تراجع الإسلاميين بانتخابات الجزائر.. تزوير أم ضعف؟
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
ويفسر عبد الرحمن هذه النتائج بوجود "فجوة بين خطاب الإسلاميين غير المنفتح وبين المجتمع"، محملا مسؤولية ذلك إلى قيادة التيار الإسلامي، بالإضافة إلى الخلافات والانقسامات في صفوف الإسلاميين "التي زرعت الخوف في المواطنين".
دعاية إعلامية
ويعترف عبد الرحمن في حديثه للجزيرة نت بأن التيار الإسلامي يمر حاليا بهزات عنيفة في الجزائر وفي كل المنطقة، متوقعا أن يمر بمرحلة ضعف، لكنه لن يختفي، حسب رأيه.
ورفضت حركة مجتمع السلم (حمس) -باعتبارها القوة الأولى في المعارضة الجزائرية- كل القراءات التي قالت بتراجعها في الانتخابات، إذ حلت سادسا بعدما كانت الثالثة في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار 2017.
ويتهم الإسلاميون -وأغلب الأحزاب المشاركة بالانتخابات- السلطات الجزائرية بتزوير نتائج الانتخابات لصالح الموالاة؛ تمهيدا لإعادة رسم الخارطة السياسية، مثلما يقدمون تفسيرات أخرى تدل على تطور نسبي في نتائج الإسلاميين مقارنة بانتخابات 2012.
وإذا كان عبد الرحمن يقر ضمنيا بخيبته من النتائج المحققة، فإن فاروق طيفور القيادي بحركة مجتمع السلم يعتقد بأن الحكم ينبغي أن يكون عبر انتخابات نزيهة، و"أما هذه الانتخابات فهي مزورة بالأدلة والوثائق، كما أن نسبة المشاركة كانت ضئيلة"، ويتساءل طيفور في تصريح للجزيرة نت "كيف لنا أن نعرف أوزان الأحزاب السياسية ما دامت العملية الانتخابية غير نزيهة؟"
ويرى القيادي الإسلامي أن الحديث عن تراجع تياره مجرد دعاية إعلامية حيكت في دواليب السلطة، وترمي إلى توجيه الأنظار عما سماه "التزوير المفضوح" للانتخابات.
بداية "العلمنة"
كما يستغرب طيفور "سقوط بعض الإسلاميين في فخ هذه الدعاية وشروعهم في جلد الذات، بدل أن يقوموا بمكافحة فيروس التزوير".
في المقابل، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي إن انتخابات المجالس البلدية "أظهرت فشل أحزاب الإسلام الإخواني في الانغراس داخل المجتمع"، ويضيف للجزيرة نت أن نتائج الانتخابات "تمهد الطريق لنوع من العلمنة في الجزائر"، خاصة أن التيار العلماني بدأ يتقوى فكريا عبر طرح أسئلته علانية.
ويضيف جابي أن "التحالفات والقوائم المشتركة لم تنفع الإسلاميين، لا في الانتخابات التشريعية ولا البلدية"، ويتوقع المتحدث وقوع انشقاقات في المؤتمر العام المقبل لحركة مجتمع السلم لعقد مؤتمرها العام السنة المقبلة.
ويعتقد جابي بأن من مصلحة الإسلاميين إعادة قراءة تجربتهم وتقييمها، و"إلا فإنهم سيتحولون إلى مجرد فكرة عقائدية لأقلية منتشرة في المجتمع دون تأثير".
وأما الباحث في قضايا التراث الإسلامي سعيد جاب الخير فيرى أن نتائج الأحزاب الإسلامية دلالة على استفاقة الشعب الجزائري "من سحر الإسلاموية السياسية وهبوط كبير لشعبيته".
ويضيف جاب الخير في تصرح للجزيرة نت أن الجزائريين يتجهون نحو نوع من التدين الفردي الذي لا علاقة له بالسياسة، وبمختلف اتجاهاته السلفية أو غيرها، غير أن الباحث يستبعد أن تكون الانتخابات الأخيرة نهاية للإسلام السياسي في الجزائر.
جولة خاسرة
وعلى العكس من ذلك، يشدد الكاتب والمدون ياسين إعمران على أن القول بنهاية الإسلاميين "مبالغة يكذبها الواقع"، مضيفا أن التيار الإسلامي "لم تقض عليه دبابة الانقلاب في تسعينيات القرن الماضي، فكيف تقضي عليه جولة انتخابية غير نزيهة".
ويعتقد إعمران أن العلمانيين يقومون بمحاولة "بائسة ويائسة" لشن حرب نفسية ضد خصوم خسروا معركة انتخابية يرى أغلب الجزائريين أنها غير ذات أهمية، غير أن الكاتب الجزائري يعترف بأن الإسلاميين يعانون أزمة سياسية بنيوية، ويوضح أن المشاركة في الحكومة أصبحت عند الإسلاميين الذين يمثلون التيار المعتدل (الإخوان) "من أدبيات ومسلمات العمل السياسي".
وينبه إعمران إلى أن التيار الإسلامي كأنما يكتشف اليوم خيار المعارضة، لذلك "حصل الكثير من التشويش سواء من القيادات الموالية للسلطة داخل هذه التيارات، أو من المتخوفين من رفض الشارع الجزائري لهم بعد انغماسهم زمنا طويلا في نعيم السلطة".