مقاطعة الإخوان للانتخابات.. واستقرار الأردن

سيدي محمود الهلال

أثار الإصلاح الدستوري الأخير في الأردن ردودا كثيرة معارضة كان آخرها إعلان جبهة العمل الإسلامي وحزب الوحدة الشعبية تعليق مشاركتهما في الانتخابات البلدية القادمة.

وقد ربط حزب الوحدة الشعبية تعليق مشاركته في بيان له "بتحديد موعد الانتخابات البلدية في نهاية العام في ظل تعثر عملية الإصلاح، وعدم الاستجابة للمطالب الشعبية، وانتهاج سياسة المشاغلة وتقطيع الوقت، دون التقدم ولو خطوة واحدة على طريق الإصلاح والتغيير".

وتثير مقاطعة ثقل سياسي كجبهة العمل الإسلامي، وسط حراك شعبي يواصل إصراره على الإصلاح، في مناخ عربي عام من التغيير، تساؤلا عن مدى تأثير خطوة المقاطعة على الوضع في الأردن.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عمر كلاب في برنامج ما وراء الخبر الذي عرض على قناة الجزيرة الاثنين، أن مقاطعة الإخوان وجبهة العمل الإسلامي عموما لا تعني الكثير بالنسبة للشعب الأردني، لأنها ربما لا تكون سوى تحرك "لتحسين شروطهم أمام الحكومة".

تكرار المقاطعات وتعليق المشاركات في الانتخابات أفقد الجماعات الإسلامية جزءا كبيرا من حجمها وثقلها في الشارع

خسارة انتخابية
وذهب إلى أن "تكرار المقاطعات وتعليق المشاركات في الانتخابات أفقد الجماعات الإسلامية جزءا كبيرا من حجمها وثقلها في الشارع"، واتهم الإخوان بأنهم سرعان ما ينقلبون إلى حلف مع الدولة، منقلبين على شركائهم.

وأوضح أن الحركة الإسلامية ستكون الخاسرة في مقاطعة "انتخابات نزيهة وشفافة، مستندا ربما إلى ما قالته الحكومة من أن هيئة مستقلة بإشراف قضائي ستشرف على الانتخابات البلدية، ومن أن كافة الضمانات متوفرة لانتخابات نزيهة وحرة دون أي تدخل.

وعلق الكاتب على تعليق المشاركة قائلا "لا أدري هل هذا القرار سينسحب على الانتخابات النيابية أم أنه سيكون مجرد إلقاء أوراق جديدة أمام الدولة الأردنية للاستجابة إلى مطالبهم".

ولكن الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة، رأى خلافا لعمر كلاب أن تعليق المشاركة أقرب إلى المقاطعة، ولكن الحركة في رأيه "تركت الباب مواربا حتى تفتح المجال للنظام كي يتخذ قرارات تعيد ضبط المشهد".

ورفض عياصرة أن تكون الحركة الإسلامية قد تراجع حجمها أو دورها في الشارع الأردني، مستدلا على قدرتها على الحشد بالمظاهرات الأخيرة.

ولم يتقبل عياصرة أن تعليق المشاركة مجرد مناورة، بل رأى أنه مرتبط بمشروع الحركة الإصلاحي، وإصرارها على مجموعة من المطالب تتعلق بالإصلاح، وإصلاح الدستور بصورة خاصة.

وإذا كانت مطالب الحركة الإسلامية تبدو لبعض السياسيين غير واقعية وتعجيزية فإن عياصرة يرى أن الحركة في ذلك "تنسجم مع الحراكات الشعبية المنتشرة في الأردن والتي قد تكون مقاطعة للانتخابات البلدية والتي قد يوصل تجاهلها وإهمالها إلى مجهول".

عياصرة: تعدي السلطات على المواطنين أدى إلى تغييرات بنيوية في الحراكات لا بد أن يعيها الجميع، حتى لا تنفلت الأمور ونسير إلى المجهول

خوف من المجهول
وحذر عياصرة من المجهول الذي ينتظر الأردن إذا تواصل تعدي السلطات على المواطنين، مستشهدا بما حدث مع ليث شبيلات، عندما اعتدى الأمن على تجمع كان يحضر محاضرة سيلقيها.

وأضاف "تعدي السلطات على المواطنين أدى إلى تغييرات بنيوية في الحراكات لا بد أن يعيها الجميع، حتى لا تنفلت الأمور ونسير إلى المجهول".

وقال عياصرة "من هنا لا بد من ترك اللغة التي تقول يجوز ولا يجوز وأن ننظر إلى الواقع.. الشعب الأردني يريد إعادة إنتاج علاقته مع الملك ومع السلطات، وندعو الملك إلى أن يحاور الشعب وأن يحاور هذه الحراكات".

ولكن عمر كلاب رأى في الموضوع بعض التطاول على ما سماه الثوابت الأردنية (الوحدة الوطنية والأمن الأردني والملك) وطالب المعارضة بضبط مواقيتها على "مواقيت الأردن لا على الساعة الإقليمية".

واستغرب القول إنه لا تغيير وقال "كيف يقال إنه لا تغيير وهناك إصلاح دستوري بالكامل وهيكلة في قطاع الرواتب وتحويل 35 قضية إلى الفساد".

وتحدى أن يوجد ملك عربي يحاور شعبه كما يفعل ملك الأردن، معترفا بأن الأزمة هي أن "الحكومة تسير ببطء أكبر مما هو مأمول ومتوقع حسب الإيقاع الملكي. الملك يسرع الخطى".

واتهم الشارع الأردني بأن "إيقاعه المتسارع مع إيقاع الشارع العربي يبدو أنه اختلط عليه الساسي والمطلبي".

وأعرب عن امتعاضه من رؤية أحزاب سياسية "تحاول أن تستثمر في أوجاع الناس الصادقة كما تعبر حركة الإخوان المسلمين".

المصدر : الجزيرة