شعار قسم ميدان

موضة "الفريلانس".. كيف يمكن أن يحيل العمل الحر حياتك إلى جحيم؟ وكيف تتجاوز ذلك؟

Szabadúszó szakállas férfi póló jegyzetel laptop ül az íróasztalnál.
غالبا ما يستشهد المستقلون الراضون عن عملهم بالمرونة والسيطرة الأكبر التي يتمتعون بها في عملهم. (شترستوك)

تُشبِّه جولي طومسون، مؤسسة شركة "Frame PR"، العمال المستقلين أو مَن يُعرفون باسم "الفريلانسرز" (freelancers) بأنهم مثل "رجل الكهف"، فعندما يستيقظ رجل الكهف لن يجد طعاما في كثير من الأحيان، والأمر متروك له للذهاب والحصول عليه (1). تكاد هذه الحقيقة ومثيلاتها تختفي وسط طوفان المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تُحدثك عن الحرية والاستقلال والدخل الجيد الذين ستتمتع بهم، فقط إذا تركت وظيفتك الثابتة واتجهت إلى العمل في سوق العمالة الحرة.

ازدياد العمالة الحرة

يُشكِّل العمل الحر أو المستقل (freelance) الذي يشمل أي خدمات تُقدِّمها للشركات أو المؤسسات أو الأشخاص بمقابل مادي، ودون أن تكون موظفا رسميا بهذه الشركات، جزءا متزايدا من سوق العمل هذه الأيام. فمع ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض قيمة العديد من عملات بلدان العالم النامي ومنها العديد من الدول العربية، تجد عشرات ورُبما مئات المشاركات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تُخبرك بأن عليك العمل "فريلانس"، لتحصل على راتب بالعملة الأميركية. يُعَدُّ هذا جزءا من توجه أوسع نحو العمل الحر، فبين عام 2019 إلى عام 2021، نما العمال المستقلون الذين يقدمون خدمات ماهرة بنسبة 8%. خلال هذا الوقت، وصل العمل الحر إلى أعلى نقطة له منذ أكثر من عقد. يوضح استطلاع لمنصة العمل الحر "Upwork" عام 2021 أن العمل الحر قد ازداد خلال هذا العام ليصل إلى أعلى حصة من القوى العاملة في السنوات الثمانية السابقة.(2)

 

في غضون ذلك، ارتفع عدد العاملين لحسابهم الخاص بدوام كامل من 28% في عام 2019 إلى 36% في عام 2020. رُبما يكون انتشار جائحة فيروس كورونا المُستجد "كوفيد-19″، وما فرضته من عزلة اجتماعية وحجر صحي وعمل من المنزل حتى لمَن يعملون في وظائف بدوام كامل، هو الذي أدى إلى تسريع هذا النمو في العمالة الحرة. من المتوقع أنه في غضون خمس سنوات، أي بحلول عام 2027، سيكون 86.5 مليون شخص يعملون لحسابهم الخاص في الولايات المتحدة وحدها، وهذا هو نصف إجمالي القوى العاملة في الولايات المتحدة.

 

غالبا ما يستشهد المستقلون الراضون عن عملهم بالمرونة والسيطرة الأكبر التي يتمتعون بها في عملهم. تقول هايدن براون، الرئيس والمدير التنفيذي لـ"Upwork"، إن العمال الأصغر سِنًّا أصبحوا ينظرون إلى العمل الحر، الذي يتمتع بإمكانات خاصة لتنوع العملاء وتدفقات الدخل، على أنه أكثر استقرارا من وظيفة بدوام كامل. تُضيف براون: "نظرا لأن الأجيال الشابة من العمال قد شهدت تجارب العمال الأكبر سِنًّا، فقد رأوا أيضا أن التوظيف التقليدي بدوام كامل ليس هو أفضل ما يجب القيام به. وأن العمل في شركة واحدة ليس بالضرورة شيئا آمنا أو أمرا منخفض المخاطر".(3) يمكن اعتبار هذا الأمر صحيحا بدرجة كبيرة، خاصة في ظل أن كُبرى الشركات قد تقوم بتسريح عمالها دون الكثير من الاعتبارات.

 

الكوب ليس ممتلئا حتى حافته

غالبا ما يستشهد المستقلون الراضون عن عملهم بالمرونة والسيطرة الأكبر التي يتمتعون بها في عملهم.
غالبا ما يستشهد المستقلون الراضون عن عملهم بالمرونة والسيطرة الأكبر التي يتمتعون بها في عملهم. (شترستوك)

هنا ينبغي معرفة أن الكوب ليس ممتلئا حتى حافته، وأن هناك نصفا فارغا كشأن أي أمر آخر في الحياة، وهذا يعني أن العمالة الحرة تحمل من السلبيات مثل ما تحمل من المزايا. على صعيد المزايا، من المؤكد أنك سوف تحظى بالمرونة والاستقلال مع إمكانية أداء عملك من على أريكتك الوثيرة أو أمام شاطئ أحد البحار، دون تكبد عناء الانتقال اليومي في الطرق أو وسائل المواصلات للوصول إلى مقر العمل، يُمكنك كذلك التخطيط لجدولك الزمني الخاص بمرونة وحرية، واختيار عملائك الذين تُفضِّل التعامل معهم. لكن في المقابل، هناك أيضا جوانب سلبية يجب معرفتها وإدراكها جيدا قبل ترك وظيفتك الدائمة والانضمام إلى سوق العمالة الحرة إذا كُنت مُقدما على هذه الخطوة.

 

بادئ ذي بدء، يجب أن تعرف أن العمل الحر يمكن أن يكون في بداياته أشبه بمعركة شاقة لا تخلو من تضحيات. لا أحد يعرف مَن أنت، وماذا تفعل، أو ما إذا كان بإمكانه الوثوق بك. لتحقيق النجاح، ستحتاج إلى البحث عن شخص ما يمنحك أول فرصة. رُبما سيكون عليك تقديم عمل مجانا لعميلك الأول فقط للحصول على بعض الخبرة وبناء الثقة.

 

إذا ثبتت قدماك، وبدأت في تكوين عملاء والحصول على مهام عمل، فقد تُفاجأ من أنه لا حقوق لك لدى صاحب العمل سوى الأجر الذي تحصل عليه مقابل ما تُقدِّمه له من عمل أو ما تُنجزه له من خدمة. نتيجة لذلك، وجدت دراسة حديثة في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد أن ثلاثة من كل خمسة قادة أعمال قالوا إنهم يُفضِّلون بشكل متزايد "تأجير" أو "استعارة" أو "مشاركة" المواهب مع شركات أخرى، وأن موظفيهم العاملين بدوام كامل سيكونون أقل عددا نتيجة لذلك.

 

أشار الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع إلى أن العمالة الحرة تُتيح لهم إنتاجية وكفاءة أفضل وتكاليف أقل من الموظفين بدوام كامل. تعيين عمال مستقلين بدلا من الموظفين بدوام كامل يعني أن صاحب العمل لا يتعين عليه دفع تكاليف خطط الرعاية الصحية/التأمين الصحي أو أيام الإجازات، كما لا يتعين عليه وضع خطط لتطوير مهارات موظفيه وتدريبهم. تنتقل تغطية تكلفة هذه الأمور من أصحاب الأعمال ويكون على المستقلين أنفسهم تغطية هذه التكلفة.(4) هذه مساوئ لا يُستهان بها، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، أشار أغلب العمال إلى أن التأمين الصحي هو أكثر الفوائد التي يهتمون بها، تليها القدرة على الحصول على إجازة مرضية.(5)

 

"العيد أو المجاعة"

غالبا ما يتأرجح دخل العمل الحر، فيتدفق لشهر ما قد تغرق خلاله في العمل، ثم في الشهر التالي، قد تتساءل أين ذهب جميع عملائك.
غالبا ما يتأرجح دخل العمل الحر، فيتدفق في شهر ما قد تغرق خلاله في العمل، ثم في الشهر التالي قد تتساءل أين ذهب جميع عملائك.(شترستوك)

فيما يتعلق بالدخل الذي قد تحصل عليه من العمل الحر، فإن الأمر يرتبط إلى حدٍّ كبير بقاعدة "العيد أو المجاعة" (feast or famine). غالبا ما يتأرجح دخل العمل الحر، فيتدفق لشهر ما قد تغرق خلاله في العمل، ثم في الشهر التالي قد تتساءل أين ذهب جميع عملائك. هذا على عكس الراتب الثابت الذي تحصل عليه إذا كنت موظفا، عدم ثبات دخل العمل الحر ربما يُعرضك لانخفاض ​قيمة ​دخلك إلى ما دون ما تحتاج إليه لتغطية نفقاتك. قد يكون هذا صعبا خاصة إذا كان لديك الكثير من الالتزامات وليس لديك الكثير من الدعم المالي.

 

وفقا لتقرير نشرته "فوربس"، فإن أحد الأسئلة التي تُطرح في أغلب الأحيان من قِبَل المترجمين المستقلين الجدد هو كيفية التخفيف من تأثير "المجاعة" و"العيد" الذي يُعاني منه العديد من العاملين لحسابهم الخاص.(1) عدم الاستقرار هذا رُبما هو ما دفع ما يقرب من ربع مليون شخص في المملكة المتحدة إلى التخلي عن "حلم العمل المستقل" خلال فترة الإغلاق التي فرضها انتشار جائحة فيروس كورونا. وفقا لمكتب الإحصاء الوطني البريطاني (ONS)، فبين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران من عام 2020، كان هناك 4.76 ملايين شخص يعملون لحسابهم الخاص، وهو رقم أقل بنحو 238000 شخص من الربع السابق من العام ذاته.(6)

 

غالبا ما تكون المستحقات المالية هي واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل التي يواجهها المستقلون الجدد. لا تزال المدفوعات المتأخرة بلاء الصناعة. وفقا لدراسة أجراها اتحاد الشركات الصغيرة (FSB) على أكثر من 4000 شركة، عانت غالبية الشركات الصغيرة، ما يُعادل نسبة 62% من هذه الشركات، من وجود مدفوعات متأخرة أو مجمدة في أعقاب تفشي "كوفيد-19″.(7)

 

عن تأثير العيد والمجاعة تقول ستيفاني ستاسكو، مستشارة العلاقات العامة التي تعمل لحسابها الخاص، لـ"فوربس": "لقد ساعدني قبول توقع حدوث فترات الذروة والانخفاضات في دخل العمل الحر في التخفيف من آثار العيد والمجاعة. هذا يعني أنه عندما أمرّ بفترة "العيد"، فإنني أدخر بشدة لتغطية النقص المحتمل في المستقبل. لكن في بعض الأحيان، قد يتسبب الذعر الذي يحدث أثناء فترة المجاعة في قبول بعض المشاريع بدافع اليأس. هذا هو أحد أسوأ الأشياء التي قد تتعرض لها بصفتك عاملا مستقلا، لذا سيكون عليك بشدة أن تدخر وتوفر المال قدر المستطاع في الفترات التي تعمل خلالها جيدا، لأنه من غير المحتمل أن تصاب بالذعر خلال فترة المجاعة إذا كان حسابك المصرفي يبدو جيدا!".(1)

 

حتى فترات الأعياد، التي يطلق عليها البعض "الولائم" في عملك الحر، قد لا تكون جيدة في عمومها ومطلقها هكذا، فهي وإن كانت توفر دخلا جيدا يُساعد خلال الفترات التي لا عمل بها، فهي تحمل جانبا سلبيا آخر، مثلا قد تتعارض المواعيد النهائية لعملاء متعددين، وقد يقترح العملاء مواعيد نهائية ضيقة، وفي بعض الحالات قد تكون الموافقة على أوقات التسليم السريعة هذه ضرورية لإبرام العقد، أنت هنا قد تتعرض لخطر عدم الوفاء بجميع الوعود التي أبرمتها على نفسك مع عملائك. أيضا قد يؤثر كثرة العمل والمهام المتعددة التي عليك إنجازها لعملاء متعددين على جودة عملك. كذلك قد يكون التعامل مع العديد من الأشخاص الذين يملون طلباتهم وتعديلاتهم على ما تقوم به من عمل أمرا ضاغطا ومُرهقا نفسيا إلى حدٍّ كبير.(8)

 

وحدك المسؤول عن إنتاج العمل بالكامل!

أنت هنا مسؤولا عن أن توفر لنفسك المكان الذي ستعمل به، قد يعني ذلك تخصيص جزء من منزلك ليكون مكتبك أو إيجاد مساحة عمل خارج منزلك. يمكن أن يُسبب كلاهما تكبد بعض التكاليف
عليك أن توفر لنفسك المكان الذي ستعمل به، وهذا يعني تخصيص جزء من منزلك ليكون مكتبك أو إيجاد مساحة عمل خارج المنزل، مما قد يؤدي إلى زيادة بعض التكاليف. (شترستوك)

خلال عملك الحر، تكون وحدك مسؤولا عن إنتاج وإتمام المهمة التي تؤديها للعميل بالكامل، بل وعن إجراء التعديلات اللازمة التي قد يرغب بها العميل، التعديلات هي أحد جوانب مُعاناة "الفريلانسرز"، إلى الحد الذي جعل إحدى مجموعات العمالة الحرة تدون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن أغرب المواقف التي واجهتها في التعديلات التي يطلبها العملاء، تحت هاشتاغ "#قصة_أغرب_تعديل"، وشاركت إحدى العاملات موقفا غريبا تعرضت له قائلة: "العميل قال لي الشغل هايل جدا ورائع، بس أنا مش حاسه"، ليُعلق آخرون أن هذا التعبير دارج بين العملاء، وأنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع رد الفعل هذا. (9)

 

لا تقف الصعوبات عند هذا الحد. إذا كُنت تقوم مثلا بإحدى مهام البرمجة أو الترجمة أو الكتابة، فأنت هنا مسؤول عن أن توفر لنفسك المكان الذي ستعمل به، قد يعني ذلك تخصيص جزء من منزلك ليكون مكتبك أو إيجاد مساحة عمل خارج منزلك. يمكن أن يُسبب كلاهما تكبد بعض التكاليف مثل الإيجار والمفروشات واللوازم وخدمة الإنترنت وفواتير الكهرباء.

 

عندما تعمل لحسابك الخاص فأنت مسؤول عن جميع نفقات عملك، ولا يوجد صاحب عمل للمساعدة في تغطية التكاليف. إذا كنت بحاجة إلى معدات أو برامج أو أدوات أو إصلاحات أو شهادات أو أي شيء آخر، فسيكون عليك وحدك تغطية تكاليف ذلك. إذا سكبت القهوة على لوحة المفاتيح وحدث عطل في جهاز الحاسوب الخاص بك، فسيكون عليك أن تدفع ثمن الإصلاح أو ثمن شراء جهاز جديد. هذا قد يعني احتمالية التعرض لنفقات كبيرة طارئة غير متوقعة.

 

إذا لم تكن قادرا على تغطية هذه التكاليف عند ظهورها، فقد يتسبب ذلك في معاناة عملك أو فشله. يمكنك الاستعداد من خلال صندوق الطوارئ واحتساب هذه التكاليف في أسعارك الإجمالية التي تُحاسب بها العملاء. قد يكون من الصعب تقدير الأمر خلال السنة الأولى من عملك، لكن ستكون لديك فكرة أفضل في السنوات التالية.(10)

 

الوحدة والمزيد من صوت أفكارك فقط!

إن فقدان الجانب الاجتماعي للعمل هو أحد الأمور التي عليك أن تتعامل معها إذا قررت الانضمام إلى سوق العمالة الحرة.
إن فقدان الجانب الاجتماعي للعمل هو أحد الأمور التي عليك أن تتعامل معها إذا قررت الانضمام إلى سوق العمالة الحرة. (شترستوك)

إذا كُنت تعمل "فريلانس" من المنزل، فهذا قد يعني أنك تتحرك طيلة أيامك ورُبما شهورك من غرفة نومك إلى الكرسي أو الأريكة التي تُفضل العمل عليها، رُبما ستخرج من المنزل فقط لمواعدة الأصدقاء إذا سنحت فرصة، أو إذا قررت العمل يوما من خارج المنزل على سبيل التغيير أو لقضاء الاحتياجات الحياتية الأساسية. إذا كُنت شخصا انطوائيا فإن العمل "فريلانس" قد يزيد من حِدَّة انطوائيتك، فأنت هنا تتعامل مع أجهزة فقط، وتواصلك البشري أو الاجتماعي قد يتمثَّل فقط إما في صوت يصلك من خلال رسالة مُسجلة، أرسلها إليك زميلك أو رئيسك في العمل أو العميل الذي تتعامل معه، وإما مُجرد رسالة مُكونة من كلمات مكتوبة تقرأها بأدائك أنت ونبرة صوتك أنت.

 

هنا، قد يكون صوتك أو صوت أفكارك هو الصوت الذي تسمعه أغلب إن لم يكن كل الوقت. وفقا لتقرير نشره موقع "thebalancemoney"، فإن فقدان الجانب الاجتماعي للعمل هو أحد الأمور التي عليك أن تتعامل معها إذا قررت الانضمام إلى سوق العمالة الحرة. في حين أن فكرة العمل بدون سياسات مكتبية أو قواعد لباس مطلوبة قد تبدو جذابة، فإنك من ناحية أخرى قد تفوتك بعض الجوانب الإيجابية لوجود زملاء العمل. عندما تعمل لحسابك الخاص فأنت هنا وحدك، تحتفل بنجاحاتك وحدك، وتتحمل نتيجة إخفاقاتك وحدك، وسيكون عليك وحدك التعامل مع أي تحدٍّ أو صعوبة تواجهها في أداء عملك، وسيكون عليك أن تجد الدافع والحافز الدائم للقيام من سريرك يوميا والحفاظ على إنتاجيتك. بالنسبة للبعض قد يسهل التعامل مع هذه الأمور، لكن أولئك الذين يزدهرون في بيئة اجتماعية قد يعانون.(10)

 

الشعور بالوحدة في ذاته قد يكون له تأثير سلبي على صحتك العقلية، خاصة إذا استمرت هذه المشاعر لفترة طويلة. تشير بعض الأبحاث إلى أن الشعور بالوحدة يرتبط بزيادة خطر الإصابة ببعض مشكلات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات ومشكلات النوم وزيادة التوتر.(11) في عام 2020، بحثت دراسة في تأثير العمل من المنزل نتيجة لانتشار جائحة فيروس كورونا المُستجد على صحتنا الجسدية والعقلية، وجد باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا أن العمل من المنزل قد أثَّر سلبا على الصحة الجسدية والعقلية للعمال، وزادت نسبة حدوث التشتت، وانخفض مُعدل الاتصال أو التواصل مع زملاء العمل، وفي النهاية انخفضت الإنتاجية.

 

وجدت الدراسة أن الوقت الذي يقضيه الشخص في العمل قد زاد بنحو ساعة ونصف، ومن المشكلات التي عانى منها العمال أيضا وجود قدر أقل من الرضا عن العمل وزيادة في آلام الرقبة. توصلت الدراسة إلى النتائج السابقة من خلال استطلاع شارك فيه ما يقرب من 1000 شخص. خلال هذا الاستطلاع، ادَّعى أكثر من 64% من المشاركين أنهم أصبحوا يُعانون من مشكلة صحية جسدية جديدة أو أكثر، في حين واجه ما يقرب من 75% من الذين شملهم الاستطلاع مشكلة واحدة جديدة تتعلق بالصحة العقلية. (12)

 

إذا كان لا بد من العمل الحر.. فإليك كيفية التعامل

انظر عن كثب إلى العملاء الذين تتعامل معهم. اسأل نفسك عن الخدمات أو المنتجات الأخرى التي قد يرغبون في شرائها.
انظر من كثب إلى العملاء الذين تتعامل معهم، واسأل نفسك عن الخدمات أو المنتجات الأخرى التي قد يرغبون في شرائها. (شترستوك)

في النهاية، إذا قررت أنك ترغب في التجربة، وعلى استعداد لتحمل ما سبق والتعامل معه، فهناك بعض الأمور التي تُعينك على التعامل الجيد مع السلبيات السابق ذكرها، ومنها أنه سيكون عليك ألا تتوقف أبدا عن تسويق خدماتك والترويج لنفسك، حتى عندما يكون لديك أكثر من مهمة تقوم بإنجازها، يجب أن تستمر في الترويج لنفسك ولعملك. يمكن أن يُعاني أصحاب الأعمال الحرة من فترات طويلة من المجاعة بسبب نقص التسويق، ضع جدولا لعرض العروض التقديمية الخاصة بعملك للبقاء على تواصل مع العملاء الحاليين ولإيجاد تدفق مستمر من العملاء الجدد.

 

انظر من كثب إلى العملاء الذين تتعامل معهم، واسأل نفسك عن الخدمات أو المنتجات الأخرى التي قد يرغبون في شرائها، وانظر إلى التحديات ونقاط الضغط التي يواجهونها، وأنشئ منتجات أو خدمات لتخفيف هذا الضغط. تُعَدُّ هذه الخدمات دائمة الخضرة مكونا أساسيا لتقليل فترات المجاعة وتطويل فترة العيد. كذلك عندما تكون في فترة العيد، حاوِل وضع أكبر قدر ممكن من المال جانبا. بمرور الوقت، يؤدي هذا إلى تكوين صندوق طوارئ يمكنك الاعتماد عليه في أوقات المجاعة. هذا الصندوق قد تتمكَّن من الاعتماد عليه أيضا في الإنفاق على عملك، وإصلاح الهالك من أجهزتك أو شراء أجهزة جديدة، أو يُعينك على دفع اشتراك تأمين صحي خاص لإحدى الشركات. انظر إلى الالتزامات المالية المنتظمة والطوارئ التي قد تحدث فجأة، هذه النظرة ستُعطيك مؤشرا حول مقدار المال الذي تحتاج إلى توفيره.(1)

 

أيضا للتعامل مع تأثيرات قلّة التواصل الاجتماعي، يُمكنك بقليل من الجهد بناء روابط اجتماعية بصفتك عاملا مستقلا. هناك العديد من المجموعات عبر الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعي مثل لينكد إن (LinkedIn) وفيسبوك (Facebook)، حيث يمكنك التواصل مع المستقلين الآخرين للعثور على مجتمع يُمكنك الشعور بالانتماء إليه. يمكنك أيضا التواصل مع أصحاب الأعمال المستقلة الآخرين في دائرتك الاجتماعية لتكوين وبناء علاقات حيّة من خلال المشاركة في حضور الأحداث المحلية، ورُبما الندوات أو المؤتمرات ذات الصلة بمجالك.(10)

————————————————————————

المصادر:

1- Freelancers: Your Vaccine Against Famine And Feast

2-  Freelance Forward Economist Report

3- Why so many people are freelancing

4- BUILDING THE ON-DEMAND WORKFORCE

5- Rethinking the Great Resignation is coming your way.

6- Employment in the UK: August 2020

7- How the coronavirus pandemic is impacting payment terms for small firms.

8- How to Navigate Freelance Feast or Famine

9- #قصة_أغرب_تعديل

10- Disadvantages of Self-Employment

11- About loneliness

12- Working from home has negatively impacted physical health and mental health, study finds

المصدر : الجزيرة