موجة غضب بتونس بسبب مراسل إسرائيلي
خميس بن بريك-تونس
وبثت القناة الإسرائيلية العاشرة أمس تقارير من محافظة صفاقس (جنوب) عن اغتيال الزواري الذي أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنه من قياداتها وأبرز مهندسيها.
وأمن الصحفي الإسرائيلي مواف فادري التغطية قرب منزل الزواري بصفاقس، وظهر في تقرير مصور يشير بإصبعه للرصاص الذي اخترق باب مرآب المنزل. كما قام بأخذ شهادات حية من بعض الجيران. ثم خرج على الهواء مباشرة من قلب العاصمة تونس، وتحديدا أمام مبنى الداخلية.
وأثار تجول الصحفي بأريحية وقيامه بأخذ التصريحات بميكروفون عليه شارة قناة إسرائيلية وبثه للتغطية مباشرة عبر القمر الاصطناعي موجة غضب عارمة، لا سيما لدى الصحفيين الذي نددوا بالتقصير الأمني لأجهزة الدولة واعتبروا التغطية استفزازا من المخابرات الإسرائيلية لبلدهم.
وتعليقا على ذلك، قال المستشار الإعلامي السابق برئاسة الحكومة عبد السلام الزبيدي إن ما وقع "يؤكد أن هناك خللا هيكليا في أداء أجهزة الدولة" لكنه استبعد أن تكون رئاسة الحكومة منحت ترخيصا للصحفي الإسرائيلي.
وأضاف الزبيدي لـ الجزيرة نت أن دخول الإسرائيليين تونس أو بلدان العالم يتم بواسطة جوازات سفر أوروبية لا تحمل مهنهم أو صفاتهم الحقيقية، مشيرا إلى أنهم يدخلون المطارات على أساس أنهم مستثمرون أو رجال أعمال للتمويه.
ويرى أن تجول الصحفي الإسرائيلي بتلك الأريحية في مسرح الجريمة وقرب الداخلية هدفه استثمار الموساد (جهاز مخابرات إسرائيل) لعملية الاغتيال من الناحية الإعلامية لإبراز عمق الوجود الميداني للاستخبارات الإسرائيلية ما عكس "هشاشة أجهزة الدولة".
جواز ألماني
من جهة أخرى، نفى مفدي المسدي المستشار الإعلامي الحالي لرئيس الوزراء تدخل رئاسة الحكومة لمنح ترخيص للصحفي الإسرائيلي، مؤكدا للجزيرة نت أن فادري دخل تونس بجوز سفر ألماني عليه صفة كاتب.
وقال المسدي إن رئاسة الحكومة أمرت بفتح تحقيق حول ظروف دخول الصحفي الإسرائيلي والأطراف التي قدمت له الدعم اللوجستي، مشيرا إلى أن السلطات تبحث حاليا عن اسم شركة الإنتاج التي استأجر منها الكاميرا ومعدات البث المباشر.
يُذكر أن الحكومة تطلب في العادة من الصحفيين الأجانب الذين يرغبون التصوير في الأماكن العامة التقدم بمطالب عن طريق مؤسساتهم الإعلامية حول موضوع التصوير ومدته الزمنية حتى تمكنهم من التراخيص اللازمة وفق القوانين المعمول بها.
ويحتم القانون على شركات الإنتاج التي تستعمل أجهزة بث مباشرة عبر الأقمار الاصطناعية أن تتحصل على ترخيص تقدمه الوكالة الوطنية للترددات. ورجح المسدي أن يكون الصحفي الإسرائيلي اعتمد على شركة إنتاج خاصة للحصول على المعدات والترخيص.
وصمة عار
من جانبه، قال عضو نقابة الصحفيين التونسيين زياد الدبار إن هناك غيابا تاما لليقظة لدى أجهزة الدولة، معربا عن استيائه من تعرض صحفيين تونسيين للمضايقات من قبل رجال الأمن في بعض الأحداث مقابل غياب الأمن في مكان اغتيال الزواري.
واعتبر الدبار في حديثه للجزيرة نت أن تسلل الصحفي الإسرائيلي إلى تونس يٌعد وصمة عار وخللا أمنيا يمس سيادة الدولة، وهو ما يتطلب فتح تحقيق جدي برأيه، مذكرا بأن القناة الإسرائيلية العاشرة تكاد تكون ناطقة باسم الجيش الصهيوني المحتل.
ورغم بعض الدعوات المطالبة بالتضييق على عمل الصحافة الأجنبية والعودة إلى الإجراءات المتخذة قبل الثورة، قال الدبار إن حرية الصحافة مكسب وطني يجب حمايتها، منتقدا أي إحياء لوكالة الاتصال الخارجي التي كانت تشرف على الصحافة الأجنبية وتلمع النظام السابق.
يُشار إلى أن الحكومة أعلنت أن أطرافا أجنبية متورطة في اغتيال الزواري الذي ساهم في تطوير طائرات الأبابيل لفائدة حركة حماس. وقد تم اعتقال ثمانية أشخاص تونسيين بينهم امرأة حتى الآن، كما وجهت طلبا لـ الإنتربول لاعتقال مواطن بلجيكي من أصول مغربية متورط في القضية.