دعوة للتحقيق بسرقة أعضاء فلسطيني
24/12/2009
ميرفت صادق-رام الله
قبل خمسة أعوام عاشت عائلة الشهيد صلاح فضيل أبو عيطة من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، مأساة فقدان ابنها الذي استشهد بعد أن اختطفته قوة إسرائيلية لساعات، ثم سلمته "جثة مليئة بالفجوات وبرصاصة قاتلة في القلب".
وبعد تكشف التقارير والاعترافات الإسرائيلية الرسمية، الصادرة عن رئيس معهد الطب الشرعي وعن القائم بأعمال وزير الصحة الإسرائيلي وغيرهم، والتي تؤكد وقوع عمليات انتزاع لأعضاء من جثث شهداء فلسطينيين، دون علم ذويهم، قررت عائلة أبو عيطة نشر شكوكها بشأن تعرض جثمان ابنها للسرقة يوم استشهاده، مطالبة بالتحقيق.
وكما تقول الأم، كان صلاح قد أصيب لدى عودته من مدرسته ظهر 28 أكتوبر/تشرين أول عام 2004، برصاصتين في قدميه وشظية رصاصة في خاصرته دون أن تخترقها، حيث كان المخيم يشهد اشتباكات مع جيش الاحتلال.
وحسب شهادة مسعفي الإغاثة الطبية الفلسطينية، فإن "صلاح" أصيب بصورة متوسطة لكنه لم يفقد الوعي ولم يدخل مرحلة الخطورة، حيث تلقى الإسعاف الأولي في سيارة الإسعاف إلى أن هاجمتها قوة عسكرية إسرائيلية وقامت باختطافه، بعد أن ألقته على الشارع لمدة عشرين دقيقة.
وكان طاقم الإسعاف قد أكد للعائلة أن ابنها نقل وهو في حالة "مستقرة" ولم يفقد وعيه حتى لحظة اختطافه عبر سيارة إسعاف إسرائيلية إلى مستشفى "العفولة" الإسرائيلية، دون أن يكون هناك داعٍ لذلك.
وتروي الأم للجزيرة نت، أن حالة قلق واستغراب سادت العائلة والحي بسبب عملية خطفه، لأن صلاح لا يزال طالبا في المدرسة ولم يكن مطلوبا للاحتلال وليس منخرطا في أنشطة المقاومة.
وبعد نحو خمس ساعات من اختطافه، تلقت العائلة اتصالا بأن ولدها توفي دون إبداء أسباب، وطلب منها التنسيق للحصول على جثمانه.
إعدام وفجوات غريبة
لكن طاقم الإسعاف الذي سجل حالة صلاح وقت إصابته، صُدم عندما لاحظ أن الشهيد مصاب برصاصة موجهة من مكان قريب إلى القلب مباشرة وكانت سببا في وفاته.
وأكد التقرير الأولي للإصابة أن الشهيد لم يتعرض لهذه الرصاصة قبل اختطافه مما يعني أنه تعرض للإعدام بعد أن خطفه الجنود.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الطاقم الطبي والوالد أيضا وجود فجوة كبيرة "ويمكن ليد كاملة أن تدخل عبرها" في خاصرة الشهيد اليسرى، وهي أيضا لم تكن موجودة قبل اختطافه، بالإضافة إلى فتحات متفرقة في أنحاء جسده.
ومنذ ذلك الحين، دارت شكوك حول إمكانية سرقة أعضاء من جثمان الشهيد أبو عيطة خاصة أنه تعرض للإعدام بعد اختطافه، وكانت عملية نقله غير ضرورية نظرا لإصابته المستقرة.
وتعززت شكوك العائلة بعد أن توجهت إليها العديد من منظمات حقوق الإنسان من أجل إقناعها بقبول مبدأ تشريح الجثة بعد استخراجها من القبر، إلا أن الوالدين رفضا ذلك بشدة.
وتُعِد لجنة فلسطينية حكومية حاليا الأدلة القانونية عن حالات موثقة تثبت تورط الإسرائيليين في سرقة أعضاء لشهداء، تمهيدا لرفعها عبر جامعة الدول العربية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ضمن حملة لتجريم الاحتلال على تلك الأفعال التي يحرمها القانون الدولي واتفاقيات جنيف.
وقال وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع إن هناك قضايا عديدة ترتبط بهذه الجرائم، منها قيام جنود الاحتلال بإعدام أسرى فلسطينيين بعد اعتقالهم واحتجاز جثامينهم للتهرب من مسؤولية إعدامهم خارج القانون.
ودعا قراقع إلى تحويل ملف سرقة أعضاء الشهداء والمفقودين والمحتجزة جثامينهم إلى قضية سياسية تطرح على طاولة المفاوضات في حال استئنافها.
وأوضح قراقع للجزيرة نت أن ظاهرة جديدة أيضا باتت تتكشف بعد تسجيل عدة حالات موت فجائي لأسرى محررين أو إصابة بأمراض خبيثة في مراحلها المتأخرة، وهذا يترافق مع اعترافات إسرائيلية بإخضاع الأسرى لتجارب طبية بواسطة شركات أدوية خاصة.
302 جثة مجهولة
وكشف منسق اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والمفقودين سالم خلة أن مؤسسته رصدت حتى نهاية عام 2009 عدد 302 حالة لجثامين شهداء مجهولة المصير ومحتجزة في "مقابر الأرقام" الإسرائيلية، ويرفض الاحتلال الإفراج عنها.
وقال خلة للجزيرة نت، إن معظم عائلات الشهداء تبدي اليوم مخاوف من تعرض جثامين أبنائها لسرقة أعضائها، خاصة أن الاحتلال لم يسمح لأي منهم برؤية جثثهم أو فحصها طبيا.
المصدر : الجزيرة