خلاف في تونس بشأن الحرب على الفساد
خميس بن بريك-تونس
وخلال جلسة استماع أمام البرلمان بشأن ملف مكافحة الفساد تعهد يوسف الشاهد أمس الخميس بمواصلة طريقه لـ"استئصال الفساد" ومحاربة الفاسدين من دون استثناء مهما كان انتماؤهم، نافيا أن تكون هذه الحرب تصفية حسابات ضد خصوم سياسيين.
وكانت الحكومة التونسية قد أمرت نهاية مايو/أيار الماضي باعتقال شخصيات بارزة، من ضمنها رجل الأعمال المثير للجدل شفيق الجراية، والمقدم التلفزيوني المعروف سمير الوافي، إضافة لاعتقال مهربين وإيقاف جمركيين وموظفي سجون.
رؤوس فساد
لكن خطاب حسن النية لرئيس الحكومة لم يقنع كثيرا النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم الذي وجه نقدا لما اعتبرها حربا "منقوصة" ضد الفاسدين، لافتا إلى "وجود رؤوس كبيرة للفساد لا تزال حرة على الرغم من وجود شبهات فساد تحوم حولها".
وكان اللطيف صديقا مقربا لبن علي، ويتهمه معارضون بأن له شبكة علاقات مع أمنيين وسياسيين وإعلاميين يوظفها لغايات سياسية.
ويقول بن سالم إن "للفساد رأسا، وهذا الرجل هو رأس الفساد ولذلك يجب أن تشمله أيضا الحرب على الفساد".
ويتفق معه بالرأي عماد الدائمي القيادي في حركة إرادة تونس التي أسسها الرئيس السابق المنصف المرزوقي، حيث يقول إن الحرب على الفساد التي تشنها الحكومة كانت "موجهة ضد لوبي فساد واحد"، في إشارة إلى رجل الأعمال شفيق الجراية.
قانون مثير
من جانب آخر، يرى النائب عن حركة الشعب سالم الأبيض أن "هناك مؤشرات سيئة تبين عكس ما ترغب الحكومة بفعله"، مبينا أن الحرب على الفساد لم تشمل المؤسسات الحكومية والصفقات العامة والإدارة التي تربع عليها الفساد، وفق تعبيره.
وشهد البرلمان أمس الخميس احتجاجات على تمرير هذا المشروع، وتستعد المعارضة للطعن في دستوريته إذا تم التصويت لصالحه قريبا بالجلسة العامة، وهناك اتفاق بين كتلتي حركة نداء تونس وحركة النهضة على تمريره بالنظر للأغلبية بحوزتهما.
ويقول النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية نزار عمامي للجزيرة نت إنه "لا توجد إرادة لدى الحكومة لمكافحة الفساد"، مؤكدا أن الائتلاف الحكومي -خاصة بين نداء تونس وحركة النهضة- "يسعى لتبرئة موظفين ضالعين في الفساد دون محاسبة".
صلاحيات واسعة
بدوره، يؤكد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني مهدي بن غربية أن الحكومة منحت الهيئات الدستورية المستقلة أوسع الصلاحيات لحسن عملها، مضيفا أنه تم النص على استقلالها المالي والإداري ومنع التدخل في أعمالها.
كما أكد بن غربية للجزيرة نت أن الحكومة منحت هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد صلاحيات بالحد الأقصى المسموح به وفق الدستور التونسي، ومن أهمها تدعيم مهام التقضي في شبهات الفساد، وإسنادها مهمة تلقي التصريح على المكاسب والتقصي فيها.
وقد اعتبر أن هناك "سوء نية" لدى بعض الأطراف في القول إن الحرب على الفساد "هي حملة انتقائية"، مؤكدا أن هذه الحرب ليست عابرة أو ظرفية وإنما سياسة كاملة للدولة من أجل فرض القانون ومحاربة الفساد والمفسدين بلا استثناء، على حد تعبيره.