ظاهرة بيع الكلى في أفغانستان.. لماذا تزدهر الآن؟

بسبب الوضع المعيشي نشط سوق بيع الكلى في ولاية هرات مقارنة بالولايات الأخرى (الجزيرة)

ولاية هرات- وفق القانون في أفغانستان فإن الأقارب فقط هم من يمكنهم التبرع بأعضائهم للمريض أو للأغراض الإنسانية، ولكن منذ 6 أشهر توجه كثير من أهالي الولايات الغربية إلى المستشفيات لعرض بيع الكلى مقابل الأموال لكل من يحتاجونها.

وبسبب الوضع المعيشي والتحذيرات المالية على الحكومة الأفغانية الجديدة، نشط سوق بيع الكلى في ولاية هرات مقارنة بالولايات الأخرى في أفغانستان.

وعلمت الجزيرة نت أثناء إجراء المقابلات مع عدد من الذين قاموا ببيع الكلى أن أكثر من 200 عملية زرع كلى تمت في ولاية هرات غربي أفغانستان في العام الماضي 2021.

ووفق مصادر رسمية في ولاية هرات يتراوح سعر كلية واحدة بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار أميركي، ومن المتوقع أن ينفق كل مريض نحو 10 آلاف دولار على عملية زرع الكلية ونفقة العلاج.

الكلى مقابل المال

يحيى خان، شاب أفغاني (38 عاما) مثل غيره من أبناء قريته (تشهارشنبه) والتي تقع قرب مدينة هرات، قرر بيع كليته لتحسين وضعه الاقتصادي، ويقول للجزيرة نت "في قريتي باع نحو 70 شخصا الكلى، وأنا بعد أكثر من 3 سنوات وتحمل معاناة البطالة واستشارة الأصدقاء قررت بيع كليتي مقابل 2300 دولار، لكن الأطباء لم يخبروني عن تداعيات بيعها، والآن أعاني من سوء الوضع الصحي، ولست قادرا على الوقوف والمشي بسبب الألم الشديد".

عنوان الصورة غير واضح: إما عبدالجليل عطائي باع كليته مقابل 2300 دولار أمريكي أو يحيى خان باع كليته وتحدث إلى الجزيرة نت المصدر: الجزيرة
سعر الكلية في ولاية هرات يتراوح بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار أميركي (الجزيرة)

تأسيس أول مركز لزراعة الكلى

وبسبب إقبال الناس على بيع الكلى تم تأسيس أول مركز ومستشفى لزراعة الكلى عام 2016 في ولاية هرات غربي أفغانستان، وتشير البيانات الرئيسية إلى أنه على مدار العامين الماضيين باع أكثر من 270 نازحا في ولاية هرات كلاهم لأسباب اقتصادية ومعيشية.

ويقول مصدر في وزارة الصحة الأفغانية للجزيرة نت "تم إجراء أكثر من 200 عملية زرع بنجاح في هذا المركز الطبي، وبعلم الدائرة الصحية في الولاية ونعرف أن 99% من الذين يبيعون الكلى لأسباب اقتصادية وأن 1% فقط يتبرعون بكليتهم لأحد أفراد العائلة بدون مقابل مادي".

هكذا بدأت الظاهرة

أجريت أول عملية زرع الكلية في ولاية هرات التي تقع قرب إيران، ويقول الأطباء ومصادر محلية إن البيئة الأفغانية لم تكن تعرف زرع الكلى والتبرع بها إلا عام 2016، حيث دخلت هذه الظاهرة من إيران بحكم وجود جالية أفغانية كبيرة هناك.

ويقول مصدر في" شفاخانه إريا" في هرات للجزيرة نت "بعلم الحكومة الأفغانية السابقة أرسلنا نحو 10 أشخاص من طاقم المستشفى إلى إيران لتعلم المهارات اللازمة لزرع الكلى، وبعد عودة الطاقم باشرنا عمليات زرع الكلى، وهناك مستشفى في العاصمة كابل للغرض نفسه".

لافتة أول مركز طبي لزراعة الكلى في ولاية هرات. المصدر: الجزيرة
لافتة أول مركز طبي لزراعة الكلى بولاية هرات في أفغانستان (الجزيرة)

واشتهرت مدينة هرات ببيع وشراء الكلى، حيث يتوجه إليها كل من يريد زرع أو بيع كليته وفي بعض الحالات يأتي إليها الناس من إيران وتركمانستان؛ حيث إن سعر الكلية في أفغانستان يصل إلى 4 آلاف دولار أميركي مقارنة بسعرها في إيران الذي يصل إلى 10 آلاف دولار أميركي. ووفق المعلومات التي حصلت عليها الجزيرة نت فإن 3 آلاف شخص في أفغانستان يحتاجون سنويا إلى عملية زرع الكلى، والبقية يتم تهريبها إلى خارج البلاد.

سماسرة بيع أعضاء الإنسان

ويقول مصدر بوزارة الصحة الأفغانية للجزيرة نت "هناك سماسرة لبيع أعضاء الإنسان، حيث يتم ربط الشخص بالمستشفى وبعدها لا يعرف الرجل عن كليته شيئا، وهناك تقارير تتحدث عن تهريبها خارج أفغانستان لسببين رئيسين الأول أن الكلية طازجة، والثاني أن سعرها مناسب جدا. وهذه ظاهرة جديدة في أفغانستان وخاصة ولاية هرات".

وتقول دائرة الصحة في ولاية هرات إن بيع الأعضاء الإنسانية محظور بحكم القانون، وإن هناك لجنة خاصة لتقصي الحقائق بشأن تجارة الكلى في الولاية، ويقول مصدر في هذه اللجنة للجزيرة نت "تمكنا من رصد حالات بيع الكلى في عموم ولاية هرات، وتبين لنا أن هناك 42 حالة كانت تبرع بالكلى، والباقي كانت لأسباب تجارية وتمت العملية بين الطرفين بعيدا عن أعين الحكومة".

الجالسون كلهم قاموا ببيع الكلى خلال سنة واحدة الجزيرة
الجالسون كلهم باعوا الكلى خلال سنة واحدة فقط (الجزيرة)

العيش بكلية واحدة

ويعتبر الوضع المعيشي والبطالة سببين رئيسيين وراء بيع الكلى وازدهار تجارتها في ولاية هرات غربي أفغانستان، ومعظم الذين يبيعون الكلى يفكرون في الحلول المؤقتة ولا يفكرون في أن العيش بكلية واحدة يلازمه متاعب وأمراض طيلة حياتهم، خاصة أن الأطباء لا يتحدثون بصراحة مع من يبيع كليته لينتبه للمتاعب والأمراض التي سيعاني منها مستقبلا.

الموت أو الاكتئاب

يقول ناصر أحمد -وهو مختص أمراض المسالك البولية- للجزيرة نت "إن 10% من الذين باعوا الكلى معرضون للموت، فيما يصاب معظمهم بالاكتئاب بعد عام واحد من بيع كليته".

وتقول السلطات المحلية في ولاية هرات إن ظاهرة بيع الكلى ورثناها من الحكومة السابقة، وانتشرت في ولاية هرات بصورة ملحوظة، وإنها أصبحت تجارة بدلا من أن تكون عمليات طبية طوعية، ولم تكن هناك إجراءات قانونية تحظر بيع الكلى.

ويؤكد رئيس دائرة الإعلام الأفغاني نعيم الله حقاني للجزيرة نت أنه "منذ أسبوع حظرنا بيع وزرع الكلى في ولاية هرات، وكل من يرغب في زرع كلية عليه تقديم طلب للجنة التي شكلت مؤخرا للنظر في وضعه"، لافتا إلى "أن الناس تبالغ في مثل هذه التصريحات لأجل تحسين وضعهم المعيشي، خاصة أن حركة طالبان تعارض بيع أعضاء الإنسان وكل من ثبت تورطه في بيع وتجارة الكلى سيقدم إلى المحكمة".

المصدر : الجزيرة