الكردستاني جنح للسلم بسقف أقلّ
منذر القروي
شرع حزب العمال الكردستاني اليوم الأربعاء في سحب مقاتليه من تركيا إلى قواعده الخلفية في شمال العراق بعدما اقتنع بأن الجنوح إلى الحل السياسي سيلبي جزءا كبيرا من مطالب الأكراد الأتراك وفقا لمحللين.
وأكدت مصادر متطابقة بدء الانسحاب الذي يشمل حوالي ألفين من المقاتلين الأكراد الذين كانوا منتشرين في جنوبي شرقي تركيا.
والانسحاب، الذي يفترض أن ينتهي الخريف القادم وفقا للقائد العسكري لحزب العمال مراد قرايلان، هو الخطوة الأولى ضمن خطوات متفق عليها بين الحزب وحكومة رجب طيب أردوغان.
وكان حزب العمال ذو الهوية القومية الكردية والفكر الماركسي اللينيني قد وضع نصب عينيه -حين أطلق شرارة العمل المسلح في مدينة شمندلي جنوبي شرقي تركيا عام 1984- إقامة دولة كردية، لكن قبوله قبل بضعة شهور بتسوية للصراع ضمن تركيا موحدة بدا دليلا على أنه عدل عن غايته تلك.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوجالي التركية د. سمير صالحة إن حزب العمال تراجع تماما عن هدف إقامة دولة كردية.
سقف أقل
وأضاف صالحة في حديث للجزيرة نت أن حزب العمال الكردستاني اقتنع بأن السلاح والإرهاب لن يفضيا إلى أي نتيجة.
وأضاف أن الحزب دخل في عملية تسوية سياسية مع حكومة أردوغان بعدما قرأ تحولا في موقف الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية التي بدأت تتفاوض مع زعيمه المسجون عبد الله أوجلان في أكتوبر/تشرين الماضي.
وتوسط حزب السلام والديمقراطية الكردي في المفاوضات التي كُللت يوم 21 مارس/آذار الماضي بدعوة أوجلان مقاتليه إلى وقف العمل المسلح والانسحاب إلى جبال قنديل في شمال العراق كخطوة أولى نحو اتفاق سلام يضع حدا للصراع الذي تسبب في مقتل نحو 45 ألفا.
وعرض حزب العمال مطالب كثيرة للتوصل لاتفاق نهائي تشمل إصلاحات دستورية تقر بحقوق الأكراد السياسية والقومية، والحق في التدريس بالكردية في جنوبي شرقي تركيا.
لكن الحكومة التركية قد لا تستجيب لمطالب أخرى من بينها إنهاء حبس أوجلان المحكوم عليه بالمؤيد، وفقا لسمير صالحة.
وقال المحلل التركي إن خريطة الطريق المتفق عليها تشمل بالإضافة لانسحاب المقاتلين الأكراد، الإصلاحات الدستورية والسياسية المرتقبة، ثم التطبيع بين الطرفين.
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي التركي إبراهيم آق بابا أن حزب العمال الكردستاني حقق معظم مطالبه رغم أنه نزل بسقفها من الانفصال إلى الإقرار بحقوق الأكراد القومية، ومنها حرية التدريس باللغة الكردية، فضلا عن المساواة مع المواطنين الأتراك الآخرين.
ظرف مواتٍ
وقال آق بابا للجزيرة نت إن حزب العمال انتهز الوضع الإقليمي الراهن بما في ذلك الأحداث الجارية في سوريا لينخرط في العملية التفاوضية مع حكومة حزب العدالة والتنمية.
ولاحظ أن عملية التسوية باتت تحظى بدعم واسع، وبتفهم من بعض الأطراف التي كانت متحفظة عليها، ومنها أمهات الجنود الأتراك الذين قتلوا في الصراع الطويل مع حزب العمال.
ويرى المحلل التركي أن هناك فرصة كبيرة كي يتوصل الطرفان إلى تسوية بشأن التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة والتنمية ويفترض أن تنص على حقوق الأكراد الذين يتراوح عددهم بين 10 و12 مليونا من مجموع سكان تركيا حسب بعض التقديرات.