ملفات حقوقية بانتظار حكومة المصالحة
عوض الرجوب-الخليل
يتفق عدد من الحقوقيين الفلسطينيين على مجموعة من الأولويات يرون أن على الحكومة الفلسطينية المقبلة أخذها بعين الاعتبار، لضمان احترام حقوق الإنسان وعدم تكرار الانتهاكات التي سجلت في عهد حكومتي الضفة وغزة خلال السنوات الأخيرة.
وأبرز ما يلفت إليه مختصون تحدثوا للجزيرة نت هو ضرورة إقصاء القضاء عن الولاءات التنظيمية وعقلية المحاصصة، ومحاسبة مرتكبي الجرائم في الفترة الماضية، وتعزيز الدور الرقابي للمجلس التشريعي.
وتتحدث الورقة المصرية المتفق عليها بين الفصائل عن إنهاء جميع الانتهاكات التي نجمت عن الفلتان والانقسام بالطرق الشرعية والقانونية، ووضع الأسس والآليات الكفيلة بمنع تكرارها، وتشكيل لجنة تتضمن وحدات استشارية للمعالجات القضائية، وإعادة الحقوق لأصحابها.
الاعتقال والفصل
وبدوره يطالب مدير مؤسسة الضمير في غزة خليل أبو شمالة بخطوات فعلية نحو تصويب أوضاع حقوق الإنسان التي انتهكت على خلفية المناكفات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة ملف الاعتقال السياسي وتقديم معتقلين لمحاكمات عسكرية.
وفي ظل الحديث عن إنهاء ملف الاعتقال السياسي، تساءل الناشط الحقوقي عن كيفية تعويض المعتقلين قانونيا، معتبرا اعتقالهم والإفراج عنهم اعترافا واضحا وصريحا من قبل السلطات الحاكمة بممارسة الاعتقال السياسي، رغم نفيه مرارا.
ويلفت إلى ملف آخر هو المصالحة الاجتماعية، مشيرا إلى جرائم قتل ارتكبت على خلفية الانقسام الداخلي والاقتتال. وتساءل "من سيعوض أسر الضحايا؟ وكيف ستتم تسوية هذا الملف؟".
وخلص إلى المطالبة بمراجعة "رزمة هائلة من القرارات التي اتخذت فيما يتعلق بإطار السلطة التنفيذية، بما يضمن مصلحة المواطن أولا، ثم مصلحة المجتمع" معربا عن أمله في أن تضع الحكومة الجديدة على سلم أولوياتها ملف حقوق الإنسان "لتعويض المجتمع الفلسطيني عن هذه الحقبة السوداء".
من جهته يقول المحامي ووكيل عدد من المعلمين المفصولين لأسباب سياسية غاندي ربعي إن الأولوية القصوى هي لإنهاء ملف الاحتجاز التعسفي على خلفية سياسية أو نتيجة للانتماء الفصائلي، وإطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين على ذمة هذا الملف ويقدرون بالعشرات حاليا.
ويضيف ربعي الذي يمثل الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان أمام المحاكم الفلسطينية، في قضية المعلمين أن الملف الثاني هو ملف الموظفين المفصولين لذات الأسباب، مطالبا بإنصافهم وإعادتهم فورا إلى العمل "لأنهم دفعوا ثمنا باهظا نتيجة الانقسام".
أما الملف الثالث من وجهة نظره فهو إعادة الاعتبار لعشرات الجمعيات التي تم حل هيئاتها الإدارية القديمة، وإعادتها لما كانت عليه، مشددا على ضرورة أن تضمن الحكومة المقبلة الحريات الأساسية ومنها الحق في التجمع السلمي وإطلاق الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير.
كما شدد على ضرورة تفعيل المجلس التشريعي لممارسة دوره الرقابي على أداء الحكومة فورا، موضحا أن من حق المجلس في أول جلسة له مناقشة جميع المراسيم والقوانين التي صدرت في غيابه.
هيئة انتقالية
أما مدير مؤسسة الحق في رام الله شعوان جبارين فرأى أن من أولويات الحكومة القادمة خدمة الشعب بعيدا عن الاختلاف السياسي، بمأسسة احترام حقوق الإنسان وضمان عدم العودة إلى الانتهاكات.
ويضيف أن العدالة الانتقالية واجبة للأخذ بها في المرحلة القادمة ما بين الحكومة والفصائل والقوى، مطالبا بالتوافق على تشكيل هيئة وطنية ذات كفاءة ومستقلة كهيئة للعدالة الانتقالية تنصف الضحايا من جميع الأطراف.
ويشدد على ضرورة الاعتراف بكافة الجرائم التي ارتكبت بحق الضحايا وتعويضهم عنها من جهة، وعدم وضع المسؤولين عن جرائم خطيرة من قتل وتعذيب في مناصب حكومية وغيرها، منبها إلى ضرورة إبعاد القضاء عن عقلية المحاصصة، وإبقائه مستقلا وبعيدا عن الخلافات السياسية.
أما عن حقوق المتضررين من الانقسام وخاصة التعذيب، فيؤكد جبارين ضرورة المحاسبة "إذا كان هناك نية لبناء مرحلة قادمة جديدة، والاستفادة من درس الانقسام والانتهاكات السابقة والحيلولة دون حدوث عمليات انتقام وثأر من الضحايا".
وأشار إلى ضرورة ملاحقة الأشخاص المسؤولين عن التعذيب والمحرضين عليه والساكتين عنه لضمان عدم تكراره "لأنه بدون هذه الخطوات يظل الباب مفتوحا للعودة إليها في ظل أي انتكاسة مستقبلية".