الطحالب.. بقايا القذافي أم تكفير سياسي؟

تعددت الشعارات الرافضة للطحالب
undefined

المختار العبلاوي-طرابلس

إذا أطلق عليك وصف "طحلب" بليبيا فهذا معناه أنك من أتباع نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وإذا لم تكن كذلك فهذا يعني أنك من المتسلقين الذي يركبون الموجة ويتكيفون مع الوضع القائم أيا كان لتحقيق مصلحة شخصية بالضرورة.

بيد أن شيوع المصطلح محليا ما هو إلا تلك الشجرة التي تخفي وراءها غابة من صراعات سياسية لتقاسم السلطة والنفوذ في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير/شباط.

المصطلح في بدايته انتشر بين الليبيين بعد الثورة انتشار النار في الهشيم، وجاء ردا على تسمية أنصار القذافي لمعارضيه بـ"الجرذان".

فكثيرا ما يصل إلى مسامعك وأنت في شوارع طرابلس -تماما كبقية مدن ليبيا- مصطلح "طحلب"، يقولها الأصدقاء فيما بينهم، التلاميذ في المدارس، الموظفون في الإدارات، وحتى التجمعات النسائية.. كلمة حاضرة في الحياة اليومية حيث يوصف هذا أو ذاك بأنه طحلب، وهي تهمة يصعب تبين صحتها.

ويرى مستعملو هذا المصطلح أن أوجه الشبه بين الكلمة ومدلولها الجديد في السياق الليبي يقوم على أساس أن "الطحلب كائن يعيش لنفسه فقط لا غير، يرى مصلحته الخاصة، ويحاول تكييف الواقع لمنافعه الشخصية"، وينطبق ذلك على "أزلام النظام السابق" الذين غيروا الولاء الجماهيري إلى الولاء لليبيا الجديدة، كما يدخل ضمن هذا المصطلح "المطاط" المتسلقون الباحثون عن مصالحهم الشخصية الذين يتغير عندهم الولاء بما تقتضيه الضرورة.

وفي تدقيق الجزيرة نت في مدلول المصطلح، أجابنا المواطن الليبي الناجي الضاوي شكري من مدينة زليطن بأن "الطحالب مازالوا موجودين في المشهد اليومي، وهم معروفون لأنهم ساندوا النظام السابق بشكل من الأشكال"، ذاكرا بالاسم اللجان الشعبية، كما أدخل ضمن سياق المعنى كل "من وقف في وجه ثورة 17 فبراير".

بدوره قال الشاب محمد الترهوني إن هذه التسمية تطلق على أزلام نظام القذافي "الذين امتصوا خيرات الشعب الليبي".

وتابع الترهوني (18 سنة) للجزيرة نت أن الأمر يكون أكثر خطورة عندما يصل "الطحالب" إلى المناصب العليا ويتحكمون في بعض زمام الأمور، وهو ما فصله بالقول "أزلام النظام السابق ما زالوا متغلغلين في كل الوزارات والإدارات، وهم يعيقون عملية بناء ليبيا الجديدة".

المصطلح جاء ردا على تسمية أنصار القذافي معارضيه بالجرذان
المصطلح جاء ردا على تسمية أنصار القذافي معارضيه بالجرذان

"ودعا للطحالب"
هذا الرفض الشعبي "للطحالب" امتد إلى المنتديات الاجتماعية على الإنترنت وبشكل بارز على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حيث أسست صفحات اختصت بفضح هؤلاء ونشر أخبارهم، منها صفحة "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا من الطحالب" و"نعم من أجل إزالة الطحالب من ليبيا" و"طحالب ليبيا".

وبالموازاة مع هذه الصفحات التي تهتم بالموضوع على مستوى ليبيا كلها، ظهرت أخرى محلية الطابع كصفحة "مكافحة الطحالب في بني وليد".

ويبدو أن أهمية الموضوع جعلته يتجه أكثر نحو الفعل التنظيمي حيث أسست "اللجنة العليا لحصر الطحالب/المجلس الوطني"، وأخرى سمت نفسها "وداعا للطحالب" وبلغ عدد المعجبين بها 19 ألفا.

زنقة زنقة
واقتباسا من خطاب القذافي، اختارت مجموعة بلغ عدد المعجبين بها أكثر من 30 ألفا، رصد كل ما يتعلق بالموضوع، وسمت نفسها "ليبيا جديدة، زنقة زنقة بدون طحالب".

غير أن هذا التصنيف المجتمعي (طحلب وغير طحلب) "ظاهرة غير صحية" من وجهة نظر علمية حسب المتخصص في علم الاجتماع السياسي رمضان بن طاهر الذي قال للجزيرة نت إن تداول المصطلح المذكور وغيره هو "تكفير سياسي يهدف لإقصاء الآخر من المشهد".

بن طاهر: شيوع مصطلح "طحلب" "ثقافة غير ديمقراطية تعكس حالة الصراع السياسي القائم بليبيا وأساسه النفط واقتسام الثروة

وفي شرحه لأسباب انتشار هذا المصطلح ذكر أن الأمر لا يقتصر فقط على "طحلب"، فهناك تصنيفات كثيرة أخرى سياسية وقبلية وجهوية، عزاها الأستاذ الجامعي إلى غياب الوعي المجتمعي، وقال "الليبيون لم يعيشوا معنى الوطنية والمواطنة طوال العقود الأربعة الماضية".

تهم جاهزة
ولفت بن طاهر النظر إلى أن شيوع المصطلح "ثقافة غير ديمقراطية تعكس حالة الصراع السياسي القائم بليبيا وأساسه النفط واقتسام الثروة"، حيث يتهم البعض البعض الآخر "بتهم جاهزة وكان من الأولى أن يكون الصراع بين البرامج السياسية".

وفي وصفه للمشهد القائم حاليا قال إن "ليبيا الآن هي جزر منغلقة، وكل مجموعة ترى أن الوطن ملكها الخاص، وتقصي الآخر وتشوهه".

وأضاف أنه "لبناء دولة ديمقراطية لا ينبغي الانطلاق من أن الآخر شر مطلق، فالكل يصيب ويخطئ"، مشددا على أن تحديات المستقبل تفرض تحقيق مصالحة وطنية بين جميع الليبيين.

المصدر : الجزيرة