها.
سبب العقاب
ويتساءل الأسير المحرر في حديثه للجزيرة نت عن سبب وقف السلطة مخصصات 277 أسيرا محررا من المحسوبين على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ممن قضوا جل أعمارهم في السجون ومشهود لهم بإيجاعهم لسلطات الاحتلال إبان تصديهم لها قبل قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994.
ويعود سبب قطع السلطة الفلسطينية رواتب المحررين من حركة حماس، بحسب عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى المتوقفة رواتبهم، المحرر مصطفى المسلماني، إلى سلسلة الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس الفلسطيني ضد حركة حماس لإجبارها على حل اللجنة الإدارية في غزة، مشيرا إلى أن ذلك ما يفسر اقتصار وقف المستحقات الشهرية على المحررين التابعين لحركة حماس دون غيرها.
ويشير المسلماني أيضا إلى أن السلطة الفلسطينية تتعرض لضغوطات أميركية وإسرائيلية وأوروبية تطالبها بالكف عن دفع مرتبات شهرية للأسرى والمحررين الضالعين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن القيادة الفلسطينية لن تخضع للضغوطات الإسرائيلية والغربية في هذا المضمار، كون قضية الأسرى والمحررين من الثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن خضوع السلطة لهذه الاشتراطات يعني تجريم القضية الفلسطينية برمتها، وهو ما لا يقبل به الشعب الفلسطيني بتاتا.
وانتقد عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى المتوقفة رواتبهم في حديثه للجزيرة نت، لجوء السلطة إلى معاقبة المحررين والمرضى وغيرهم من أجل حل خلافات سياسية، وطالب بإعادة صرف الرواتب لكافة الأسرى المحررين دون تمييز، وتجنيبهم المناكفات السياسية.
قرار صادم
من جهته، وصف مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني قرار وقف صرف رواتب الأسرى المحررين بالصادم للأسرى وعائلاتهم وللجميع، مشيرا إلى أن القرار غير قانوني ومخالف للقانون الأساسي الفلسطيني، والقانون الدولي لحقوق الانسان.
وطالب الصوراني في حديثه للجزرة نت السلطة الفلسطينية بالتراجع عن قرارها الجائر، والاعتذار عنه، وإعادة صرف رواتب الأسرى المحررين بانتظام وفقا لما كفله القانون.
من جانبه، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن جهودا حثيثة تبذل من أجل استئناف صرف رواتب المحررين، لافتا إلى أن وقف مخصصاتهم مرده إلى الخلاف السياسي بين حركتي فتح وحماس.
وأكد في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن وقف رواتب عدد من المحررين لم يحتكم إلى المعايير القيمية ولا الأخلاقية، مشيرا إلى أن القرار خاطئ وغير مقبول وباطل قانونيا.