الإنفاق على اللاجئين في ميزان الخبراء الألمان
تتوزع تكاليف إدارة أزمة اللاجئين في ألمانيا بين تأمين غذاء ودور حضانة ومدارس ودروس اللغة الألمانية وإجراءات إدارية، لتصل -حسب الخبراء- إلى ما بين 15 و20 مليار يورو سنويا. وتفيد بيانات المعهد الألماني لبحوث الاقتصاد في برلين بأن اللاجئ الواحد يكلف الدولة نحو 12 ألف يورو سنويا.
وينبه خبراء آخرون إلى أن الأموال التي تصرف على اللاجئين تذهب جزئيا إلى الاقتصاد الألماني، لأن تكاليف مواد التغذية والمنتجات الأخرى إضافة إلى الخدمات المتنوعة، يستفيد منها بالدرجة الأولى شركات وعمال ألمان، فالمساعدة المالية للاجئين تعد برنامجا تحفيزيا صغيرا للاقتصاد الوطني.
ويجمع الخبراء على أن النقطة الحاسمة ستتعلق بالسرعة التي سيتم بها النجاح في إدماج اللاجئين في سوق العمل. وقد طور المعهد الألماني لبحوث الاقتصاد -اعتمادا على تجارب تاريخية- سيناريوهات مختلفة تضمنت -إلى جانب سيناريو رئيسي- نموذجا متفائلا وآخر متشائما.
الإنجازات.. متى؟
وحسب فراتشر، لا تتمثل الإشكالية الرئيسية في معرفة إن كان اللاجئون يأتون بالنفع لألمانيا على المدى البعيد، وإنما في معرفة متى ستكون إنجازات اللاجئين قادرة على تجاوز مستوى النفقات.
ويقول إن "غالبية اللاجئين من الشباب، وسيبقون في العمل بين 40 و50 عاما، وتعكس حسابات معهدنا أنه قد يكون ممكنا أن تتجاوز الاستفادة من اللاجئين مستوى التكاليف بعد خمسة أو ستة أعوام".
من جهته يرى مدير البنك الألماني ديفد فولكرتس لانداو في الهجرة الكبيرة فرصة سانحة لألمانيا التي تعاني من الشيخوخة، لأنه بدون مهاجرين سينخفض مستوى النمو الاقتصادي في السنوات العشر المقبلة من 1.5% في المتوسط حاليا إلى 0.5% فقط سنويا.
ويقول لانداو "إن نجاح الاندماج سيمنح ألمانيا فرصة لتوطيد مكانتها كقاطرة اقتصادية في أوروبا".
في المقابل، لا يشاطر رئيس المركز الأوروبي لبحوث الاقتصاد كليمينس فويست زميليه فراتشر ولانداو تفاؤلهما، فهو يعتقد بصعوبة إدماج اللاجئين في سوق العمل وداخل المجتمع، ويلاحظ "أن التأثير سيكون إيجابيا على الهرم السكاني لألمانيا، بينما سيظل اللاجئون لسنوات طويلة بعيدين عن كسب أجرهم الشهري، وسيكلفون الدولة أكثر مما سيساهمون في دفع الضرائب والرسوم الأخرى".
ويشدد فويست على أنه من المهم إيواء اللاجئين الهاربين من الحروب والحرمان، ويلمح في هذا السياق إلى أن قضية اللاجئين قد يكون لها تأثير إيجابي في إثارة مفهوم المرونة إذا ما بدأت الدولة والمجتمع بالتفكير في إعادة النظر في بنية النظام الاجتماعي وتطور سوق العمل.
وأعرب عن أمله في أن" تكون السياسة سباقة وفعالة في التعاطي مع أزمة اللاجئين"، داعيا المسؤولين السياسيين إلى "إعادة النظر في تنظيم سوق العمل والسماح مجددا بالبت في مستوى الأجر الأدنى على سبيل المثال".