الانتحار يحصد أرواح الشباب في مصر

ارتفاع معدلات الانتحار في مصر
التنسيقية المصرية للحقوق والحريات رصدت 120 حالة انتحار في الثلث الأول من 2015 بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

يبدو أن مقولة المصريين الساخرة "كل الطرق تؤدي إلى المشرحة" باتت واقعا عمليا في مصر بعد الثالث من يوليو/تموز 2013.

الموت الذي بات يلاحق الأرواح في أقسام الشرطة أو بالمظاهرات الرافضة للانقلاب أو في حوادث الطرق وأمراض الكبد والسرطان لم يكن كافيا بالنسبة للبعض فقرروا الذهاب إليه بأنفسهم منتحرين.

وحسب التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، فقد بلغ عدد المنتحرين في الثلث الأول من هذا العام 120، وذلك في تطور كبير وخطير لم تشهده مصر من قبل، وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وأضافت التنسيقية أن حالات الانتحار تحولت من حوادث نادرة فردية إلى ظاهرة تستحق التوقف عندها ورصدها من قبل قطاعات المجتمع السياسية والدينية من حيث الأسباب وطرق التعامل والعلاج.

ويمثل الشباب النسبة الكبرى من المنتحرين لأسباب، من بينها الظروف المعيشية الصعبة، لكن اللافت انتحار أربعة من جنود الجيش أو الشرطة بسبب سوء المعاملة، وفشل جنود آخرين في ذلك.

التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تقول إن معظم المنتحرين من الشباب (الجزيرة)
التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تقول إن معظم المنتحرين من الشباب (الجزيرة)

أسباب الانتحار
وتتنوع الأسباب المؤدية للانتحار، فمنها النفسي ومنها الاجتماعي والاقتصادي.

وقال الطبيب النفسي أمجد سامي إن الأسباب الاجتماعية للانتحار في مصر تأتي في المرتبة الأولى، وتتنوع بين خلافات ونزاعات أسرية، وشجارات ونزاعات زوجية، ويرتبط الكثير منها بالشعور بالضيق لأسباب مالية.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الأسباب المالية المباشرة تعد السبب الثاني والأهم في زيادة حالات الانتحار بمصر، وذلك لضعف الرواتب وانعدام فرص العمل والارتفاع المتواصل للأسعار، إضافة إلى أسباب نفسية مثل الاكتئاب والضيق والغضب الشديد.

وشدد سامي على أن الأوضاع التي تعاني منها مصر منذ 3 يوليو/تموز 2013 أثرت على أحوال الناس المعيشية والاقتصادية وحتى النفسية والاجتماعية بدرجة كبيرة، مما أدى إلى تفكير كثيرين بالانتحار، واعتبار من يعانون من أزمات وفاقدين للأمل الانتحار حلا نهائيا.

أسماء كمال: انتحار الشباب يعود للإحباط النفسي والاكتئاب والقهر (الجزيرة)
أسماء كمال: انتحار الشباب يعود للإحباط النفسي والاكتئاب والقهر (الجزيرة)

إحباط الشباب
وأكدت الاختصاصية النفسية والاجتماعية أسماء كمال أن الانتحار قبل أكثر من عامين كان أمرا كارثيا تقوم له الدنيا ولا تقعد وتكتب عنه كل الصحف.

وأضافت "انتحار شاب في تونس كان شرارة أشعلت ثورات الربيع العربي، ولكن مع تتابع الأحداث واغتيال آمال الشباب بالتآمر على الثورات وسوء الأحوال الاقتصادية تحولت حالات الانتحار النادرة إلى ظاهرة خطيرة، خاصة في وسط الشباب".

وبينت في حديث للجزيرة نت أن انتشار الانتحار يرجع بالأساس إلى حالة الإحباط النفسي والاكتئاب والقهر التي يعيشها الشباب، وذلك بسبب القمع السياسي الذي تعيشه مصر، وتدني مستوى الحريات وتكميم الأفواه، إضافة إلى سوء الأحوال الاقتصادية والارتفاع المطرد للأسعار الذي يقابله تدهور في دخل الفرد.

وأردفت أسماء قائلة "ربما يظن كثير من المنتحرين أن موتهم قد يحرك ساكنا، ويعدل مسار الأمور في بلادهم كما حدث في تونس عند بداية الربيع العربي".

وأشارت إلى أنه "يمكن احتواء الظاهرة من خلال مراقبة الأهل تصرفات أفراد الأسرة الذين يمرون بحالة حزن طويلة المدى تصل إلى حد الاكتئاب، إذ يجب عرضهم على طبيب نفسي على الفور".

ودعت أسماء الدولة إلى إتاحة مساحة لحرية التعبير عن الرأي وإيجاد حلول عملية للمشاكل الاقتصادية، خاصة لفئة الشباب واستغلال طاقاتهم من خلال إيجاد فرص عمل، وإنشاء النوادي ومراكز الشباب.

المصدر : الجزيرة