محللون يستبعدون ضغط إيران على مصر
أنس زكي-القاهرة
ذهب سياسيون ومحللون مصريون إلى استبعاد احتمال تعرض القاهرة لضغوط إيرانية تسببت في تغيير موقفها من سوريا، وإن اختلف هؤلاء بشأن ما إذا كان هذا الموقف ما زال على حاله أم شهد تغيرا بدرجة أو أخرى في الفترة الأخيرة.
وكانت صحيفة كويتية قالت إن إيران تمارس ضغوطا على مصر كي تستأنف علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وتتراجع عن موقفها المطالب برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وادعت الصحيفة أن إيران هددت مصر بتسريب تسجيلات تشير إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ساعدت جماعة الإخوان المسلمين أثناء أحداث الثورة المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتلقفت وسائل الإعلام المعارضة للسلطة في مصر هذه الأخبار، وروجت على مدى الأيام الماضية أن الوفد المصري الذي زار طهران مؤخرا تلقى تهديدات بأن على مصر أن تتوقف عن المطالبة برحيل الأسد، وادعت أن الموقف المصري تجاه سوريا تغير بالفعل ومال نحو التركيز على الدعوة إلى حل سلمي للأزمة في سوريا عن طريق الحوار بين الأطراف المختلفة هناك.
لكن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو نفى وجود أي ضغوط إيرانية على مصر، كما نفى وجود أي تغير في الموقف المصري الرسمي تجاه سوريا، وقال إنه لم يتغير منذ بداية الثورة، وإن هذا لا يتعارض مع الموافقة على التفاوض بين المعارضة وممثلي النظام ممن لم تتلوث أيديهم بدماء السوريين.
تخفيض التمثيل
وفيما يتعلق بعودة القائم بالأعمال المصري إلى دمشق مؤخرا، أوضح عمرو أن مصر لم تقرر سحبه كما زعم البعض وكل ما حدث أنه كان في إجازة وعاد إلى عمله، مشيرا إلى أن مصر لم تغلق سفارتها في دمشق وإنما خفضت تمثيلها الدبلوماسي هناك وأعلنت عن ذلك في بيان رسمي صدر في حينه.
وبدوره، نفى السفير مجتبى أماني رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة ما تردد عن ضغوط أو تهديدات إيرانية لمصر من أجل تغيير موقفها تجاه سوريا، وقال إن هذا الخبر مختلق جملة وتفصيلا ولا أساس له من الصحة، معتبرا أنه يستهدف ضرب التعاون المصري الإيراني الذي تصب نتيجته في صالح استقرار المنطقة.
وتحدثت الجزيرة نت إلى السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري سابقا فقال إنه لا يأخذ الادعاءات بشأن ضغوط إيرانية على مصر على محمل الجد، ويعتقد ببساطة أن إيران لا تملك من الأوراق ما تضغط به على مصر سواء فيما يتعلق بالملف السوري أو بغيره.
تغيير نسبي
لكن هريدي قال في الوقت نفسه إنه يلمح تغييرا نسبيا في السياسة المصرية تجاه الأزمة في سوريا لكنه تغيير بدأ قبل أشهر عدة، مدللا على ذلك بأن الرئيس المصري محمد مرسي أكد صراحة في بداية توليه السلطة ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة وعبر عن ذلك حتى خلال زيارته لإيران لحضور قمة دول عدم الانحياز، قبل أن تتجه مصر تدريجيا نحو التركيز على الدفع باتجاه حل سلمي.
ويعتقد هريدي أن ما دفع باتجاه هذا التغير ليس ضغوطا من إيران وغيرها وإنما أسباب عدة بينها ضغوط مؤسسات صنع السياسة في مصر والتي تدفع باتجاه احتفاظ مصر بمواقفها التقليدية التي ترفض التدخل الخارجي في شؤون أي بلد عربي، فضلا عن التدخل العسكري لأن القبول بهذا المبدأ من شأنه أن يسمح بتكراره في بلدان أخرى.
أما السبب الثاني -حسب المحلل الدبلوماسي- فهو تفكك المعارضة السورية وتشرذمها بشكل شوّه صورتها وأظهر ضعفها، في حين يكمن السبب الثالث في طبيعة الوضع على الأرض في سوريا حيث اتضح مع الوقت أن المعارضة غير قادرة على الإطاحة بالنظام الذي ما زال يحتفظ بالعديد من أوراق القوة داخليا وخارجيا.
جدير بالذكر أن الخارجية المصرية كشفت مؤخرا عن تكثيف القاهرة اتصالاتها مع كل من إيران وتركيا والسعودية بهدف إحياء المبادرة التي سبق أن تقدم بها الرئيس مرسي لحل الأزمة السورية، وذلك عبر بلورة طرح يحشد مزيدا من الجهود لوقف العنف وسفك الدماء.