مصير الجيش بتعديلات الدستور في مصر
أسامة عبد المقصود
بعد يوم على اجتماع مغلق ضمّ ممثلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المصري المعطل، خرج المتحدث باسم اللجنة أمس الأحد ليعلن عن تشكيل لجنة مصغرة لبحث المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، مما يدفع للتساؤل حول الوضعية التي يبحث عنها الجيش لنفسه بالدستور.
ويحتوى دستور 2012 المعطل على ثمانية مواد خاصة بالقوات المسلحة خرجت بتوافق الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وقتها رغم انسحاب أغلب القوى الليبرالية والعلمانية من الجمعية، لتعود هذه القوى بعد الانقلاب العسكري وتهيمن على تشكيل اللجنة وسط ترقب للتعديلات التي ستجريها على المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، كالمحاكمات العسكرية للمدنيين والكشف عن موازنة الجيش.
إرضاء الجيش
ويرى متابعون أن لجنة الخمسين لن تقدم على أي خطوة في مشروع التعديلات دون رضا القوات المسلحة، نظرا لأنها صانعة الوضع الراهن الذي أتى بأعضاء اللجنة إلى مقاعدهم في مجلس الشورى حيث مقر انعقاد اللجنة.
ويدلل المتابعون على الطاعة الكاملة للقوات المسلحة بالتعديلات التي اقترحتها اللجنة الأولى (لجنة العشرة المكونة من قضاة وخبراء دستوريين)، وسلمتها للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي سلمها بدوره للجنة الخمسين لإقرار التعديلات النهائية.
فقد نصت تعديلات لجنة العشرة للمادة 171 الخاصة بالقوات المسلحة والشرطة على أن يعين وزير الدفاع من بين ضباط الجيش بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المكوّن من قادة الأسلحة والجيوش المختلفة، وهو ما فسر من جانب معارضي الانقلاب على أنه تكريس لوجود الجيش كـ"دولة داخل الدولة"، بينما يقول مؤيدوه إنه يضمن استقلالا للجيش ضد أي محاولة لعزله من جانب رئيس الجمهورية.
أزمة دستورية
من جانبه يقول أستاذ القانون الدستوري جمال جبريل إن التعديل المقترح سيؤدي إلى مشاكل كبيرة، مشيرا إلى أنه في "الأنظمة المختلطة كما الحال في مصر فإن الحكومة التي ستضم وزيرا للدفاع يجب أن تنال ثقة البرلمان، فماذا لو رفض البرلمان وزير الدفاع؟ وفي حال فشل البرلمان قد يعرض ذلك البرلمان للحل".
وحول تشكيل اللجنة المصغرة لمناقشة وضع القوات المسلحة في الدستور، قال جبريل الذي كان عضوا بالجمعية التأسيسية لصياغة دستور 2012، "يبدو أن هناك خلافا داخل لجنة الخمسين بشأن مقترح لجنة العشرة لآلية اختيار وزير الدفاع". وأضاف أنه تحدث مع بعض أعضاء لجنة العشرة حول أسباب وضع التعديل الجديد، ووجد بعضهم يتفهم صعوبة هذا المادة.
واستبعد جبريل في حديثه للجزيرة نت، إجراء أي تعديلات جوهرية على المواد المتعلقة بميزانية الجيش أو محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في القضايا المتعلقة بالقوات المسلحة، لكنه انتقد حالة الغموض المسيطرة على عمل اللجنة وتجاهل وسائل الإعلام لأعمالها، وطغيان النبرة السياسية على تصريحات المتحدث باسم اللجنة بدلا من الحديث في الأمور الفنية.
استخدام صحيح
من جهة ثانية يؤكد خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء طلعت مسلم أن ما تريده القوات المسلحة من الدستور هو ضمان استخدامها بشكل صحيح يحقق لها النمو بما يعود بالفائدة على الوطن بأكمله، مشددا على أن القوات هي ملك للشعب المصري ومن مصلحته الحفاظ عليها.
وحول التعديل المقترح بأن يعين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قال مسلم للجزيرة نت "هذا الإجراء يفعله أي رئيس في العالم لضمان أن الشخص المختار يحظى بثقة أبناء المؤسسة (..) والتحدي أن الوزير يحوز ثقة القوات المسلحة والبرلمان، وذلك ما جرى في أغلب الفترات السابقة في تاريخ البلاد".