سعي أميركي لترويض تركيا بالحرب على تنظيم الدولة
خليل مبروك-إسطنبول
وكان مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر قد قال أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي إن 60% من المقاتلين الأجانب يعبرون إلى سوريا عبر الأراضي التركية.
وردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة الماضي ضمنيا على تصريحات كلابر قائلة إن تركيا اتخذت عددا من الخطوات العسكرية وغيرها ضمن التحالف ضد تنظيم الدولة، مضيفة أن أنقرة "قطعت شوطا أيضا في الحد من تدفق المقاتلين على التنظيم وتجفيف موارده المالية".
فتش عن اللوبي
وعزا المحلل السياسي في التلفزيون الرسمي التركي محمد أوزتورك التباين في الموقفين الدبلوماسي والأمني لواشنطن تجاه بلاده إلى "تنوع أجنحة الحكم في واشنطن بين تيارات مختلفة".
كما أرجع اتهامات كلابر لأنقرة بعدم اتخاذها الحرب على تنظيم الدولة أولوية لها إلى "تأثير اللوبي الصهيوني وضغوطه على مراكز النفوذ خاصة في الأوساط العسكرية بواشنطن".
وأوضح أوزتورك أن علاقة تركيا "المتوترة بإسرائيل منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008 ومرورا بأزمة قتل عشرة متضامنين أتراك على متن سفينة مافي مرمرة أواسط عام 2005 دفعت أنصار تل أبيب لتحريض واشنطن على تركيا، خاصة أن إسرائيل تريد حكومة ضعيفة قابلة للخضوع للضغوط والابتزازات في أنقرة، ولهذا السبب لا تكف عن تحريض الغرب على تركيا".
ويرى الباحث التركي في الشؤون الأمنية مراد يشيلتاش أن الحديث عن أن 60% من المقاتلين الأجانب يعبرون إلى سوريا عبر الأراضي التركية، كما ورد على لسان جيمس كلابر مؤخرا، أمرٌ "مبالغ فيه".
وقال إن بلاده تمتلك حدودا طويلة مفتوحة مع سوريا و"تدير تلك الحدود بسياستها الخاصة التي بنتها وفق رؤيتها لانخراطها في تحالف الحرب على الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة".
ضوابط الحرب
وقال يشيلتاش للجزيرة نت إن أنقرة "تحارب الإرهاب بضوابط واعية بنيت على ضرورة إنهاء مسبباته التي يمثل استمرار نظام بشار الأسد في سوريا جزءا أساسيا منها".
وذكر أن الدلائل تشير إلى أن تركيا "تحارب الإرهاب بلا هوادة، وقائمة الأجانب الممنوعين من دخول الأراضي التركية وصلت إلى 1400 شخص رغم أن تركيا بلد سياحي مفتوح للزوار ويمكن الحصول على التأشيرة لدخولها بسهولة".
ويرى يشيلتاش أن ضعف التنسيق بين الدول الغربية وبلاده "قد تترتب عليه اختراقات أمنية لا تُسأل عنها أنقرة بقدر ما هي مسؤولية ملقاة على عاتق الدول الغربية التي ينطلق منها المقاتلون للحرب إلى جانب تنظيم الدولة".
أما المعارضة التركية فتحمل حكومة حزب العدالة والتنمية المسؤولية عن تنامي النظرة الغربية التي تتهم أنقرة بعدم اتخاذ الحرب على "الإرهاب" أولوية لها، وقال الناشط اليساري أكرم نيازي "إن الانفتاح التركي على القوى السورية المعارضة للنظام ومن بينها قوى متطرفة مثل تنظيم الدولة أوصلت رسالة للعالم بأن تركيا تدعم الإرهاب".
واتهم نيازي في حديثه للجزيرة نت الحكومة "بتوفير المأوى والملاذ لكثير من القوى المسلحة التي تقاتل جنبا إلى جنب مع تنظيم الدولة"، مضيفا أن انفتاح الحكومة التركية على حزب العمال الكردستاني "بدعوى رغبتها بتحقيق السلام الداخلي مع الأكراد منح الأخير نقاط قوة ترصدها الاستخبارات الغربية وتحمل أنقرة المسؤولية عنها".