مكسوا بالحرير والذهب.. اكتشاف قبر سيدة أرستقراطية بلندن عمره 16 قرنا

المرأة دُفنت في تابوت من الرصاص النقي داخل ضريح حجري كبير (الصورة تعبيرية-شترستوك)

اكتشف علماء الآثار قبرا في منطقة سبيتالفيلدز شمالي لندن دُفنت فيه امرأة منذ أكثر من 16 قرنا. وتُظهر الأغراض الثمينة التي وُجدت داخل التابوت أن السيدة كانت تحتل مكانة اجتماعية وسياسية رفيعة.

ويؤكد الكاتب ديفيد كيز، في تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" (independent) البريطانية، أن الأدلة التي توصل إليها الباحثون تشير إلى أن المرأة كانت على الأرجح زوجة أحد النواب في مجلس الشيوخ أواخر الحكم الروماني في بريطانيا.

ويقول روجر توملين الباحث البارز في تاريخ بريطانيا الرومانية "من المحتمل أنها كانت زوجة أحد آخر حكام بريطانيا الرومانية".

حرير وذهب

وتكشف الأبحاث عن أن المرأة دُفنت مرتدية ثوبا مصنوعا من الحرير الصيني وخيوط من الذهب الخالص. كما تضمنت مجموعة ملابسها داخل القبر شريطا من المنسوجات الصوفية التي كانت مصبوغة على الأغلب باللون البنفسجي.

ويرتبط اللون البنفسجي في تلك الحقبة التاريخية بالشخصيات السياسية وأفراد الطبقة الأرستقراطية. ويعتقد الخبراء أن الصبغة المستخدمة في تزيين الملابس هي الأغلى في العالم القديم.

ودُفنت المرأة في تابوت من الرصاص النقي داخل ضريح حجري كبير، ووُضعت إلى جانبها أغراض ثمينة تدل على الترف والثراء، بينها زجاجتان مصنوعتان من مواد لا توجد داخل حدود الإمبراطورية الرومانية.

وكشف الباحثون عن أن رأس المرأة وُضع على وسادة مملوءة بأوراق الغار المستوردة من منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما استُخدم "راتنج" الصنوبر والفستق لتعطير الجو داخل القبر.

ويقول مايكل مارشال، المتخصص في علم الآثار الرومانية بمتحف لندن للآثار الذي أشرف على هذا البحث، إن "الأغراض التي دُفنت معها تكشف عن قدرة نخبة المجتمع على الذهاب إلى أبعد الأماكن، كوسيلة لإظهار نفوذها وثرائها".

الأغراض التي دُفنت مع المرأة تكشف عن نفوذها وثرائها (الصورة تعبيرية-شترستوك)

 

ويبقى اللغز الأكبر هو تحديد هوية هذه المرأة التي كانت تتمتع بمكانة مرموقة في مجتمعها، حيث لا يوجد أي نقش على الضريح يكشف عن هويتها على وجه الدقة، لكن الأدلة الأثرية قد تسمح للمؤرخين بترجيح بعض الاحتمالات.

وحسب الأبحاث، فقد نشأت المرأة في روما، ووُلدت على الأرجح منتصف القرن الرابع للميلاد، وماتت في العقد الرابع أو الخامس بعد عام 360 للميلاد.

وعندما كانت تبلغ من العمر 4 أو 5 أعوام عانت مرضا أدى إلى توقف نمو مينا أسنانها بشكل مؤقت.

وتشير الملابس والأغراض التي وُجدت في القبر إلى أن المرأة كانت على الأرجح زوجة حاكم المقاطعة، أو زوجة أحد النواب المعروفين آنذاك باسم "الفيقار"، ومن بينهم أليبيوس الأنطاكي، وكريسانثوس الذي كان حاكما في إيطاليا قبل إرساله إلى لندن.

فرضيات

ومن بين الفرضيات أنها كانت زوجة أحد الحكام الأربعة الذين أعلنوا أنفسهم أباطرة في بريطانيا خلال سنوات الفوضى بين 383 و407 للميلاد.

ويعتقد الباحثون أن المرأة تزوجت عندما كانت في منتصف سن المراهقة أو أواخره، في حين كان عمر زوجها آنذاك ضعف عمرها تقريبا. ويُرجّح أنها رافقته إلى لندن، وماتت بعد عامين أو 3 أعوام من وصولها إلى هناك إثر عملية ولادة.

وشكّلت تلك الحقبة مرحلة محورية في تاريخ بريطانيا، لأنها الفترة التي سبقت نهاية الحكم الروماني في البلاد عام 410 للميلاد. وانهار الحكم الروماني في بريطانيا قبل مدة من انهياره في أنحاء أوروبا الغربية، وأدى ذلك إلى اختلاف التاريخ البريطاني والإنجليزي بشكل كبير عن تاريخ أوروبا الغربية، وفقا للكاتب.

المصدر : إندبندنت