في مهرجان كتارا الدولي للخيل العربية الأصيلة.. فنانون قطريون يحيون تراثها وأصالتها عبر الرسم على السرج

تولي دولة قطر اهتماما كبيرا بالخيل، وهو ما ظهر جليا في تأسيس مركز الشقب عام 1992 تأكيدا لدور الخيل العربية الرائد في الحفاظ على الإرث الثقافي للشعب القطري

الخيل العربية مفردة ابداعية فريدة في الرسم
الخيل العربية مفردة إبداعية فريدة في الرسم (الجزيرة)

بلمسات سحرية راقية أعاد فنانون قطريون إحياء تراث وأصالة الخيل العربية بتحويل سروج الخيل إلى لوحات فنية نابضة بالحياة تعكس الروح الوطنية والتقاليد القطرية العريقة، وتراث دولة قطر الغني بالخيول الأصيلة وسلالاتها النبيلة.

وأطلق كل فنان العنان لمخيلته ليسكبها ألوانا على سروج الخيل، وليبدع رسومات فنية ولتدبّ الحركة في الأمكنة، وتخلق حياة مفعمة بالحيوية والنشاط والإبداع تستهوي عشّاق الفن الأصيل.

الرسم على السرج أحد الفعاليات المصاحبة لمهرجان كتارا الدولي للخيل العربية الأصيلة الذي اختتم مساء السبت، وشهدت هذه الفعالية مشاركة كثير من الفنانين القطريين والمقيمين الذين جسّدوا عبر أعمالهم مكانة الخيل العربية من زوايا إبداعية متنوعة، إذ تربّعت الخيل العربية كمفردة إبداعية فريدة لها دلالتها الجمالية والرمزية، مستمدة أهميتها من المكانة التي يحتلها الجواد في التاريخ العربي.

ورأت الفنانة القطرية منيرة العبيدلي أن مشاركتها في مهرجان كتارا الدولي للخيل العربية الأصيلة كانت فرصة مهمة للإسهام عبر رسومها في إحياء الموروث القطري العريق في مجال الفروسية، وما يحمله من دلالات تؤكد عمق المخزون الثقافي للشعب القطري.

وقالت العبيدلي -للجزيرة نت- إن المشاركة في المهرجان والرسم على سروج الخيل كانت تجربة مميزة ورائعة في الوقت نفسه، خاصة أنها المرة الأولى التي ترسم فيها على الجلد بعد ما كانت طوال حياتها ترسم على الألواح والأقمشة.

و"الرسم على السرج المصنوع من الجلد وسط الجمهور على شاطئ كتارا كان فكرة مختلفة وجذابة خاصة أن غالبية الجمهور من الخيالة، وهو الأمر الذي تعاملت معه عن طريق عمل فني يجسد جمال الخيول العربية الأصيلة"، وفقا للعبيدلي.

وأوضحت الفنانة أن الرسم على الجلد أصعب كثيرا من الرسم على الألواح والأقمشة خاصة أن طريقة خلط الألوان في الرسم على الجلد مختلفة ومعقدة مقارنة بالألوان العادية، إلا أنها تمكنت من النجاح وإخراج عملها بصورة جيدة.

ورغم موهبتها منذ الصغر وحصدها في الصف الثالث الابتدائي جائزة أفضل عمل فني في قطر، فإن أعمال العبيدلي الفنية لم ترَ النور إلا في السنوات الأخيرة لدعم تراث قطر، فسبق أن شاركت أيضا في مهرجان المحامل الشراعية بجدارية "اللؤلؤ" التي تنطق بجمال وأصالة الموروث القطري وتجسّد تجارة اللؤلؤ في قطر والخليج.

الرسم على السرج فكرة مبتكرة
الرسم على السرج فكرة مبتكرة (الجزيرة)

عشاق الفن الراقي

ويعدّ فن الرسم على الجلد من الفنون التي تجذب عشاق الفن الراقي، وهو أحد انواع الفنون الإبداعية التي تحول الشيء العادي والمألوف حتى يبدو تحفة فنية جذابة تستهوي عشاق الفن الأصيل، ومع أن فن الرسم على الجلد نوع بسيط من الفنون، لكنه يحتاج إلى اختيار خامات جيدة، مع انتقاء الألوان وخلطها بطرق خاصة ومعقدة.

بدوره، أكد الفنان القطري محمد جار العبد الله أن المشاركة في مهرجان كتارا للخيل العربية الأصيلة شرف لأي شخص، وفرصة مهمة للإسهام ولو بقدر ضئيل في الترويج لبلادنا وإثراء الثقافة القطرية وإحياء التراث والتقاليد.

وقال العبد الله -للجزيرة نت- إن الرسم أمام الجماهير تجربة جديدة ومختلفة، وإنه استمتع بها بصورة كبيرة، خاصة في ظل تلقّي التفاعل المباشر والآراء من الجماهير سواء عبر إطرائهم أو نظراتهم.

وفكرة الرسم على سروج الخيل جيدة لكنها صعبة في الوقت نفسه، خاصة أن سطح الجلد غير مستو، فضلا عن صعوبة الرسم على الجلد من الأساس، لأنه لا يوجد فيه مجال للخطأ، وذلك بجانب أنه يحتاج إلى خلط الألوان بطريقة محددة، وفقا للعبد الله.

وأشار العبد الله إلى أن الرسم على الجلد ليس جديدا عليه، فقد استهوته هذه النوعية من الرسم منذ عام ونصف العام بعد ما شاهدها في أحد المحالّ بمجمع هارفارد في إنجلترا، ليتخصص فيها ويطوّر موهبته بعد ذلك عبر الإنترنت.

وتولي دولة قطر اهتماما كبيرا بالخيل، وهو ما ظهر جليا في "الشقب" عضو مؤسسة قطر الذي أُسس عام 1992 تأكيدا لدور الخيل العربية الرائد في الحفاظ على الإرث الثقافي للشعب القطري.

والشقب مركز عالمي رائد في عالم الخيل، ملتزم بشغف المحافظة على التراث القطري عن طريق الترويج للخيل العربية لبلوغ أعلى المستويات في رفاهية الخيل والإنتاج وتعليم الفروسية والبحث والتطوير، مع التزام تطوير وتكامل أصوله وقواه البشرية والاستخدام الأمثل لها بهدف تحقيق الاستدامة والتفاعل الإيجابي مع المجتمع.

"أحببت الرسم منذ نعومة أظفاري وكنت متميزة به بين أقراني داخل المدرسة في جميع مراحل التعليم، فالرسم بصفة عامة وعلى الجلد بصفة خاصة هو عشقي وأهم اهتماماتي، ولذلك صمّمت على أن أصقل موهبتي، وكان يستهويني منذ الصغر رسم جميع الأشياء الجميلة من حولي"، بهذه الكلمات تحدثت الفنانة القطرية عهود الدفاع عن مشاركتها في مهرجان كتارا للخيل العربية الأصيلة.

كتارا موقع مميز لاستضافة الفعاليات التراثية والثقافية
كتارا يتألق في استضافة الفعاليات التراثية والثقافية (الجزيرة)

تجربة رائعة

وقالت الدفاع -للجزيرة نت- إن المشاركة في المهرجان أتاحت لها الفرصة لتقديم تجربة رائعة تمزج بين الماضي والحاضر والمستقبل عبر رسم لوحة فنية على السرج للأطفال تجسّد فيلم الرسوم المتحركة الشهير "توي ستوري" الذي يحب بطله ركوب الحصان.

وأكملت الفنانة الشابة أنها احترفت الرسم على الجلد منذ 5 سنوات، حين بدأت تعرف وتتعلم أشياء أكثر تتعلق بهذه النوعية، ووجدت نفسها منجذبة أكثر، فقررت التخصص فيه، وتعلمت أساليب مختلفة، وبدأت تحاول خلق أسلوب مميز خاص بها في الرسم على الجلد والتصميم والألوان .

وقالت الدفاع إن "الرسم على السرج فيه صعوبة وتحدٍّ مختلف، خاصة أن الجلد له طبيعة مختلفة عن الألواح والأقمشة، لكنّ فكرة تقديم عمل فني يجسد تراث وأصالة الفروسية القطرية كانت مناسبة لفنّي وشخصيتى، وساعدتني على تنمية أفكاري وقدراتي الفنية لأقدّم أسلوبا فنيا مميزا في المهرجان".

من جانبها، رأت الفنانة القطرية نور الشمري أن مشاركتها في مهرجان كتارا للخيل العربية الأصيلة كانت فرصة مزدوجة للترويج ودعم تراث الفروسية القطرية عالميا، فضلا عن تطوير مهاراتها واكتساب خبرات جديدة من الاحتكاك بالفنانين المشاركين.

وقالت الشمري -للجزيرة نت- إنها تعلمت من هذه التجربة فن الرسم على الجلد الذي مارسته للمرة الأولى، وذلك عبر الرسم على السرج وتقديم عمل فني جيد يبرز أصالة الخيل العربية وتاريخها العريق عبر الأزمان.

وأضافت الشمري أن "الرسم على الألواح والأقمشة أفضل من حيث التأسيس لأنها تمتص الألوان وتتماسك بسهولة بعكس الجلد الذي يحتاج إلى حرفية كبيرة في خلط الألوان واستعمالها في أجواء معينة وليس في الهواء الطلق".

وأوضحت الفنانة القطرية أنها ستحتفظ بالسرج الذي رسمت عليه في المهرجان كذكرى خاصة لها، فقد حرصت لدى مشاركاتها في كثير من المعارض والمهرجانات على مستوى الدولة في السنوات الخمس الماضية على اقتناء أفضل أعمالها والاحتفاظ بها.

المصدر : الجزيرة