معركة صينية جديدة ساحتها شنغيانغ
عزت شحرور-بكين
أطلقت الصين ما أسمته حملة وطنية لمكافحة "الإرهاب" تستمر لمدة عام كامل في مختلف أنحاء البلاد، وتكون ساحتها الرئيسية إقليم شينغيانغ ذا الأغلبية الإيغورية المسلمة شمالي غربي البلاد.
وطالب بيان لوزارة الأمن العام قوات الشرطة في الإقليم وسائر أرجاء البلاد بالتعاون و"شن هجوم قوي ومشترك ضد قوى الانفصال والتطرف الديني والإرهاب" ومنعهم من الانتشار من شنغيانغ إلى مدن ومقاطعات أخرى.
وذكرت الوزارة أن الشرطة المحلية في إقليم شنغيانغ المضطرب ضبطت 23 مجموعة "إرهابية" ودينية متطرفة، وألقت القبض على مائتين من المشتبه بهم، وصادرت كميات من الأسلحة والمتفجرات خلال مايو/أيار الحالي، وأمهلت "المتورطين في أعمال إرهابية أو من قاموا بتقديم الدعم والمساندة للإرهابيين"، لتسليم أنفسهم للسلطات مقابل وعود بتخفيف العقوبات بحقهم.
كما أقامت السلطات في إقليم شنغيانغ مزيداً من الحواجز وكثفت قوات الأمن أمام المباني الحكومية والمدارس والأسواق ومنعت السيارات من التوقف أمام هذه الأماكن أو بالقرب منها.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد وصفت الهجوم الأخير في أورومتشي بأنه "عمل مرعب" ، لكنها طالبت السلطات الصينية باحترام الحقوق الأساسية لسكان الإقليم وتقديم المتورطين لمحاكمات عادلة. كما اتهمت في بيان لها السلطات الصينية بـ"القسوة المفرطة في التعامل حتى مع المنتقدين السلميين لسياساتها ومنعهم من ممارسة عاداتهم وتقاليدهم بما فيها ارتداء غطاء الرأس للنساء أو إطالة اللحى للرجال".
تنسيق
ويرى لي وي -رئيس قسم مكافحة "الإرهاب" في معهد الدراسات الدولية المعاصرة ببكين- أن "عمر الإرهاب في الصين طويل لكن الصين لا تزال تخطو خطواتها الأولى في مكافحته بشكل فعال وأنها كانت تفتقر إلى آليات التنسيق بين الجهات المعنية المختلفة في مكافحة الإرهاب، وأن تشكيل مجلس الأمن القومي مؤخراً برئاسة رئيس الجمهورية شي جينبينغ سيساهم في جسر هذه الفجوة".
وأضاف للجزيرة نت أن الاعتماد على الحل الأمني فقط غير كاف ولا بد من إجراءات أخرى وإشراك مختلف شرائح المجتمع من خلال رفع الوعي العام في مكافحة "الإرهاب" وتوفير قنوات تبادل المعلومات الاستخبارية بين المواطن والسلطات.
وكانت مدينة أورومتشي عاصمة إقليم شنغيانغ قد شهدت الخميس الماضي هجوماً استهدف سوقاً للخضار وأدى إلى مقتل 43 شخصاً وجرح نحو تسعين آخرين. وجاء بعد ثلاثة أسابيع على هجوم آخر استهدف محطة القطار في نفس المدينة وترافق مع زيارة كان يقوم بها الرئيس الصيني إلى هناك، مما أسفر عن مقتل ثلاثة وجرح أكثر من سبعين.
يذكر أن هذا الإقليم -الغني بالنفط والموارد الطبيعية والذي يشكل سدس مساحة الصين- يشهد توترات متصاعدة بلغت ذروتها خلال المواجهات التي اندلعت عام 2009 بين سكان الإقليم الأصليين من الإيغور المسلمين والمهاجرين الجدد من قومية الهان كبرى القوميات الصينية والتي تشكل أكثر من 90% من عدد سكان الصين. وأدت المواجهات إلى مقتل أكثر من مائتي شخص وأعقبها تشديد القبضة الأمنية وحملات متواصلة من الاعتقالات، قوبلت بارتفاع وتيرة عمليات العنف واستهداف مراكز الشرطة ورجال الأمن.
وعادة ما تسارع سلطات الأمن الصينية إلى توجيه أصابع الاتهام نحو من تسميهم بمجموعات "الإرهاب" والانفصال والتطرف الديني، وبالتحديد إلى الحركة الإسلامية لتحرير تركستان الشرقية والتي نجحت بكين بإدراجها على القائمة الدولية للمنظمات "الإرهابية" في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.