قمة الـ20 في بيت بوتين ساحة لمنازلة أوباما

epa03272143 US President Barack Obama (R) gestures while talking with Russian President Vladimir Putin (L) during their meeting at Esperansa hotel prior G20 summit in Los Cabos, Mexico, 18 June 2012. EPA/ALEXEI NIKOLSKY/RIA NOVOSTI/KREMLIN POOL
undefined
علي صبري-الدوحة
 
يتوقع أن تشهد قمة العشرين في سان بطرسبرغ الروسية يومي الخميس والجمعة القادمين اجتماعا ساخنا، دون عقد لقاء مباشر بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما، على خلفية تصاعد الخلاف بين الجانبين، بعد إعلان أوباما نيته توجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد وارتفاع حرارة السياسة الدولية بشأن هذه المسألة.

حرك حجر القصف الكيميائي على ريف دمشق المياه الدولية الراكدة، لتتصدر الأزمة السورية المشهد الدولي بعد أن توارت طويلا خلف مواقف دبلوماسية باردة لا ظلال لها على الأرض السورية.

وجاء القصف الكيميائي بمثابة الخطأ القاتل الذي كان ينتظره الغرب من دمشق، وخاصة واشنطن، للوفاء بتهديد كثيرا ما تردد عن الخط الأحمر الذي رسمه أوباما للرئيس السوري بشار الأسد، وهو استخدام السلاح الكيميائي في الصراع السوري.

لكن الفرصة الذهبية، التي تلقفها أوباما من خطأ النظام السوري كما يدعي، انقلبت إلى مأزق يبحث عن مخرج له منه بعد عجزه عن حشد ما يكفي من التأييد الدولي والمحلي لقراره.

وفي المقابل تنفس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصعداء بعد أن حشره القصف الكيميائي في الزاوية الصعبة وتخوفه من قدرة أوباما على حشد العالم خلفه في توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد. وهو ما استدعى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى القول إن "موسكو لن تدخل الحرب في صف أحد".

ويبدو بوتين اليوم أكثر ارتياحا من خصمه اللدود أوباما، بعد أن فشل الأخير في حشد القوى الحليفة التقليدية في جبهته، وفي مقدمتها بريطانيا التي أفشل مجلس عمومها مساعي رئيس الحكومة ديفد كاميرون للمساهمة في ضرب سوريا عسكريا.

وبعد أن اضطر أوباما إلى تأجيل التحرك العسكري بسبب عدم تأمينه موافقة الكونغرس الأميركي على هذه الخطوة، بمعنى عدم إقناعه الرأي العام الأميركي نفسه بجدوى الخطوة.

ألقى أوباما مسؤولية التدهور في العلاقات مباشرة على الرئيس الروسي، مشيرا إلى تصاعد الخطاب المعادي لأميركا في روسيا منذ عودة بوتين إلى السلطة في مايو/أيار 2012

نفور شخصي
وينتظر بوتين انعقاد قمة العشرين في بيته (روسيا) لفتح ساحة للمصارعة الحرة مع خصمه القادم من واشنطن مشحونا بهمّ الأزمة السورية وجراحه السياسية الكثيرة من هذه الأزمة.

ورغم أن الرجلين لن يعقدا قمة كانت مقررة سابقا قبل إعلان البيت الأبيض إلغاءها إثر منح موسكو اللجوء المؤقت لإدوارد سنودن، فإن البيت الأبيض خالف -كما يقول مختصون- جميع الأعراف الدبلوماسية إذ أكد أنه لن يكون هناك أي لقاء رسمي بين الزعيمين على هامش قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبرغ، مسقط رأس بوتين، يومي الخميس والجمعة القادمين.

وفي حينه ألقى أوباما مسؤولية هذا التدهور في العلاقات مباشرة على الرئيس الروسي، مشيرا إلى "تصاعد الخطاب المعادي لأميركا" في روسيا منذ عودة بوتين إلى السلطة في مايو/أيار 2012.

ورأى في هذه النزعة عودة "لبعض الأنماط القديمة للمواجهة إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا"، مؤكدا في الوقت نفسه أن العلاقات بينه وبين بوتين "ليست علاقات سيئة".

لكن المختص في الشؤون الروسية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأميركي أندرو كوتشينز يرى أن العلاقة ليست كما يصفها أوباما، قائلا "إنها بنظري أسوأ علاقة شخصية في التاريخ بين (رئيسين) أميركي وسوفياتي"، مضيفا "أعتقد حقا أنهما لا يستلطفان بعضهما بعضا على الإطلاق ولا يكن أي منهما احتراما للآخر".

ساحة للمنازلة
يوحي هذا القدر من التوتر بين الرجلين بأن قمة العشرين ستكون ساحة منازلة بين القوتين العظيمتين حول الشأن السوري أكثر منها قمة تعاون وتنسيق مصالح بين دول المجموعة.

يتوقع أن تكون قمة العشرين ساحة منازلة بين القوتين العظيمتين حول الشأن السوري أكثر منها قمة تعاون وتنسيق مصالح بين دول المجموعة

وبخلاف قمة العشرين الماضية في أيرلندا الشمالية في يونيو/حزيران الماضي، التي كان الرئيس الروسي أشبه بالمعزول في محيط لا يتوافق معه سياسيا بشأن سوريا وشبهه أوباما متهكما "كتلميذ يشعر بالملل في آخر الفصل الدراسي"، يتحدث بوتين رئيس جهاز المخابرات السوفياتي الأسبق اليوم بسخرية عن أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام ويصور السياسة العالمية للولايات المتحدة على أنها فاشلة.

ولا يفتأ يردد "نحتاج أن نتذكر ما حدث في العقد الأخير وعدد المرات التي بدأت فيها الولايات المتحدة صراعات مسلحة في مناطق مختلفة من العالم. فهل نجحت في حل مشكلة واحدة؟".

وحرص الرئيس الروسي على أن يبعث برسالة إلى الغرب بأنه مستعد لأن يخوض معركة بشأن سوريا في سان بطرسبرغ، ويراها فرصة لتصوير الولايات المتحدة على أنها الفتى الشرير في المجموعة، حيث قال "بالطبع مجموعة العشرين ليست سلطة قانونية رسمية، وليست بديلا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا يمكنها أن تأخذ قرارات بشأن استخدام القوة لكنها منبر جيد لبحث المشكلة، فلماذا لا نستفيد من ذلك؟".

وبالمقابل لا يزال بوتين معرضا لمواجهة انتقادات في قمة العشرين بشأن ملفات أخرى غير الملف السوري مثل قانون يحظر "الدعاية للشواذ جنسيا"، واتهامات الغرب له بشن حملة على المعارضة لترسيخ سلطته بعد أكبر احتجاجات تشهدها روسيا منذ انتخابه رئيسا عام 2000.

وقد تأسس منتدى مجموعة العشرين عام 1999 بسبب الأزمات المالية في التسعينيات. ويمثل هذا المنتدى ثلثي التجارة في العالم، وأكثر من 90% من الناتج العالمي الخام. وتهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون الدولي، وترسيخ مبدأ الحوار بين الدول ذات الثقل الاقتصادي الكبير.

المصدر : الجزيرة + وكالات