إسرائيل تستهدف ينابيع المياه

مستوطنون يحيطون بنبع في بلدة دورا جنوب الضفة الغربية
undefined
 
عوض الرجوب-رام الله 
 
لم تتوقف الأطماع الإسرائيلية عند حد السيطرة على المياه الجوفية الفلسطينية، بل تجاوزت ذلك إلى السيطرة على عشرات العيون والينابيع الصغيرة التي يستخدمها الفلسطينيون غالبا للشرب وري المزروعات والماشية.

وحسب مختصين ومنظمات دولية فإن المستوطنين أعاقوا استخدام الفلسطينيين لجميع ينابيع المياه القريبة من المستوطنات في الضفة، وحولوها إلى مناطق جذب سياحي رغم وقوعها في أراض ذات ملكية فلسطينية خاصة.

وتكررت في الآونة الأخيرة ظاهرة اقتحام المستوطنين للمناطق الفلسطينية بهدف الوصول إلى ينابيع المياه، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون تهديدا مباشرا لما تبقى لهم من مصادر الماء.

‪‬ التميمي: سياسة السيطرة على الينابيع بدأت في اليوم التالي لاحتلال الضفة الغربية عام 1967(الجزيرة نت)
‪‬ التميمي: سياسة السيطرة على الينابيع بدأت في اليوم التالي لاحتلال الضفة الغربية عام 1967(الجزيرة نت)

مئات الينابيع
ووفق خبير المياه الفلسطيني المدير العام لجمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين لتطوير مصادر المياه والبيئة عبد الرحمن التميمي، فإن عدد ينابيع المياه الموسمية وغير الموسمية في الأراضي الفلسطينية يبلغ 714 يستخدم منها ما بين 320 و350 فقط.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن المستوطنين يحكِمون سيطرتهم على 27 ينبوعا قريبة من المستوطنات، ويقوم الجيش بتوفير الحماية لهم ويمنع أصحابها الفلسطينيين من الوصول إليها، مشيرا إلى أن الخطر يهدد 25 ينبوعا أخرى قريبة من المستوطنات.

وإضافة إلى مئات الينابيع المنتشر، يشير التميمي إلى وجود 314 بئرا جوفية، يعمل منها 212 بئرا فقط، والبقية معطلة لأسباب فنية، مؤكدا السيطرة الإسرائيلية التامة على هذه الآبار، باستثناء حوالي ثلاثين بئرا تخضع للبلديات الفلسطينية.

وأشار إلى أن سياسة السيطرة على الينابيع بدأت في اليوم التالي لاحتلال الضفة الغربية عام 1967، مبينا أن أمرا عسكريا صدر في الثامن من يونيو/حزيران، أي بعد ثلاثة أيام من احتلال الضفة يقضي باعتبار جميع مصادر المياه تابعة للحكم العسكري وجرى حصرها أوائل السبعينيات وتركيب عدادات خاصة بها.

ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﺩﻓﻘﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻨﺎﺒﻴﻊ تقدر بنحو 26.8 ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﺘﺭ ﻤﻜﻌﺏ سنويا، في حين تقدر كمية ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤأخوذة ﻤﻥ ﺍﻵﺒﺎﺭ ﺍﻟﺠﻭﻓﻴﺔ بحوالي 244 ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﺘﺭ ﻤﻜﻌﺏ.

وكان أحد ينابيع المياه الشرارة التي أطلقت المقاومة الشعبية في بلدة النبي صالح شمال مدينة رام الله بالضفة الغربية قبل عامين، وذلك عندما استولى المستوطنون على بركة مياه يعتمد عليها السكان لأغراض الشرب وري المزروعات، ومنعت قوات الاحتلال السكان الفلسطينيين من استغلال هذه البركة والوصول إلى عشرات الدونمات القريبة منها.

مستوطنو حلميش استولوا على ينبوع كان يسقي قرية النبي صالح شمال رام الله (الجزيرة نت)
مستوطنو حلميش استولوا على ينبوع كان يسقي قرية النبي صالح شمال رام الله (الجزيرة نت)

ضرر شامل
وكان تقرير سابق أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال فبراير/شباط الماضي قد أفاد أن 56 ينبوعا للمياه في الضفة الغربية تقع بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية.

ووفق المنظمة الدولية فإن هذه الينابيع أصبحت مستهدفة من جانب المستوطنين الذين استولوا على ثلاثين ينبوعا في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وبقيت الينابيع الـ26 الأخرى عرضة للخطر.

ووفق التقرير فإن ما لا يقل عن 84% من ينابيع المياه المتضررة من أنشطة المستوطنين تقع في أراضٍ اعترفت الإدارة المدنية الإسرائيلية بأنها مملوكة ملكية خاصة للفلسطينيين، وقد بدأ المستوطنون الإسرائيليون تطوير المنطقة المحيطة بالينابيع إلى منطقة "جذب سياحي" في أكثر من 70% من الينابيع التي تم الاستيلاء عليها.

ويؤكد المكتب الدولي أن الفلسطينيين استخدموا فعليا جميع الينابيع المتضررة من أنشطة المستوطنين للري وسقاية الماشية والاستهلاك المنزلي المحلي، مشيرا إلى عدم قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى عدد من ينابيع المياه في الضفة الغربية.

واعتبر المكتب الممارسات المتبعة في الاستيلاء على ينابيع المياه وتطويرها بما في ذلك التعدي والترويع والسرقة والبناء بدون تصاريح "ممارسات غير قانونية ليس فقط بموجب القانون الدولي، وإنما أيضا بموجب القانون الإسرائيلي", موضحا أن السلطات الإسرائيلية "تقاعست بشكل منهجي عن فرض القانون على مرتكبي هذه الأفعال وتقديم أي علاج فعال للفلسطينيين".

المصدر : الجزيرة