خطر تنظيم الدولة على مائدة الناتو في ويلز
محمد أمين-لندن
ويتزامن هذا القلق مع استضافة مدينة ويلز -جنوب غرب لندن- اجتماعا لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو" اليوم الخميس، وعلى أجندتها إضافة إلى العديد من المواضيع الأخرى "مواجهة الإرهاب الناتج من تفكك الدول"، في إشارة ربما واضحة للخطر الأكبر، وهو تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت فرح دخل الله الناطقة باسم الخارجية البريطانية للجزيرة نت إن قمة الناتو هي أول قمة للحلف تستضيفها المملكة المتحدة منذ قمة لندن التي عقدت عام 1990، وهي أكبر تجمع على الإطلاق للقادة الدوليين في بريطانيا، وأشارت إلى أن عقد هذه القمة يأتي في لحظة تاريخية لحلف الناتو، إذ لا بد أن تنعكس قوة واتحاد الحلف وقدرته على مواجهة التحديات وهزيمة أي تهديد.
وبينت أن الموضوع العام لهذه القمة يدور حول "بناء الاستقرار في عالم متقلب". وأوضحت أن أولويات المملكة المتحدة في هذه القمة ضمان معالجة حلف الناتو للمخاطر الجديدة التي طرأت نتيجة وجود دول منهارة والصراعات الإقليمية والإرهاب والاعتداءات عبر الإنترنت، حسب حديث الناطقة.
ضربات عسكرية
وعن الجدل بخصوص نية لندن الإقدام على توجيه ضربات عسكرية في العراق وسوريا إذا طلب الناتو ذلك، قالت دخل الله إنه لم يتخذ قرار بعد، لكن بريطانيا ستواصل بحث اتخاذ أي إجراءات تخدم المصلحة الوطنية مع الولايات المتحدة وشركاء آخرين، لكن المؤكد أنها لن ترسل قوات بريطانية تتولى دورا قتاليا على الأرض.
وعقب الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مطلع الأسبوع لحصار من يشك في أنهم يسعون للانضمام لصفوف التنظيم للقتال في سوريا والعراق، والتي اشتملت على إعطاء الشرطة صلاحيات حجز الجوازات وصولا لحق الداخلية بسحبها ممن يثبت تورطهم بـ"الإرهاب".
ويبدو أن بريطانيا تسعى بقوة للانضمام لحلف دولي جديد عالمي وإقليمي ضد تنظيم الدولة، وفي هذا الإطار أكد كاميرون في معرض تعليقه على مقطع فيديو ذبح الصحفي الأميركي أن حكومته ستحاصر "تنظيم الدولة"، ووعد البريطانيين بتشكيل ائتلاف واسع لمواجهة التنظيم، الذي كانت مواجهة مخاطره مدار اجتماع للجنة الاستجابة للطوارئ التي ترأسها كاميرون صباح الأربعاء لاستعراض هذه التطورات الأخيرة عقب إعدام الصحفيين الأميركيين.
وهناك بعد آخر يبدو مؤشرا بالغ الأهمية، وهو التغير الآخذ في التصاعد في مزاج الرأي العام البريطاني لصالح دعم مشاركة حكومة بلادهم في العمل العسكري ضد التنظيم مباشرة عبر توجيه ضربات جوية تستهدف مراكز تواجده في العراق وسوريا، فيما حتى شهور قريبة كان المزاج البريطاني يرفض تماما أي تدخل عسكري بأي نوع يعيد اجترار تجربة بلير في العام 2003 التي تعدها شريحة واسعة فاشلة.
المزاج العام
وفي هذا الإطار كتب محرر الشؤون السياسية بصحيفة الإندبندت تحليلا بعنوان "إقدام تنظيم الدولة المحتمل على إعدام الرهينة البريطاني سيؤدي إلى انقلاب في مزاج الرأي العام "لصالح المشاركة بالضربات الجوية في العراق وسوريا".
وقال أندرو غرايس محرر الشؤون السياسية بصحيفة الإندبندنت إن إقدام التنظيم على هذه الفعلة سيضع رد الحكومة المحتمل تحت الضوء، فكاميرون وتحت الضغط من بعض نواب حزبه المحافظين والعمال أدلى في البرلمان بالبيان الذي كشف فيه عن إجراءات جديدة لمكافحة الإرهاب، وانتهى الكاتب إلى أن إعدام الصحفي البريطاني سيؤدي بالضرورة لانقلاب في الرأي العام لصالح دعم اشتراك الحكومة في معاقبة "تنظيم الدولة".
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "كوم ريس" لصالح صحيفة الإندبندنت أن واحدا من بين كل ثلاثة بريطانيين يدعمون توجيه المملكة المتحدة ضربات جوية ضد تنظيم الدولة في العراق والشام.
وكشفت نتائج الاستطلاع عن دعم قرابة 35% من المستطلعة آراؤهم المشاركة في الغارات ضد التنظيم مقابل معارضة 50%، لكن المعارضة ما زالت قوية جدا لأي مشاركة عسكرية برية، إذ لم يؤيد هذا الخيار سوى 20%، وهو ما استبعده كاميرون نفسه مرارا، لكن الفرق غير البعيد بين المؤيدين والمعارضين للضربات الجوية يمكن أن يتغير لصالح دعم كامل للضربات الجوية، إذا ما قتل الرهينة البريطاني.
وكان علماء دين مسلمون في بريطانيا أصدروا فتوى تحرم على مسلمي البلاد القتال في العراق وسوريا، ووجهوا نداء لمسلمي بريطانيا للوقوف ضد ما وصفوها بـ"الأيديولوجيا السامة" التي يتبناها التنظيم.