الأولوية للموظف.. أساليب تتبعها الشركات الكبرى لتحقيق النجاح
كيف تتصرف كبريات الشركات اليوم، لبناء مثل هذه الثقافات المفضية إلى توطيد العلاقات؟ يتم ذلك من خلال الارتقاء بالإنسان، الموظف، في صدارة أولوياتها، والحرص على فهم ما الذي يحفز الناس ويزيد من قدرة تمكينهم، والمواءمة بين ما يهتم به الموظف، والطرق المنتهجة في تسيير أعمال الشركة. لقد تحدثت إلى مدراء بعض الشركات الأمريكية الكبرى حول هذه الأفكار، وهذا ما أفصحوا لي به، حول كيفية عيش شركاتهم ثقافتها كل يوم.
يكتسي هذا النهج أهمية خاصة، بالنسبة للموظفين الأصغر سنا والأكثر اتصافًا بالانفرادية، مثل الموظفين الذين لم يتشبعوا بفكرة التضحية كقيمة وفضيلة، وينصب همهم على تحقيق أهدافهم الشخصية. يقول آشر "تبنى الثقة وتعزز من خلال الشفافية، والثقة بالناس، وأن تُبَين لهم أنك تهتم بهم أكثر من النتيجة النهائية، وهذا كفيل بجعلهم يقدمون المزيد من الجهد. "
يقول ماكس: "من المهم أن نجعل الجميع يشارك داخل المؤسسة ونسمح للموظفين باستكشاف واختبار حدود طاقاتهم"، مضيفًا، "معظم الموظفين لديهم روح المبادرة، ويريدون التفكير أبعد من سياج الحيز الضيق، وهنا يكمن التحدي في تمكين هؤلاء الموظفين، ومساعدتهم على تحسين أداء هذه المؤسسات، ويمكن القيام بذلك من خلال منحهم الحرية: حرية الفشل هي الشطر الآخر لحرية النجاح ".
"يشكل موظفونا أهم ما يميزنا عن غيرنا، لذلك علينا جذب واستبقاء أفضل الموظفين، ولتحقيق هذا الغرض، كان علينا أن ننظر إلى تجربة الموظفين، لأن تجربتهم تؤثر على تجربة الزبناء" يقول جاسبار وير، رئيس "تاسك أس" (TaskUs)، وهي شركة أعمال متعاقدة تقدم خدماتها لشركات التكنولوجيا المتنامية.
"لقد ركزنا على إيجاد أماكن أكثر جاذبية، تقدم للعمال سبل ووسائل الراحة والمرح، تركز في المقام الأول على كل ما له صلة بصحة العمال وعافيتهم. إننا نقدم حصص للتأمل كل يوم اثنين، وأوقات للمشي وغرف الاسترخاء، ونثمن أيضا جهود الموظفين الذين يعيشون قيمنا من خلال ربط ضمان الجودة، واستعراض الأداء والمكافآت، بقيمنا الأساسية. القيم تخلق ثقافة أفضل، وهي بدورها تنتج أعمالا أفضل".
ويعتقد شانك أنه من المهم تقديم مكافآت للموظفين تثبت التزامهم بقيم الشركة "الاحترام هو بالنسبة لنا طريق ذو اتجاهين. ونعتقد أن العمل بشفافية وإتاحة فرص للتعلم والتطوير يجسدان معنى الاحترام، لذا نكافئ الموظفين لتجسيدهم قيمنا، من خلال منحهم امتيازات سفر عفوية وغير محدود، وقضاء عطلة دون قيود. الطريقة التي نكافئهم بها تظهر أننا نثق بهم لاتخاذ القرارات الصائبة للشركة. "
ورغم تحوَل ثقافات العمل وطغيان تركيزها على الجانب التكنولوجي على حساب النهج التقليدية، تبقى هذه المظاهر الجسدية المعبرة عن الاحترام تحتفظ بأهميتها. يقول جريج بيسنر، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"كالتشر آي كيو" (CultureIQ): "لدينا تقليد المصافحة في نهاية الأسبوع، وبدأنا تنفيذه مباشرة بعد اعتماده، كان ذلك يوم الجمعة، وكان الفريق يعمل بجد، وشعرت حينذاك، بضرورة سن علامة من علامات الاحترام، والآن أصبح تقليدا: كل موظف يصافح الجميع ويقول شكرا لك."
هناك مظاهر مادية أخرى تكتسي هي أيضا أهمية، يقوم العديد من الموظفين في "كالتشر آي كيو" على سبيل المثال، باختيار قيمة معينة من قيم شركة، ويلحقونها في توقيعاتهم على البريد الإلكتروني. يقول بيسنر، "إنها العودة إلى أساسيات العيش، ينظر الناس إلى شركات التكنولوجيا باعتبارها موجهة نحو التكنولوجيا، غير أنني أعتقد أن العادات والتقاليد القديمة مثل هذه، يمكن أن تكون في بعض الأحيان أكثر تأثيرا ".
ولتلبية هذه الحاجة، قامت منظمة ديغنيتي هيلث بتنفيذ برنامج أطلقت عليه اسم "وقفة للتفكير" لتشجيع الأطباء والممرضين وغيرهم من الأشخاص، من أصحاب المهام المرهقة، على اتخاذ لحظة وجيزة لحضور هذه الوقفة قبل التوجه نحو عملهم لتقديم العلاج للآخرين. يقول فيدن "عندما تكون أكثر تركيزا وإدراكا، لا شك ستكون أكثر انفتاحا للاستماع والتفاعل مع الآخرين، لذلك نحرص على أن يسبق كل اجتماع لحظات تفكير.
لقد اكتشفنا أن التوقف لحظة للتفكير يمنح عملنا عمقا أكبر، وقد شعر مقدمو الرعاية بحضور أكبر لدى تعاملهم مع مرضاهم. وقد لقي هذا البرنامج استحسانا بشكل جيد جدا داخليا، إلى درجة أطلقت شركة ديغنيتي حملة موجهة خارج الشركة، أسمتها "تيك تو مينتس" (Take2Mins)، لتشجيع الناس من خارج الشركة لاتخاذ بعض الوقت من يومهم من أجل التركيز ذهنيا للاستفادة وإفادة من حولهم.
يقول ستيفن هاندماكر، كبير مسؤولي التسويق في شركة التأمين، "تتمثل قيم الحمض النووي لشركتنا، في التحكم، والتنقل، والتقدير. إن دعم احتياجات موظفينا الصحية البدنية يساعدهم على تحقيق هذه القيم، ونريد منهم أن يتحكموا في أعمالهم وأهدافهم الشخصية، ونريدهم الإبحار داخل برامج تأمين الزبناء ومسارهم المهني، ونعتقد في واجب إظهار التقدير بطرق تكتسي معنى بالنسبة للموظف كشخص، ونعتبر شعوره بالعافية بمثابة ترياق سري يدعم كل هذه الجهود ".
ولكي تكون قيم شركتك مجدية، بالنسبة إلى الموظفين والزبائن، يجب أن تكون هذه القيم سائدة ويُعمَل بها كل يوم دون استثناء، ويجب أن تكون هي الموجهة للقرارات على المستوى المؤسسي والتنظيمي. أن الثقافات الراقية تكرس العادات اليومية، مثل منح الأولوية القصوى للموظفين، وتفهمهم وتحفيزهم وتمكين أفراد الفريق في العمل وفي حياتهم الشخصية. ربما الأهم من ذلك كله، بناء الثقافات الراقية، على أساس الفكرة التي تعتبر أن الموظفين يبذلون قصارى جهدهم عندما تنعكس مميزاتهم الشخصية، على ما يفعلونه من أجل العيش، وفي المكان الذي ينجزون فيه ذلك.
_____________________________________
المقال مترجم عن: الرابط التالي