شعار قسم ميدان

«التوتر.. كابوس العصر الحديث» فكيف تعيش بعيدًا عن تبعاته؟

ميدان- التوتر
يتجلى التوتر في الاختلال الوظيفي الجسدي، أو النفسي، أو الاجتماعي مؤديا لشعور الفرد بالعجز عن سد الفجوة مع متطلباته. (بيكساباي)

يتجلى التوتر في الاختلال الوظيفي الجسدي، أو النفسي، أو الاجتماعي الذي يؤدي إلى شعور الفرد بالعجز عن سد الفجوة مع المتطلبات أو الآمال المُعلقة عليه. فأي شيء يُمثل تحديًا أو تهديدًا لرفاهية الفرد يُعتبر مجهدًا وسببًا للتوتر. فأوضحت إحدى الدراسات التي تمت بواسطة شركة بحوث التسويق المتخصصة في البحث الكمي "OnePoll" على 2000 شخص بالغ في بريطانيا، أن الشخص قد يشعر بالتوتر والإجهاد ما يعادل الـ 5 سنوات ونصف في المتوسط طوال حياته.  

 

وكشفت الدراسة أن معدلات التوتر تبلغ ذروتها عند سن الـ 36، كما أكدت على أن أسباب التوتر متعددة ومختلفة، قد يكون الإجهاد بسبب العمل، أو التعرض للمشاكل المالية، أو التأخر على ميعاد محدد. قد يكون ذلك التوتر بسبب الازدحام المروري، أو عدم إنجاز بعض المهام في وقتها المحدد، أو حتى زيادة الوزن، واضطراب العلاقات الاجتماعية.

 

العلاقة بين الإجهاد والإصابة بالمرض
undefined

وفقًا لدراسة أخري تمت في قسم الطب النفسي، بكلية العلوم الطبية، في جامعة العلوم الماليزية، فإن العلاقة بين التوتر والمرض معقدة، والتعرض للتوتر يختلف تأثيره من شخص إلى أخر.  فيعتبر التأثر الوراثي، ونوع الشخصية، والدعم الاجتماعي من بين العوامل التي تؤثر على قابلية تعرض الفرد للإجهاد والتوتر. فليس لكل أنواع الاجهاد نفس التأثير السلبي، حيث أظهرت الدراسات أن الاجهاد على المدي القصير قد يعزز الجهاز المناعي. بينما يمكن التأثير السلبي في التوتر المزمن طويل المدي، الذي يؤثر بالسلب على جهاز المناعة مما يؤدي إلى المرض في نهاية المطاف.

 

حيث يعمل التوتر على زيادة هرمونات «الكاتيكولامين» مثل الدوبامين والأدرينالين، وقمع مستويات الخلايا التائية التي تعمل بدورها على تثبيط جهاز المناعة. وبالتالي يعمل هذا القمع على زيادة مخاطر الإصابة بالعدوي الفيروسية. كما يحفز التوتر الجسم على إفراز الهيستامين الذي قد يؤدي إلى ضيق حاد في الشعب الهوائية لدي مرضي الربو. بالإضافة إلى أن الإجهاد النفسي يعمل على تغيير احتياجات الجسم للأنسولين مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، خاصة عند الأشخاص من ذوي الوزن الزائد.

 

كما أكدت الدراسة أيضًا على أن العلاقة بين الحياة المُجهدة والتعرض للإصابة بالمرض النفسي قوية جدًا. فشعور الفرد بالتوتر المزمن يؤدي بالتبعية إلى الإصابة بالأمراض النفسية، كالاضطرابات العصبية، والاكتئاب، وانفصام الشخصية.  [1]

 

علامات تدل على زيادة معدلات التوتر
يعتبر زيادة معدل ضربات القلب وسرعة الغضب من العلامات الدالة على زيادة معدلات التوتر.
يعتبر زيادة معدل ضربات القلب وسرعة الغضب من العلامات الدالة على زيادة معدلات التوتر.

يعتبر زيادة معدل ضربات القلب وسرعة الغضب من العلامات الدالة على زيادة معدلات التوتر، فعند تعرض الجسم إلى التوتر يقوم بتوجيه كافة طاقته لمواجهة التهديدات المسببة لذلك التوتر، فيزداد معدل إفرازا هرمون الأدرينالين والكورتيزول مما يؤدي على زيادة معدل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى تعزيز نسبة الجلوكوز في الدم.

 

 فقد يؤدي التوتر إلى الشعور بالحموضة وألام المعدة التي قد تؤدي إلى الغثيان. كما قد يؤدي إلى زيادة الحساسية، وكثرة التعرض إلى نزلات البرد والالتهابات، مما يسبب صعوبة التنفس وألام الصدر. فيعتبر الصداع المتكرر وألام الظهر والرقبة، والفك والأسنان، والتشنجات العضلية من أكثر دلائل التوتر شيوعًا، فتستجيب العضلات للتوتر عن طريق زيادة الانقباض والتشنج مما يؤدي إلى الصداع والدوخة والألآم العضلية المختلفة. [2]

 

فيؤدي التوتر إلى النسيان وفقدان التركيز، بالإضافة إلى القلق الزائد والشعور بالذنب، وبالتالي الإحباط والعدوانية وتقلب المزاج. وبالطبع لا يقتصر تأثير التوتر والإجهاد عند هذا الحد، فالتعرض للتوتر يؤدي إلى الأرق، والصعوبة في اتخاذ القرارات المصيرية، وعدم الاهتمام بالمظهر أو الالتزام بالمواعيد، وبالتالي الانسحاب الاجتماعي والانعزال ثم الشعور بالوحدة. كما يدفع التوتر الفرد إلى المبالغة في ردود الأفعال، واللجوء إلى سلوك تدمير الذات كزيادة التدخين أو تعاطي المخدرات والكحول، أو حتى التفكير في الانتحار. [3]

 

إذًا.. كيف يمكن السيطرة على التوتر؟
undefined

يمكن السيطرة على التوتر الذي يتعرض له الفرد من خلال اتباع عدة خطوات أساسية مثل؛ [4]

– التعرف على مسببات التوتر والتعامل معها 

الخطوة الأساسية في السيطرة الفعالة على التوتر تكمن في تحديد كل شخص للضغوطات التي يتعرض لها، والأسباب المؤدية إلى التوتر. ثم اتخاذ خطوات لتجنبها أو الحد منها عن طريق بناء عادات جديدة أو اتباع نمط حياة صحي.

 

– ممارسة بعض التمرينات الرياضية 

تلعب الرياضة دورًا فعالًا في السيطرة على التوتر والإجهاد، فممارسة الرياضة تعمل على تعزيز الصحة الجسدية، والعقلية، والنفسية عن طريق تعزيز إفراز هرمون الإندروفين الذي يعمل على تخفيف الألآم والحد من التوتر، وإكساب الجسم الشعور بالراحة والتحسن.  فليس من الضروري الالتزام بتمارين رياضية شاقة تستغرق الكثير من الوقت، فقط تكفي 20 دقيقة من ممارسة رياضة المشي أو الجري، أو السباحة.[5]

حيث أثبتت احدى الدراسات التي تمت في قسم علم الأدوية ووظائف الأعضاء بمعهد كارولينسكا بالسويد، أن ممارسة الرياضة البدنية يمكن أن تحمي الأفراد من الاكتئاب الناجم عن التوتر، بالإضافة إلى إعادة تنظيم أنشطة الدماغ، وبالتالي جعل العقل أكثر قدرة على التكيف مع التوتر والإجهاد.

 

– تنظيم وإدارة الوقت 

يعتبر عدم تنظيم الوقت من الأسباب الرئيسية لحدوث الإجهاد، فعدم الإدارة الفعالة للوقت تؤدي إلى زيادة التحديات، وتراكم المهام والمسؤوليات المختلفة وبالتالي عدم القدرة على التعامل معها بشكل سليم، مما يساهم في زيادة مستويات التوتر. وبالتالي يكمن الحل في تنظيم وإدارة الوقت بصورة أكثر فاعلية. 4

 

– النوم بشكل كافي 

يرتبط النوم ارتباطًا وثيقًا بالتوتر، فقلة النوم يؤدي بالتبعية إلى الشعور بالتعب والإرهاق مما يؤدي إلى زيادة معدلات التوتر. بينما عندما يحصل الجسم على كفايته من النوم يصبح أكثر نشاطًا مما يخفف عبء التحديات التي يتعرض لها الفرد، وبالتالي خفض معدلات التوتر والإجهاد. 5

 

– اتباع نظام غذائي صحي 

يؤثر الطعام الذي نتناوله بشكل مباشر على حياتنا، فالتغذية غير الصحيحة تؤدي إلى إصابة الجسم بالإرهاق والخمول، وبالتالي زيادة معدلات التوتر والإجهاد. بينما النظام الغذائي الصحي يعمل على تعزيز مستويات الطاقة، والحفاظ على جسم صحي، وبالتالي مد الجسم بالقدرة على مواجهة الاجهاد. كما تعمل بعض الأطعمة على تعزيز الصحة العقلية والنفسية وبالتالي الحد من معدلات التوتر. 4

 

– تَنفس بعمق وتواصل مع الأخرين 

تنظيم عملية التنفس تؤدي بشكل مباشر إلى الاسترخاء وبالتالي خفض معدلات التوتر. كما يعمل التواصل الاجتماعي مع الأخرين كوسيلة فعالة ضد الهروب من التوتر واللجوء إلى سلوكيات تدمير الذات الخاطئة، وبالتالي التحدث مع الأصدقاء قد يجدي نفعًا ويؤدي إلى الحد من الضغوطات وخفض معدلات التوتر والإجهاد. [6]


المصدر : الجزيرة