إهانة العاملات الفلسطينيات بإسرائيل

عمل المرأة داخل الخط الاخضر يكون موسمي وخاصة بالزراعة -الصورة تقريبية لامراة تعمل بالزراعة وهي خاصة بالجزيرة نت1

عمل المرأة داخل الخط الأخضر يكون موسميا وخاصة بالزراعة (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

لم تحرك ساكنا صرخات العاملة الفلسطينية سعاد من مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية وزميلاتها العاملات في مزرعة أورن الإسرائيلية، بعد أن جرفها الجرار الزراعي الذي كانت تعتليه أثناء فلاحتها للأرض لمسافة تزيد على مائة متر.

ورغم هذه الصرخات التي أطلقتها سعاد وزميلاتها إلا أن الجرار لم يتوقف إلا بعد مسافة طويلة، جعلت من سعاد حبيسة الألم والمرض لأيام وأشهر طوال.

كما لم تستطع سعاد أن تتقدم بشكوى إلى رب العمل الإسرائيلي لتعويضها عما لحقها من ضرر ومعاناة، "لأنه سيفصلني من العمل، كما لن يقدم لي العلاج"، مشيرة إلى أنها أُجبرت على العودة لعملها إثر تلك التهديدات.

لكن العاملة سهام أبو شملة من قرية يعبد قضاء جنين لا زالت منقطعة عن العمل منذ عام، بعد قيام رب العمل الإسرائيلي بإجبارها على التنازل عن مستحقاتها وتعويض نهاية خدمتها كي يمنحها تصريح العمل.

ورفضت أبو شملة (44 عاما) -كما قالت للجزيرة نت- تخفيض نسبة أتعابها من 600 دولار عن كل سنة عمل إلى قرابة 150 دولارا فقط.

أما المواطنة تهاني من بلدة ميثلون شمال الضفة فلا زالت طريحة فراش المرض في مستشفى المقاصد بالقدس، منذ أن تعرضت لإصابة عمل أدت لكسر في رقبتها وشلل في يدها.

فقد أصيبت تهاني بينما كانت تقطف ثمار الزيتون قبل عدة أسابيع، فقام صاحب العمل بنقلها في مركبته إلى معبر الجلمة الحدودي بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، ورماها على الأرض وقال لها "اذهبي وعالجي نفسك في بلدك".

وليس هذا إلا جزءا مما تلاقيه العاملات الفلسطينيات داخل إسرائيل، فهن يحرمن من أية إجازات مرضية أو إجازة وضع، "كما يهددن بالفصل من العمل وسحب التصريح" ما لم يوافقن على سياسات العمل التي تحول عادة دون إعطائهن حقوقهن، وتعرضهن لمضايقات أثناء تنقلهن عبر الحواجز والمعابر.

عمال فلسطينيون أثناء عبورهم أحد الممرات
عمال فلسطينيون أثناء عبورهم أحد الممرات

انتهاكات متنوعة
من جهته أكد حسن أبو صلاح مسؤول ملف العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر في الاتحاد العام لنقابات العمال أن المضايقات الإسرائيلية تجاه العاملات أكبر من ذلك، حيث لا يتم تسجيل أيام العمل الحقيقية، ويحرمن من قسيمة الراتب (التلوش)، وتوضع لهن أجرة أقل بكثير من الأجرة الحقيقة في هذه القسيمة "تهربا من دفع الضرائب والتأمين، وبدل نهاية الخدمة".

وأشار أبو صلاح إلى أن الخطر الأكبر هو تعرض العامل الفلسطيني للإصابة، حيث يتم تهديده بالطرد إذا ما تقدم بطلب للتعويض عن إصابته، "وعدم تقديم شكوى على رب العمل يسهم في تماديه ضد العمال".

وتلجأ كثير من الشركات الإسرائيلية لإعلان إفلاسها أو تغيير أسمائها كل حين وآخر دون معرفة العامل، وذلك كطرق من طرق الاحتيال والنصب على العاملين، إضافة لتضييع حقوق هؤلاء العمال بين المحاكم الإسرائيلية.

رغم التصريح
وتواجه العاملات مشكلة تدني أجورهن مقارنة بأجرة العمال، إضافة لمحدودية مجالات العمل أو موسميته، وتعرضهن لعمليات نصب من المقاولين، وهم وسطاء عرب يقومون بنقلهن لمكان العمل.

وبيّن المسؤول العمالي الفلسطيني أنه، وبالرغم من حصول النساء العاملات على تصاريح عمل، إلا أن ذلك لم يمنع المشغلين الإسرائيليين من انتهاك حقوقهن، كأن "يقوم رب العمل بتوقيف سريان التصريح بعد أن يضمن وصولهن لمزرعته أو مصنعه، ويستمررن بالعمل دون أن يعرفن أنهن بلا تصاريح تمكنهن من تحصيل حقوقهن".

ويتجاوز عدد العاملين في إسرائيل ومستوطناتها سبعين ألف عامل وعاملة، منهم 21 ألفا حاصلين على تصاريح عمل رسمية، بينما يعمل الباقي عبر تصاريح مؤقتة خاصة بالتجار، أو عبر التهريب.

ورغم المتابعة القانونية عبر رفع قضايا ضد أرباب العمل الإسرائيليين، إلا أن عدم سماح الاحتلال للعمال بالوصول للمحاكم، وإجراءاتها الطويلة، وسقوط القضايا بالتقادم، والتكلفة العالية لهذه القضايا، يعد من أكثر المشكلات التي تعترضهم لتحصيل حقوقهم، وفق أبو صلاح.

المصدر : الجزيرة