الغوراني من السجن السوري لدعم الثورة

الناشط السوري طارق الغوراني يواصل من تونس دعم الثورة السورية (الجزيرة نت)
undefined
إيمان مهذب-تونس

يحلم الناشط السوري طارق الغوراني بلحظة انتصار الثورة السورية، فعلى الرغم من الألم الجسيم الذي يشعر به نتيجة تعرضه لسنوات من السجن والملاحقة فإنه لم يفقد الأمل يوما في نيل الحرية، فالشعب الذي كسر حاجز الصمت والخوف حتما سينتصر، حسب قوله.

للغوراني قصة تعج بالتفاصيل الدقيقة، فالشاب الذي فرّ إلى تونس بعد خروجه من السجن بسبب تعرضه للملاحقة البوليسية، قضى خمس سنوات في سجون نظام الرئيس السوري بشار الأسد بسبب نشاطه على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، ومناهضته للنظام السوري ومحاولته مع مجموعة من رفاقه نقد تسلط الأسد وتفرده بالحكم.

يروي الغوراني (31 عاما) للجزيرة نت تفاصيل معاناته مع النظام السوري قائلا "البداية كانت سنة 2004 عندما بدأت مع بعض الأصدقاء العمل على إعادة إنتاج المقالات والكتابات المعارضة لنظام الأسد ونشرها على المواقع الإلكترونية ومنتديات الحوار على الإنترنت بصيغة شبابية وساخرة".

نقد السلطة
وأوضح أنه تمكن عبر الإنترنت من نقد السلطة وممارساتها الدكتاتورية حيث كانت "الوسيلة الجديدة التي يمكن للسورين من خلالها التعبير بحرية عما يشعرون به من ظلم وقسوة".

لكن تجربة التعبير بحرية ونقد نظام الأسد لم تدم طويلا، فالبداية كانت بحجب موقع "الدومري السوري" الذي أسسه الغوراني مع عدد من أصدقائه، وحجب موقع "أخوية" الذي تحول من موقع لكنيسة مسيحية بمدينة حمص إلى موقع يجمع كل السوريين، على حد قول الغوراني.

ولم يتوقف الأمر عند الحجب فحسب بل تطور ليصبح ملاحقة، فقد أُلقي القبض على المجموعة الناشطة في هذه المواقع الإلكترونية من قبل المخابرات الجوية، ورغم محاولات التخفي التي قام بها الناشط السوري فإنه تم تفتيش البيت وتكسير كل ما فيه بعداها اقتادوه للتحقيق ثم الإيقاف فالمحاكمة.

ويتذكر الغوراني تلك السنوات التي خضع فيها لأبشع طرق التعذيب، وكان يصمت لبعض الوقت ثم يحاول الاسترسال في سرد الأحداث التي من الصعب اختزالها في عدد من الكلمات، كما يقول للجزيرة نت.

بسبب نشاطاته ومناهضته لنظام الأسد حُكم على الغوراني بالسجن سبع سنوات بتهمة نشر أنباء تمس هيبة الدولة والقيام بأعمال لم تجزها الدولة من خطب ونشرات من شأنها أن تسبب أعمالا عدائية على سوريا

سنوات السجن
وبسبب نشاطه ومناهضته لنظام الأسد حُكم على الغوراني بالسجن سبع سنوات بتهمة "نشر أنباء تمس من هيبة الدولة، والقيام بأعمال لم تجزها الدولة من خطب ونشرات من شأنها أن تسبب أعمالا عدائية على سوريا"، ليجد نفسه معزولا في سجن صدنايا العسكري.

ويسترسل قائلا "كانت ظروف السجن سيئة، وفي تلك السنوات عشت لحظات قاسية، حيث خضعت للعزل مع عدد من المساجين وكنا محرومين حتى من الخروج إلى ساحة السجن، وحتى الماء والكهرباء كان ينقطعان في السجن لأيام"، كما يؤكد الغوراني أنه كان شاهدا على تمرد المساجين عام 2008، وشاهدا -أيضا- على جبروت النظام الذي استخدم الرصاص والقنابل المدمعة والغازات السامة لقمع المساجين الثائرين الذين فقد العشرات منهم حياتهم بسبب ذلك.
 
تضاعف الأمل
لكن اندلاع شرارات الربيع العربي غيرت الكثير وضاعفت الأمل في إمكانية إحداث التغيير، يقول الغوراني "خبر هروب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي واندلاع الثورة في مصر، كان يمنحني الثقة أكثر في أن الثورة في سوريا قادمة لا محالة، وأن الشعب لن يواصل صمته وسينتفض ضد قمع نظام الأسد".

وبعد خروجه من السجن بمقتضى عفو تشريعي على مساجين الرأي والإخوان المسلمين في شهر يونيو/حزيران الماضين في إطار سلسلة الإصلاحات، لم يصمت الغوراني، واستأنف من جديد نشاطه على الإنترنت ويساهم في العمل الإغاثي والحقوقي والإنساني.

"عندما خرجت من السجن كان كل شيء مختلفا، لكنني تمكنت بعد عشرة أيام من التواصل مع أصدقائي القدامى، وبدأنا العمل من جديد حيث كنا نقوم بتقديم المساعدات الغذائية والطبية وجمع أسماء المعتقلين والشهداء، والتواصل مع المنظمات المختصة"، يضيف محدثنا.

ويواصل الغوراني، الذي اضطر للهرب إلى تونس بسبب الملاحقة الأمنية، العمل على دعم الثورة السورية عبر توفير المساعدات المالية وتنظيم بعض المظاهرات الداعمة للثورة، وهو يأمل ككل السوريين أن يسقط نظام الأسد وأن تبنى سوريا من جديد، فـ"النظام الذي قتل شعبه واستباح دماءهم لا يستحق البقاء".

المصدر : الجزيرة