مرحلة حاسمة لمفاوضات نووي إيران ومؤشرات بفشلها

دخلت المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني في فيينا مرحلة صعبة قبل أيام من مهلة تنتهي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي للتوصل إلى اتفاق، وسط مؤشرات واضحة بعدم تمكن الأطراف من حسم الخلافات بينها.

وقد استبعد وزير الخارجية الأميركي التوصل لاتفاق قريبا، فيما أعرب نظيره البريطاني عن تشاؤمه بهذا الصدد، واعتبر المبعوث الروسي أن من "الصعب جدا" التوصل لاتفاق في "جو من التوتر"، فيما وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نداء أخيرا حث فيه الأطراف على التحلي بالليونة لإبرام الاتفاق، فيما تمسكت طهران بموقفها.

ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء اليوم في فيينا – التي وصل إليها- نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يبدد مخاوف الغرب من برنامج طهران النووي رغم بوادر الفشل التي تلوح بالأفق.

وقال كيري للصحفيين في باريس قبل التوجه إلى فيينا للانضمام إلى المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة "5+1" (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا) "نحن لا نناقش التمديد، نحن نناقش للتوصل إلى اتفاق". ورغم ذلك استبعد كيري التوصل إلى اتفاق مع انقضاء المهلة.

من جانبه، أقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأن رأب صدع الخلافات مع إيران بشأن برنامجها النووي أمامه بعض الوقت. وخلال مؤتمر صحفي مع كيري في باريس أكد فابيوس –الذي يتوجه غدا الجمعة إلى فيينا- أن نقاط الخلاف الرئيسية لا تزال قائمة.

ومن المتوقع وصول وزراء خارجية بقية القوى الست الكبرى (5+1) (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) إلى فيينا في وقت لاحق.

وسبق أن أعرب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن تشاؤمه بإحراز تقدم في المحادثات النووية مع إيران، وقال في تصريحات بلندن اليوم إن أكثر ما يأمل به هو إحراز تقدم كاف لتبرير تخصيص مزيد من الوقت بعد مهلة الاثنين المقبل.

من جهته، عبر الاتحاد الأوروبي عن "بالغ أسفه" لعدم تحقيق تقدم في المفاوضات، ودعا إيران إلى اتخاذ "القرار الإستراتيجي الذي يفتح الطريق أمام التوصل إلى اتفاق تاريخي ونهائي حول المسألة النووية".

وقالت ممثلة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان إن محادثات فيينا بين إيران والقوى الكبرى وصلت إلى مرحلة "حاسمة".

كيري (يسار) وفابيوس أقرا بصعوبة التوصل لاتفاق مع إيران قبل انتهاء المهلة (رويترز)
كيري (يسار) وفابيوس أقرا بصعوبة التوصل لاتفاق مع إيران قبل انتهاء المهلة (رويترز)

أجواء توتر
من جانبه، اعتبر ممثل روسيا في المفاوضات أن من الصعب جدا التوصل لاتفاق في جو من التوتر الشديد.

ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" للأنباء عن المفاوض الروسي سيرغي ريابكوف أن "الوقت يمر، وتتواصل اللقاءات بجميع الصيغ بلا انقطاع، ربما يتطلب التوصل إلى حلول للمشاكل التي تبرز مع تقدم النقاشات تلقي الوفود تعليمات إضافية وأخذهم الأجواء بعين الاعتبار".

واعتبر أن تفويت اللحظة الحالية في الوصول إلى اتفاق سيشكل "خطأ فادحا تنتج عنه عواقب وخيمة".

وفي ظل هذه الأجواء حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إيران والقوى الكبرى على التحلي بما سماها الليونة والحكمة والتصميم في الجولة الأخيرة من المفاوضات من أجل الوصول إلى نتيجة ناجحة تستجيب لمصالح ومخاوف الجميع. واعتبر أن اتفاقا بشأن القدرات النووية لإيران سيسهم في السلام والأمن العالميين.

وتزامنت المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية مع اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبحث الضمانات المعقودة بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي والقرارات التي أصدرها مجلس الأمن بخصوص الملف النووي الإيراني.

ويجري مفاوضو الدول الكبرى من مجموعة "5+1" مفاوضات مع إيران في فيينا منذ الثلاثاء.

وخلال الاجتماع اعتبر المدير العام للوكالة الذرية يوكيا أمانو أن الوكالة ليست في وضع يسمح لها بتقديم "تأكيدات ذات مصداقية" بأن إيران لا تملك مواد نووية غير معلنة أو تقوم بأنشطة غير معلنة.

وقال أمانو "أدعو إيران لزيادة تعاونها مع الوكالة، ولأن تسمح بالوصول في وقت مناسب لكل المعلومات ذات الصلة والوثائق والمواقع والمواد والأفراد"، مضيفا أن "الوكالة مستعدة لتسريع عملية حسم كل القضايا المهمة".

صالحي أعلن رفض بلاده تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب (الأوروبية-أرشيف)
صالحي أعلن رفض بلاده تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب (الأوروبية-أرشيف)

تعديلات بآراك
من جهته، استبعد كبير المفاوضين الإيرانيين علي أكبر صالحي إجراء تعديلات إضافية على تصميم مفاعل آراك النووي الإيراني الذي يخشى استخدامه لتصنيع قنبلة ذرية، وأعلن أن بلاده ترفض تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب.

وكانت إيران أعلنت إجراء تعديلات على هذا المفاعل الذي يعمل بالمياه الثقيلة ولا يزال قيد الإنشاء من أجل الحد من إنتاج البلوتونيوم، بينما تريد القوى العظمى أن تتخلى إيران عن المشروع بكامله.

ويعتبر مفاعل آراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة -والواقع على بعد 240 كلم جنوب غرب طهران- إحدى نقاط التعثر في المفاوضات النووية مع مجموعة "5+1".

واقترحت الولايات المتحدة تحويله إلى مفاعل يعمل بالمياه الخفيفة، وهو ما رفضته طهران مؤكدة أن هدفه إجراء الأبحاث فقط.

المصدر : الجزيرة + وكالات