فلسطين 2005.. انسحاب وانتخابات وهدنة انتهت صلاحيتها



 ماجد أبو دياك

بدأ عام 2005 فلسطينيا بـ انتخابات رئاسية في 9 يناير/كانون الأول قاطعتها المعارضة وأسفرت عن انتخاب محمود عباس (أبومازن) رئيسا للسلطة الفلسطينية خلفا للراحل ياسر عرفات، وهو ما أنعش الآمال بإمكانية إعادة عملية التسوية السياسية إلى سكتها بعد أن تذرعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة أرييل شارون بمواقف عرفات لتعطيلها.

وكانت الأولوية الأولى التي عمل عليها الرئيس الفلسطيني الجديد هي ترتيب هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإتاحة الفرصة لتطبيق خطة خارطة الطريق التي تشترط وقفا متبادلا لما تسميه العنف بين الطرفين كشرط لاستئناف المفاوضات بينهما.


هدنة ومقاومة
وتمكن الرئيس الفلسطيني من انتزاع تهدئة تلتزم بها فصائل المقاومة -وعلى الأخص حماس والجهاد وكتائب الأقصى- مقابل حصوله على تعهدات من الطرف الإسرائيلي بوقف الاعتداءات على الفلسطينيين وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وفي قمة شرم الشيخ التي جمعته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في 8 فبراير/شباط، تم التوصل إلى اتفاق تهدئة، إلا أن شارون ربطها بوقف الهجمات الفلسطينية وقيام السلطة بتفكيك المنظمات الفلسطينية، كما تمسك بالإفراج عن 900 أسير فلسطيني فقط على دفعتين من أصل أكثر من 7000 رافضا الإفراج عن أي فلسطيني ثبت قيامه بقتل أو جرح إسرائيلي.

ولكن إسرائيل ما لبثت أن خرقت تعهداتها بعد يوم واحد فقط من القمة حينما قتلت قواتها ناشطا فلسطينيا بغزة، وواصلت فيما بعد استهداف نشطاء المقاومة بمن فيهم قيادات رئيسية في كل من حماس والجهاد وكتائب الأقصى. كما أنها تمسكت بموقفها من إطلاق سراح الأسرى.

وردت المقاومة على عمليات الاغتيال الإسرائيلية بقصف المستوطنات الإسرائيلية، كما نفذت حركة الجهاد ثلاث عمليات فدائية أسفرت عن مقتل عدد من الإسرائيليين.

ورغم إصرار إسرائيل على تفكيك ما أسمته البنى التحتية للإرهاب، فإن محمود عباس رفض بإصرار الاستجابة لهذه المطالب مفضلا استمرار الحوار مع فصائل المقاومة لنزع سلاحها سلميا.

وفي ضوء استمرار التصعيد الإسرائيلي أعلنت قوى المقاومة وفي مقدمتها حماس عدم رغبتها في تجديد التهدئة التي تنتهي بنهاية عام 2005.


الانسحاب والسلام
وفي إطار سعي شارون لفرض الحل من طرف واحد من خلال خطة الفصل الأحادية الجانب التي أعلن عنها العام الماضي أعطى مجلس الوزراء الإسرائيلي في 20 فبراير/ شباط الماضي الضوء الأخضر لتنفيذ خطة شارون والبدء في الانسحاب من قطاع غزة وتعديل مسار الجدار الفاصل ليكون أقرب للخط الأخضر في بعض المناطق.

واستكملت قوات الاحتلال في 22 أغسطس/ آب الماضي عملية الانسحاب التي بدأتها في26 يونيو/حزيران وسط معارضة قوية من المستوطنين.

وأدى ذلك إلى استقالة وزير المالية بنيامين نتنياهو الذي ترأس حزب الليكود فيما بعد بعد انسحاب شارون منه وتشكيل حزب جديد أطلق عليه اسم كاديما "إلى الأمام".

واستتبع الانسحاب افتتاح معبر رفح بوساطة أميركية وبشروط إسرائيلية مشددة ورقابة أوروبية بعد قرابة ثلاثة أشهر لتسهيل حركة الفلسطينيين من قطاع غزة وإليه. إلا أن إسرائيل لا تزال تعطل افتتاح المعبر الآمن بين الضفة والقطاع.

وفي تطور لاحق أعلنت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا عن إقامة منطقة عازلة شمالي القطاع متذرعة بمنع الفلسطينيين من إطلاق صواريخ على إسرائيل انطلاقا من تلك المنطقة.

ورغم تسليم إسرائيل مدينة أريحا وطولكرم على التوالي إلى السلطة الفلسطينية، فإنها تمسكت بالسيادة على الضفة والسيطرة على القدس ورفضت تفكيك المستوطنات الرئيسية رغم أنها فككت أربع مستوطنات صغيرة ومعزولة بشمال الضفة.

ولم يتمكن الرئيس الفلسطيني الذي التقى بنظيره الأميركي جورج بوش في واشنطن من الحصول على تعهد أميركي لحل القضية قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2009.

وقال بوش إنه يعتقد أن وجود دولتين ديمقراطيتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام أمر ممكن دون أن يتعهد بآليات لإجبار إسرائيل على قبول هذا الحل.

انتخابات وخلافات فلسطينية
وفي إطار سعي الفلسطينيين لإدارة شؤونهم الداخلية في ظل الاحتلال الجاثم على صدورهم نظمت السلطة الفلسطينية ثلاث جولات من الانتخابات البلدية في الضفة والقطاع إضافة إلى الجولة الأولى التي جرت نهاية عام 2004.

وتمكنت حماس من تحقيق نجاحات كبيرة في هذه الانتخابات خصوصا في الجولة الرابعة التي جرت في مدن رئيسية بالضفة إضافة إلى مناطق بقطاع غزة.

وترافق ذلك مع تنامي الخلافات والصراعات داخل فتح -أكبر تنظيم في منظمة التحرير الفلسطينية- تجسدت في نزول قائمتين للحركة لخوض الانتخابات التشريعية في 25 يناير/كانون الثاني قبل أن تعود الحركة لتوحيد القائمتين تحت وطأة تخوفات كبيرة من سيطرة حماس على المجلس التشريعي حسبما أشارت استطلاعات للرأي أجريت مؤخرا.

ومع أن إسرائيل شجعت الانتخابات التشريعية فإنها رفضت مشاركة حماس فيها بسبب تمسك الحركة بالمقاومة، ولقي موقف إسرائيل دعما من الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن السلطة الفلسطينية رفضته.

وداخليا شهدت الساحة الفلسطينية خلافات وصلت إلى حد التصفيات التي كان أبرزها اغتيال اللواء موسى عرفات المستشار العسكري للرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطيني.

ومع ذلك حافظت الساحة الفلسطينية على تماسكها الداخلي، رغم حدوث مواجهات بين قوات الشرطة الفلسطينية وعناصر من حركة حماس في أكثر من حادث.
ـــــــــــــ
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة